بعد أن وصلت إلى 12,5%.. العمولات الكبرى والـكاش باك يثيران بلبلة بالقطاع العقارى
يمثل قطاع التسويق العقاري أحد الأضلاع الهامة في منظومة القطاع التي تعتمد عليها الشركات لنجاح المشروعات وفقًا للقاعدة الرئيسية بأن تحقيق أعلى المبيعات هو الترجمة لمدى نجاح المشروع وقدرته على الوصول إلى أكبر قاعدة من العملاء المستهدفين.
خبراء التسويق العقاري: العميل والقطاع متضرران.. ولا بد من آليات رقابية على المطورين والمسوقين
ومع تنافس الشركات العقارية وتعدد المشروعات المطروحة بدأت بعض الشركات في وضع عمولات كبيرة ومستحدثة على القطاع العقاري تصل إلى 12,5% للمسوقين بغرض تحريك عملية البيع، وهو الأمر الذي أثار بلبلة في السوق بالنظر إلى كيفية تحقيق الشركات أرباحًا في ظل تلك العمولات الكبرى.
محمد سعدة: تُحمَّل على سعر الوحدة.. ومهنة التسويق هدفها الرئيسي تقديم خدمة للعميل والمطورين
قال محمد سعدة -نائب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة لشركة «كولدويل بانكر مصر»- إن العمولات الكبرى التي تصل إلى 12,5% ظاهرة غير صحية؛ فالعمولات المتعارف عليها هي بين 2% و4%، بينما العمولات الكبرى غير مدروسة، وبالتأكيد تُحمَّل على سعر الوحدة السكنية ويدفعها العميل، مشيرًا إلى إسهام تلك العمولات في خلق حالة من البلبلة في السوق العقارية في الفترة الأخيرة.
وأوضح أن شركات التسويق العقاري الجادة هدفها الرئيسي هو تقديم خدمة للعميل والمطورين، وقد تؤدي تلك العمولات الكبرى إلى دخول شركات غير جادة لا تقدم قيمة للقطاع وهدفها فقط تحقيق أرباح سريعة بما يضر بالسوق العقارية.
وأشار إلى أن شركات التطوير العقاري التي تقوم بوضع عمولات كبرى ستتأثر من ناحية السيولة، وسينعكس ذلك على معدلات التنفيذ والإنجاز بالمشروعات.
أشرف الصافوري: ستفرز دخلاء على السوق وتثير حربًا بين المسوقين وفرق المبيعات بالشركات
وأكد أشرف الصافوري -الرئيس التنفيذي للقطاع التجاري بشركة «ذا لاند ديفلوبرز»- أن تلك العمولة التي وضعتها شركات تعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة إذا تم النظر إليها فسنجد أن شركة التطوير ستقوم بدفع ما لا يقل عن 15% عمولات للمسوقين فقط، بواقع 12,5% للمسوق الخارجي، وما لا يقل عن 3% لفريق التسويق والمبيعات الداخلي بالشركة، وهي نسبة كبيرة للغاية في حين أن هامش الربح المتعارف عليه في ضوء المتغيرات الأخيرة بالسوق وزيادة المشروعات المطروحة لا يصل إلى تلك النسبة.
وأضاف أن تلك العمولات تثير بلبلة في السوق وحربًا شرسة داخلية بين المسوقين؛ ففي المقابل قام المسوقون بوضع نظام الـ»كاش باك» للعملاء، وإذا قمنا بتحليل أضرار ذلك النظام بمثال فسنجد أنه إذا كانت شركة التطوير تبيع المتر التجاري بسعر من 13 إلى 15 ألف جنيه فالعميل بدلًا من الذهاب للشراء من الشركة مباشرة عبر فريق مبيعاتها سيبحث عن المسوق الذي يقدم له خصمًا لا يقل عن 3% بموجب الـ»كاش باك»، وبالتالي سيتم الإضرار بحصيلة المبيعات المستهدفة من الشركات.
ولفت إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد دخول أفراد غير مالكين لخبرات أو رغبة في الاستمرار وفي تقديم خدمة للسوق إلى العمل كمسوقين عقاريين بالنظر إلى العمولات الكبرى التي يتم منحها.وأوضح أن لجوء الشركات إلى المسوقين العقاريين هو إحدى الآليات لتحقيق مبيعات، وهناك آليات أخرى يتم الاعتماد عليها كالـ»أون لاين» والإعلانات وغيرها، وستسهم أساليب الـ»كاش باك» في تفضيل العملاء التعامل مع المسوقين فقط، وبالتالي عدم جدوى الآليات التسويقية الأخرى واعتبارها بمثابة تكاليف زائدة.
أحمد الدسوقي: الشركات الجادة تفضل التعامل مع مطورين ذوي رؤية والحصول على عمولة متوازنة
وقال أحمد الدسوقي -رئيس مجلس إدارة شركة «نيو أفنيو» للتسويق والاستثمار العقاري- إن العميل هو المتضرر الأكبر من تحديد شركات عقارية عمولات كبرى للمسوقين، حيث سيتم تحميل تلك المصروفات على سعر الوحدة، وهو ما سيضر أيضًا بالمبيعات للشركات على الأجل الطويل.
