العقارات ما بعد كورونا
يستجيب القطاع العقارى للمتغيرات والمؤثرات المحيطة به ويتفاعل معها، ومن هنا يجب على العاملين فى هذا القطاع من مطورين ومسوقين وفرق المبيعات وغيرهم من المهن المرتبطة، دراسة هذه المتغيرات جيدًا والاعتماد عليها فى صياغة خططهم المستقبلية والتحلى بالمرونة فى تعديل الخطط الحالية بما يضمن استيعاب رغبات عملاء القطاع، خاصة أن الفترة المقبلة تشهد اندفاع الطلب المتراكم طوال فترة الأزمة، ما يحدث انطلاقة هائلة فى القطاع تمثل فرصة ذهبية يتحسر عليها من لم يكن مستعدًا لها.
بالنظر للتغيرات التى أحدثها فيروس كورونا وتداعياته، سنجد اختلافات جوهرية فى نوعية الطلب على العقار، فمن المتوقع أن تساهم الثقافة المكتسبة من تداعيات الفيروس فى توجيه دفة الطلب نحو المساحات المتوسطة والكبيرة فى الوحدات السكنية، بعد أن كان الطلب أغلبه على المساحات الصغيرة بالكومباوند، وستتولد الرغبة بوجود غرفة مكتب؛ تحسبًا للعمل من المنزل، كما أن فترة التواجد فى المنزل مع الأسرة أكبر، ما يعيد للأذهان نفس نوعية الطلب على العقار فى عشرينيات القرن الماضى.
كما ستشهد الفترة المقبلة زيادة ثِقل بعض المعايير المتحكمة فى اختيار الوحدة السكنية، مثل هل هى بحرى أم لا؟ وهل تدخلها أشعة الشمس؟ فى إطار زيادة اهتمام الأفراد بالسكن الصحى، كما أن الطلب سيرتفع بقوة نحو الوحدات الجاهزة للتسليم أو التى قاربت على التسليم، مقابل ابتعاد عن المشروعات التى سيتم تسليمها بعد فترة.
أما بالنسبة لشريحة العقارات التجارية والإدارية والخدمية، ستشهد هى الأخرى اختلافات عدة، أبرزها زيادة الطلب على المساحات الأصغر، خاصة بعد تجربة تخفيض العمالة إلى 50%، فمن كان يحتاج مساحة 2000 متر أصبح حاليًا يكتفى بـ1000 متر فقط، ما يفرض على مطورى العقارات التجارية التعامل معه بمرونة وإنتاج وحدات أقل مساحة تلبى التغير فى رغبات العملاء.
تغيرات أخرى ستحدث فور انتهاء الأزمة، تتمثل فى دخول نوعية جديدة من العملاء، وهم العملاء الأجانب، فيما يعرف بـ«تصدير العقار»؛ لأن التعامل الأمثل لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى فى التعامل مع أزمة كورونا جذب أنظار العالم إلى مصر، وأصبح العديد من الأفراد الأجانب ينتظرون عودة الرحلات الجوية للانتقال والعيش فى مصر، ما يحدث زيادة فى تصدير العقار للأجانب، خاصة بعد تهيئة المناخ التشريعى من قوانين ولوائح تنفيذية تشجع الأجنبى.
ولعل ارتفاع عمليات التصدير العقارى ستزيد من الأموال الأجنبية بالقطاع العقارى، وهو العامل الأكثر تأثيرًا فى تنشيط القطاع وإحداث طفرات سعرية، ولنا فى تجربة مزاد 2007 دليل، عندما دخلت شركات عربية للسوق المصرية، وما صاحب ذلك من نقلة نوعية بمنحنى القطاع، الأمر الذى يقضى تمامًا على من يدعى بحدوث انخفاض فى أسعار العقارات الفترة المقبلة.
رئيس التحرير: بدور إبراهيم