الأحد، 22 ديسمبر 2024 10:11 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

نحو تنظيم القطاع العقاري

الثلاثاء، 11 أغسطس 2020 10:57 م

يمتلك القطاع العقاري حاليًّا فرصة مثالية لتصحيح أوضاعه وتنظيم أموره للتغلب على بعض العقبات التي كانت تعرقل مسيرته، لا سيما في ظل الانطلاقة المرتقبة له بعد التحرر النسبي من الآثار السلبية للفيروس المستجد وبدء تعافي مؤشرات الاقتصاد ورواج القطاعات الاستثمارية.

ولتنظيم القطاع العقاري يجب العمل على محورين رئيسيين: الأول يتعلق بالمطوِّر والمستثمر العقاري، والثاني يختص بالعميل العقاري، فالعلاقة بينهما يجب أن تكون مبنية على التكامل وحفظ حقوق كل طرف بما يضمن علاقة صحية تعكس قوة القطاع العقاري.

ولعل المحور الأول الخاص بالمطوِّر يحتاج إلى سلسلة من المقالات، ولذا سنركز هنا على المحور الثاني المتعلق بالعميل، فيجب ضمان حقوقه كاملة في الحصول على الوحدة وفق المواصفات المتفق عليها في التعاقد، خاصة فيما يتعلق بالمساحات، فالعميل قد يتعاقد على وحدة سكنية مساحتها 200 متر وعند التسلُّم يجدها تقل بكثير عن ذلك، ويعود ذلك لعدم وجود آلية ثابتة لحساب المساحة الصافية للوحدة، ويجب في هذا الإطار تحديد المساحة الصافية للوحدة في رخصة البناء، بما يضمن التزام المطوِّر بتنفيذ الوحدات بالمساحات المعلنة والمتعاقد عليها مع العملاء.

كما أن العميل هو الآخر يتحمل مسؤولية الحفاظ على حقوقه، وذلك من خلال قيامه بتسجيل وحدته بالشهر العقاري بما يضمن عدم وجود أي تلاعب في أوراق الملكية أو أي نزاعات تتعلق بالوحدة، ويجب على الدولة في هذا الصدد العمل على اتجاهين: الأول توعية المواطنين بأهمية تسجيل وحداتهم، والثاني تبسيط إجراءات الشهر العقاري واختصارها لتكون على غرار نقل ملكية السيارات من خلال شهادة بيانات ورخصة خاصة بالسيارة، ليكون هناك شهادة بيانات خاصة بالعقار.

وتشمل دائرة حقوق العميل أيضًا حقه في استثمار وحدته بالكيفية التي تناسب أوضاعه وإمكاناته، ومن ضمن هذه الآليات تأجير وحدته دون خوف من رفض المستأجر ترك الوحدة بعد انتهاء مدة الإيجار مستغلًّا في ذلك أساليب خارجة على القانون، ويمكن تحقيق ذلك من خلال قيام الدولة بإنشاء مكتب توثيق تكون مهمته أن يَدخل طرفًا ثالثًا في عقود الإيجار لتكون علاقة ثلاثية أطرافها المالك والمستأجر والجهة الإدارية، ويكون هناك رسم توثيق، وليكن 100 جنيه، ويتم تحرير ثلاث نسخ من العقد لكلٍّ منهم، ويتم تسلُّم الإيجارات من خلال حساب بنكي منصوص عليه في التعاقد، وهو ما يضمن خروج المستأجر من الوحدة بنهاية مدة العقد دون اللجوء إلى القضاء والمحاكم، على أن تختص الشرطة بتمكين مالك الوحدة من وحدته.

ولمكتب توثيق الإيجارات هذا إيجابيات عدة، فوجوده يضمن حصول الدولة على حقوقها الضريبية نظير الإيجار، علاوة على إنشاء قاعدة معلومات عن المالك والمستأجر وبيانات بطاقتيهما الرسميتين يمكن للدولة الاستفادة منها في العديد من الأغراض الأخرى، كما أنه سيشجع العديد من المواطنين على تأجير وحداتهم بما يعمل على محاربة ظاهرة الوحدات المغلقة.

كما يمكن توفير المسكن الملائم للمواطن من خلال دعم فائدة التمويل العقاري وليس دعم مشروعات الإسكان، فإذا تم توفير المسكن بفائدة 3% أو 4% فقط وعلى أجل سداد يصل إلى 30 عامًا فسيتمكن غالبية المواطنين من تملك الوحدات الخاصة بهم، فالقسط الشهري حينها سيكون بمثابة إيجار، ويمكن أن يكون القسط التمويلي المسدد تصاعديًّا.

كما أن للمنظومة العقارية أبعادًا أخرى يجب مراعاتها لضمان تنظيم القطاع، ولعل خطوة وقف تراخيص البناء في بعض المحافظات مثال على ذلك لما تحققه من حفاظ على الثروة العقارية وتوجيه دفة الاستثمارات نحو تنمية المدن الجديدة وتطويرها، ومن ضمن هذه الأبعاد أيضًا الجزئية المتعلقة بعمل المكاتب الاستشارية، وتم بالفعل مؤخرًا فتح مناقشات واسعة خلال اجتماع مع لجنة الإسكان بمجلس النواب حول دور هذه المكاتب ووجوب تمكين المكاتب الاستشارية من إصدار رخص البناء وتصنيفها وفقًا لفئات (أ، ب، ج)، على أن تكون معايير التصنيف وفقًا لعدد المهندسين ودرجاتهم العلمية وخبراتهم وسابقة الأعمال، ويتم محاسبة هذا المكتب في حال حدوث أي مخالفات بناء، ويتم ذلك بالتوازي مع تقليل الاعتماد على الإدارات الهندسية للأحياء لما يشوب كثيرًا منها من شبهات الفساد.

عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس شركة بيتا إيجيبت