وأوضح أن الأفضل وضع عمولات طبيعية ومدروسة مع تقليل الأسعار، وسيسهم ذلك في تحريك القطاع العقاري وفي أن يعمل الجميع من شركات ومسوقين ومستثمرين بشكل جيد.
وتابع: «شركات التسويق العقاري الجادة ستفضل التعاقد مع شركة ذات رؤية وجدية وسابقة أعمال مقابل عمولة متوازنة على شركة تقدم عمولة تصل إلى 12,5%، وذلك للحفاظ على المصداقية والعلاقة القوية مع العملاء».
ولفت إلى أن السنوات الماضية شهدت وجود دخلاء على مهنة التسويق العقاري، وهو ما أضر بالسوق ككل، وتلك العمولات ستزيد من ذلك الأمر في ضوء استمرار عدم وجود كيان منظم للمهنة وضوابط لمزاولة النشاط.
وأشار إلى أنه بالنظر إلى شركات التسويق العقاري الجادة نجد أنها تعمل وفقًا للضوابط والمعايير، فهي تمتلك مقرًّا إداريًّا وتلتزم بدفع ضرائب وتأمينات لصالح الدولة، وفي النهاية تتساوى بغير الجادين الذين لا يمتلكون مقرًّا ولا يتحملون الرسوم المتعارف عليها، مشيرًا إلى أهمية تنظيم قطاع التسويق العقاري، خاصة مع الطفرة العمرانية التي تشهدها البلاد.
محمد عبد الحافظ: تجعل المسوق شريكًا في هامش الربح بنسبة بين 25% و30%
وقال محمد عبد الحافظ -رئيس القطاع التجاري بالشركة «السعودية المصرية» للتعمير- إن التسويق العقاري يحتاج إلى آليات رقابية وجهة مسؤولة لتنظيم عمل الشركات وتنقية السوق من الشركات غير الجادة وإلزام الشركات بعقود موحدة مع وضع معايير للشركات التي ترغب في العمل بتلك المهنة التي تمثل جزءًا هامًّا للغاية من منظومة القطاع العقاري.
وأشار إلى أن القطاع يحتاج أيضًا إلى ضوابط لعمل شركات التطوير العقاري، حيث شهدت الفترة الماضية قيام شركات بتقديم عروض لعمولات المسوقين غير منطقية تصل إلى 10% و12% من قيمة الوحدة في حين أن النسبة الطبيعية المتعارف عليها كعمولة للمسوق لا تتخطى 2,5%.
وأوضح أن منح المسوق تلك النسبة يجعله شريكًا في هامش ربح الشركة بنسبة بين 25% و30% دون أن يقوم بدفع رأسمال أو تحمُّل أي مخاطرة.
ولفت إلى أن تلك العمولات المحددة في مشروعات في العاصمة الإدارية الجديدة تضر بالقطاع ككل والمبيعات في المدن الأخرى وتجعل المسوق العقاري يقوم بتوجيه العميل للشراء في العاصمة الإدارية فقط لتحقيق أعلى عمولة.
وأشار إلى أهمية التنسيق بين شركات التطوير العقاري الكبرى والجادة لتحديد عمولات للمسوقين ثابتة لا تتخطى الحدود المتعارف عليها والاعتماد بصورة كبرى على فريق المبيعات الداخلي بالشركة لحين تنظيم القطاع ككل وتنقيته من الشركات غير الجادة.
محمد إبراهيم: لا بد من منهجية وأسس علمية لمهنة التسويق
وأكد المهندس محمد إبراهيم -مدير إدارة التسويق والمبيعات بشركة «المقاولون العرب» للاستثمارات- أن السوق المصرية تعاني من افتقاد منهجية وأسس علمية لمهنة التسويق العقاري التي تعد أحد أطراف المنظومة والتي دونها لا يحقق القطاع المبيعات المنشودة.
وأشار إلى أن التسويق العقاري في مصر قائم على مهارة المسوق فقط ودون أسس علمية، لافتًا إلى مطالبته في وقت سابق في إحدى الجامعات بإدراج قواعد التسويق وأسسه ضمن المحتوى التعليمي للطلاب.
وأوضح أن التسويق باختصار هو إنتاج ما يمكن بيعه، وبالتالي لا يعد المشروع الذي قام بتنفيذه المطور العقاري -حتى وإن كان تم التنفيذ على أعلى مستوى- «ناجحًا» إلا بعد إنهاء عملية البيع والتسويق.
وأوضح أن السوق العقارية عانت من تحديات عديدة بدءًا من التعويم وارتفاع الأسعار مرورًا بجائحة كورونا، وستسهم المبادرة الجديدة في تخطي التحديات وعودة الانتعاش.
وشدد على أن الاهتمام بخدمات ما بعد البيع وإدارة المشروعات أصبح ضرورة ملحة ولا غنى عنها في القطاع، مشيرًا إلى أن العميل يعد أضعف طرف في المنظومة العقارية، وبالتالي يجب التركيز على تلبية احتياجاته، خاصة بعد تسلم الوحدات.
وأوضح أن قانون اتحاد الشاغلين لم يحل أزمة الصيانة، ففي النهاية يتم انتخاب أفراد لإدارة المنظومة، وبالتالي يجب إدخال تعديلات بحيث يتم إلزام العمارات والكومباوندات بالتعاقد مع شركات متخصصة للإدارة والصيانة وخدمات ما بعد البيع.