المطوِّرون في الأرض
تُعدُّ مهنة التطوير العقاري أحد أقدم المهن على وجه الأرض، ويقاس عمرها بعمر الإنسان على الأرض، وذلك حين ربطها الله سبحانه وتعالى بإنشاء الإنسان في الأرض، حيث قال في جزء من محكم آياته: «هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا»، أي أمرَكم بعمارة الأرض، وهذه هي مهنتنا، مهنة التطوير العقاري.
وعلى طول الزمان وحتى وقتنا هذا تعتبر هذه المهنة -بعد الطب- هي الأكثر إنسانية، فمجال عمل مهنة التطوير يرتبط بضرورات الحياة الأساسية، سواء السكن أو العمل أو التعلم أو العلاج أو الترفيه، وكلها مهام تلبِّيها مهنة التطوير العقاري التي تُنشئ المساكن والمستشفيات والمدارس والمصانع والمباني الإدارية والتجارية وغيرها، وبالتالي فمهنة التطوير تلعب دورًا محوريًّا في مساعدة الإنسان على تأدية واجباته الحياتية في هدوء نفسي وبشكل مثالي.
ونظرًا لأهمية هذه المهنة فقد كان يعمل بها كل أصناف البشر باختلاف مهنهم الرئيسية بجانب عملهم الأصلي، وذلك حتى استقرت كمهنة مستقلة لها أشخاص متخصصون ومحترفون في النصف الثاني من القرن الماضي، ومنذ هذا الوقت بدأت ملامح المهنة في الوضوح والتطور والنمو إلى وقتنا هذا.
وبالنسبة لمصر، فعلى الرغم من امتلاك القطاع المصري أجيالًا متعاقبة من المطوِّرين العقاريين، فإن المهنة لا تزال تحتاج إلى مزيد من التنظيم والتطوير، فنجد المطوِّر العقاري حتى الآن يلعب العديد من الأدوار، منها المموِّل والمقاول والمسوِّق، وكلها تخصصات مرتبطة لكنها ليست من مهام المطوِّر، فالمطوِّر هو المبدع صاحب الرؤية الذي يدير كل هذه المنظومة ليُخرج منها منشآت وفراغات تلائم كل احتياجات التشغيل في راحة وبكفاءة تامة.
ومن هنا بدأنا النظر في كيفية تنظيم المهنة وتطويرها لصالح المجتمع الإنساني أولًا، وهو ما سيعمل على دعم الدولة والمطوِّر في آنٍ واحد، فيجب إحداث التكامل بين الأطراف الفاعلة لضمان الارتقاء بمستوى القطاع ككل.
أما عن أفكار تنظيم مهنة التطوير العقاري وآلياتها فهي عديدة، وتحتاج كل فكرة منها إلى مقال منفصل لمزيد من الشرح والتوضيح.
على الرغم من امتلاك القطاع المصري أجيالًا متعاقبة من المطوِّرين العقاريين، فإن المهنة لا تزال تحتاج إلى مزيد من التنظيم والتطوير