الأحد، 22 ديسمبر 2024 02:44 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

هل تصبح  "كورونا "  بداية لعالم جديد؟

الأحد، 12 أبريل 2020 09:59 ص

على مر التاريخ كان هناك صراع دائم بين الحضارات المختلفه للسيادة على العالم وضعفت إمبراطوريات و قويت أخرى و دائما ما كان الصراع يحسم و يعلن المنتصر في أعقاب حدث عالمي جلل يكون بمثابة علامة فارقة بين عهدين مختلفين.

في العالم القديم كان هذا الحدث يكون حرب عسكرية كبيرة بين القوى المتصارعة على سبيل المثال: انتصار الفراعنة بقيادة أحمس على الهكسوس و بداية الدولة الوسطى - غزو الأسكندر لمصر و أفول الحضارة الفرعونية لصالح الحضارة الهيلينية - فتح القسطنطينية و انهيار الأمبراطورية الرومانية و بزوغ الأمبراطورية العثمانية - الحرب العالمية الثانية و أفول الامبراطوريات التقليدية انجلترا و فرنسا لحساب قوى عالمية جديدة ممثلة في أمريكا و الاتحاد السوفيتي.

أما في العصر الحالي و بعد ظهور أسلحة الدمار الشامل أصبح من غير الممكن أن ينتقل العالم من نظام إلى آخر و أن تتغير موازين القوى من خلال حروب كما كان سابقاً لما يعني ذلك من دمار شامل للبشرية ككل فبدأت مؤشرات لتغير موازين القوي من خلال احداث عالمية غير عسكرية تقوم أساساً على رفض داخلي للشعوب تؤدي إلى انهيار للنظام داخل إحدى القوى العظمى وانجذاب العالم إلى نموذج آخر أثبت نجاحه لتكون القوى المعبرة عن هذا النموذج هي ذات النفوذ الأعلى للسيطرة على النظام العالمي ونقيس على ذلك انهيار المعسكر الشرقي الشيوعي لصالح المفهوم الرأسمالي الغربي و بالتالي بدء السيطرة المنفردة لهذا المعسكر بقيادة الولايات المتحدة علي موازين القوي العالمية.

وقبل أن نبدأ في استشراف المستقبل و إجابة التساؤل هل وباء الكورونا ممكن أن يكون الحدث العالمي الجديد الذي يؤدي إلى تغيير موازين القوى في العالم و يكون إشارة البدء لخلق نظام عالمي جديد فلابد أن نحدد أولا ما هي معالم النظام العالمي الحالي الذي ولد من رحم انهيار المعسكر الشرقي الشيوعي بعد قرابة النصف قرن من الحرب الباردة.

فملامح النظام العالمي الحالي بين:

١- نظام حكم سياسي ديمقراطي يعتمد على تعددية حزبية يختار فيها الشعب مباشرة من يحكمه و يتنافس فيها السياسيين بشراسة للحصول على كرسي الحكم باستخدام كافة الأساليب الممكنة أخلاقية كانت أم لا .

2- أقتصاد رأسمالي حر يعتمد على منافسة شرسة أدت لظهور تكتلات اقتصادية تسمى بالشركات متعددة الجنسيات تتعدى ميزانياتها و أرباحها و قيمها السوقية الميزانيات والناتج القومي للعديد من بلاد العالم و تضخم ثروات عدد لا يزيد عن ١٪ من سكان العالم و اتساع الفجوة بينهم وبين أفراد و دول العالم.

3- سباق محموم لتطوير الصناعات العسكرية وزيادة الإنفاق العسكري و حصولهم على نصيب الأسد من ميزانيات البحث العلمي على حساب بنود أخرى كالتعليم والصحة، وتكون عمليات الإنفاق مدفوعة بالأرباح الهائلة التى تحققها الشركات العملاقة المسيطرة على تلك الصناعات والتى تؤثر بدورها على صناع القرار في الدول العظمى ومن ثم النظام العالمي.

4- العولمة هي السمة الأساسية للنظام العالمي مدفوعة بالتطور التكنولوجي الهائل في مجال الاتصالات مما جعل العالم كله يتحول إلى قرية

5- التوسع المضطرد في مساحة الحريات الفردية و المطالبة بالمزيد من الحقوق حتى لو كانت تنتقص من حقوق المجتمع و المصلحى العامة

6- تكون تكتلات عالمية بقيادة القوى العالمية المسيطرة مثل الاتحاد الأوروبي- منظمة التجارة العالمية و الأقليمية- مجموعة الـ G 7 و G 20 - حلف الأطلنطي - و غيرها

و في تحليلنا لأزمة فيروس كورونا و تقييم اداء دول العالم المختلفة نجد أن أضعفهم أداء هم أقطاب النظام العالمي الحالي وعلى رأسهم الولايات المتحدة و أوروبا الغربية وإذا درسنا الأسباب سنجدها تكمن في ملامح و أسس النظام العالمي الحالي مما يعني أن هذا النظام في طريقه للانهيار، ولكن حدوث ذلك لابد أن تكون هناك ملامح لنظام جديد يولد ليحل محل النظام العالمى الحالى الذى شاخ وأثبت عجزه فى مواجهة تلك الأزمة، و تكون ملامح النظام الجديد هي نفسها عوامل نجاح دول أخرى في التعامل مع الأزمة و في حالة تحقق ذلك هنا فقط نستطيع القول أن وباء الكورونا سيكون علامة فارقة أسهمت في ولادة نظام جديد بأقطاب جديدة..

فهل فعلا يعد هذا التحليل صحيحا، هذا ما سوف نعرفه فى المقال التالي من خلال دراسة أسباب الفشل في مواجهة الأزمة و أسباب نجاح الآخرين.