وزير الاقتصاد التونسي: 35 مليون دولار حجم الاستثمارات التونسية في مصر بنهاية 2019
قال وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار التونسي على الكعلي، إن تونس ومصر تجمعهما علاقات أخوية عريقة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي علاقات تستند إلى آليات تعاون عديدة ومتنوعة، مشيرا إلى أن آفاق حجم التبادلات التجارية وحجم الاستثمارات تبقى واعدة والنتائج قابلة للتطور، بالرغم من أن حجمها بين البلدين الشقيقين دون الطموحات والإمكانيات المتاحة.
وأوضح وزير الاقتصاد التونسي -في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس- أنه على المستوى التجاري، بلغت صادرات تونس إلى مصر عام 2019 قرابة 60 مليون دولار، في حين سجلت الواردات ما يناهز 500 مليون دولار، أما الاستثمارات المصرية في تونس فقد بلغت حوالي 2.5 مليون دولار، والاستثمارات التونسية في مصر بلغ حجمها قرابة 35 مليون دولار بنهاية عام 2019، وهي استثمارات تنشط في جملة من القطاعات على غرار قطاع الخدمات والسياحة والصناعات الغذائية والاتصالات وغيرها.
وأشار الوزير التونسي إلى أن انتماء تونس ومصر إلى عدة مناطق إقليمية، سواء على المستوى العربي أو الإفريقي أو الأورومتوسطي، يعد من العوامل الهامة التي تساعد على تعزيز التعاون القائم خدمة للمصالح المشتركة.
ولفت الكعلي إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين تنظمها العديد من الاتفاقيات والأطر القانونية، من بينها 18 اتفاقا في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، من أبرزها اتفاق التبادل الحر الموقع سنة 1998، اتفاق "أغادير" الموقع بين مصر وتونس والمغرب والأردن سنة 2004 (الذي يمنح إعفاءات كاملة بين الدول الأعضاء)، بالإضافة إلى اتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى الموقع سنة 2005.
وفيما يخص العقبات التي تحد من تنامي التبادل والاستثمار بين البلدين، أوضح الوزير أن أحد أهم العقبات -حسب اعتقاده- هو نقص المعلومات والمعطيات لدى المعنيين في كلا البلدين، مؤكدا أنه يتعين على الجميع العمل على إعطاء الدفع الضروري للارتقاء بهذا التعاون، وهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أرفع مما هو عليه في الوقت الراهن.
وأوضح وزير الاقتصاد التونسي أن النتائج المسجلة تظل دون الطموحات والإمكانيات والإرادة السياسية التي تحدو الجانبين، وهو ما يتطلب بذل جهود أكبر لتذليل الصعوبات وتجاوز العقبات عبر تكثيف اللقاءات والمشاورات بين هياكل المساندة والدعم، وكذلك القطاع الخاص، في كل من تونس ومصر باعتباره القاطرة الأساسية لدفع العلاقات الاقتصادية والشراكة بين البلدين الشقيقين.
ودعا إلى استغلال الفرص الكبيرة المتوفرة سواء على الصعيد الثنائي، أو في إطار شراكات مثمرة على الصعيد الإقليمي، خاصة في اتجاه البلدان الإفريقية التي تمثل اليوم سوقا واعدة.
وبسؤاله عن تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد التونسي وعلى الاستثمار في تونس، قال الكعلي إن تونس، كسائر دول العالم تأثرت بسبب الأزمة الصحية العالمية غير المسبوقة، بالرغم من الإسراع في اعتماد إجراءات وقائية لاحتواء انتشار الفيروس والمحافظة قدر الإمكان على الأرواح البشرية، إلى جانب إقرار جملة من الإجراءات لمساندة القطاعات المتضررة والفئات الاجتماعية الهشة.
وأضاف أنه على الرغم من كل هذه الجهود، تسببت الجائحة في كلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة بسبب تداعيات الحجر الصحي، والغلق الشامل، والتباعد الاجتماعي، حيث انخفض النمو الاقتصادي التونسي إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عقود (-8.8%).
وكشف الوزير أن جائحة (كوفيد-19) أدت إلى ارتفاع معدل البطالة في تونس إلى حدود %17.4 خلال الثلاثي الرابع من عام 2020، بسبب فقدان فرص العمل خاصة لدى الفئات الهشة.
أما فيما يخص مستوى التضخم، قال وزير الاقتصاد التونسي إن تراجع الطلب الداخلي، وانخفاض أسعار المحروقات أسهما في التحكم في تطور الأسعار في حدود %5.6 عام 2020، وفي المقابل أدى تراجع المبادلات التجارية مع الخارج إلى تقلص العجز التجاري وذلك بالرغم من الانخفاض الحاد للعائدات السياحية.
وبالنسبة لميزانية الدولة التونسية، قال الكعلي إن الجائحة تسببت في تعميق الأزمة المالية العمومية، بسبب الأثر المزدوج لتراجع العائدات الضريبية بفعل انكماش النشاط الاقتصادي من جهة، وارتفاع النفقات كنتيجة للإجراءات التي تم اتخاذها لمجابهة تداعيات الجائحة الصحية من جهة أخرى، حيث ينتظر أن يبلغ عجز الميزانية 10% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020.
وأضاف الوزير أنه على مستوى الاستثمار بعنصريه "الحكومي والخاص"، فقد تأثر بدوره جراء الأزمة الصحية وتداعيات الحجر الصحي الشامل والموجه، وهنا تم التركيز على المحافظة قدر الإمكان على نفس حجم الاستثمارات العمومية مع الإسراع في إنجاز المشاريع المتواصلة رغم اشتداد الضغوط المسلطة على المالية العمومية.
أما بالنسبة للاستثمار الخاص، أشار إلى أنه تم العمل على توفير الإحاطة اللازمة ومساندة المؤسسات المتضررة من الجائحة، وخاصة منها المؤسسات الصغرى والمتوسطة من أجل ضمان استمرار نشاطها والمحافظة على مواطن العمل فيها.
وأكد أن انطلاق ونجاح حملة التطعيم سيكون لها أثر إيجابي على آفاق تطور الاقتصاد التونسي، خاصة على مستوى النشاط السياحي، وكذلك على القطاعات الحيوية في البلاد التي تضررت من تداعيات أزمة (كوفيد-19)، والتي تستوعب طاقات تشغيلية عالية.
وذكر الكعلي أنه من المتوقع أن تشهد تونس تحسنا ملحوظا على مستوى إنتاج النفط والغاز، والذي يتأكد من خلال النتائج المسجلة خلال الثلاثي الأول من هذا العام ، وينتظر أن تشهد تونس في سنة 2021 استرجاعا تدريجيا للنشاط الاقتصادي، وأن تكون نسبة النمو في حدود 4%، فيما تبقى هذه التوقعات الإيجابية مرتبطة بتطور الأوضاع الصحية في تونس والعالم أيضا، خاصة في ضوء بروز سلالات جديدة للفيروس في الوقت الراهن.
وشدد الوزير على أن المرحلتين الراهنة والقادمة تستوجبان تنفيذ إصلاحات كبرى في تونس ذات بعد اقتصادي واجتماعي، وهي إصلاحات من شأنها أن تسهم في تعزيز قدرة الاقتصاد التونسي على مجابهة التحديات القائمة والرفع من القدرات الإنتاجية.
وفي هذا الصدد، قال الوزير إن أهمية هذه الإصلاحات تكمن في توفير مناخ أعمال محفز يكرس مبدأ حرية الاستثمار والمنافسة، وفي الحد من البيروقراطية، كما ستركز هذه الإصلاحات على تحقيق الانتقال الرقمي والطاقي، إلى جانب مراجعة منظومة الدعم بما يمكن من توجيهها إلى مستحقيها، مع تكريس حوكمة أكثر فاعلية للمؤسسات الحكومية وتحسين أداء المرفق الحكومي.
وأوضح وزير الاقتصاد التونسي أنه من أولويات الإصلاحات خلال الفترة القادمة الاهتمام بالفئات الفقيرة والعائلات منخفضة الدخل، مشيرا إلى تلازم البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي في المسار الإصلاحي.