الإثنين 13 مايو 2024 الموافق 05 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
اقتصاد

بعد مشاهد الطوابير اليومية على المحطات.. لبنان يرفع الدعم عن الوقود

الأربعاء 30/يونيو/2021 - 03:46 ص
بعد مشاهد الطوابير
بعد مشاهد الطوابير اليومية على المحطات.. لبنان يرفع الدعم عن

بعد مشاهد الطوابير اليومية على المحطات- التي استمرت لأكثر من شهر، رفع لبنان أسعار المحروقات بنسبة تجاوزت 30%، في خطوة تأتي في إطار رفع الدعم جزئيًا عن الوقود- بالتزامن مع نضوب احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي.

 

وتزامنًا مع شحّ مادة البنزين، وانقطاع الأدوية مع عدم قدرة المستشفيات على تأمين استمراريتها وسط نقص في المواد الأساسية، اعتُمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت- لم تستثنِ حتى المستشفى الأساسي الذي بدأ باستقبال مرضى كوفيد-19، فيما تراجعت تدريجيًا قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار بسبب نقص الفيول- لتصل ساعات التقنين يوميًا إلى 22 ساعة.

 

تهريب الوقود مستمر

 

يستنزف الدعم على الوقود 55% من حجم الدعم الذي يؤمنه مصرف لبنان، في بلد لا ينتج سلعًا أو مواد تدر عليه عملات صعبة.

 

ولن يتوقف تهريب الوقود إلى سوريا بفعل عاملين. أولا الفرق الكبير في السعر، حيث سعر صفيحة البنزين في لبنان مع الزيادة الأخيرة بات 60 ألف ليرة أي لا يتجاوز 3.5 دولار وفق سعر السوق الموازية- ووفقا لسعر الصرف الرسمي الذي ما زال عند 1500 ليرة يصل إلى 40.6 دولار) رغم الزيادة الكبيرة البالغة 16 ألف ليرة الثلاثاء، والتي توازي بالفعل نحو دولار أميركي واحد.

وتمّ تداول سعر صرف الدولار في بيروت اليوم بين 16.400 و17 ألف ليرة، بعدما كان وصل إلى 18 ألف ليرة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

 

 

اضطر اللبنانيون للانتظار بطوابير بهدف الحصول على البنزين. (مصدر الصورة: AFP)

 

أمّا في الجارة سوريا، التي تعاني بدورها من أزمة نقدية ومن مفاعيل العقوبات بموجب قانون قيصر الأميركي الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن سعر الصفيحة يساوي 20 دولارًا، أي أنه قياسا بسعر صرف العملة اللبنانية على سعر صرف اليوم في السوق السوداء، لا يقل عن 340 ألف ليرة، وهذا "فرق كبير وكافٍ لاستمرار التهريب".

 

وتنشط عصابات تهريب المواد التي تدعمها الحكومة اللبنانية بفعل الانهيار الاقتصادي بين البلدين، والذي بلغت كلفته نحو 6 مليارات دولار العام الماضي، نصفها صرف على المحروقات، والتي تقلّص احتياطيات المصرف المركزي من العملات الصعبة، علما أنّ الاحتياطيات الخاصة بمصرف لبنان قد نفذت ويتم اللجوء حاليا إلى الأموال المتبقيّة والبالغة قيمتها الإجمالية نحو 14 مليار دولار، وهي عبارة عن احتياطي الودائع في المصارف.

 

طبع العملة تجاوز 40 تريليون ليرة

 

وفي هذا السياق أوضح الخبير المصرفي وليد أبو سليمان، أن إجمالي السيولة بالليرة اللبنانية التي تمّ ضخّها إلى الأسواق من دون تغطية بالدولار، كان يبلغ 30 تريليون ليرة مع نهاية 2020، وقد تجاوزت الكتلة النقدية حاليا 40 تريليون ليرة لبنانية، وهذا أحد أبرز الأسباب لهبوط سعر الصرف.

 

وأشار أبو سليمان إلى التعميم 158 الصادر عم مصرف لبنان المركزي، الذي قضى بدفع 400 دولار نقدًا للمودعين، بالإضافة إلى 400 أخرى على سعر المنصة الجديدة، جعل المصارف "تتهافت لشراء الدولار من السوق"، وعلى الرغم من عدم تهميش فكرة التلاعب المقصود بسعر الصرف "إلا أن كل هذه أمور تدفع سعر الصرف نحو المزيد من الهبوط".

 

كما رأى أن المركزي لم يعد قادرا على الاستمرار بالدعم، وكذلك هو غير قادر على ضبط السوق. مضيفا: "سيتبع مصرف لبنان السوق السوداء كما كان أصلا في الفترة السابقة، وهو لا يستطيع ضبطها. والدليل على ذلك هو المنصة التي قامت بتسعير سعر صرف الدولار عند 12 ألف ليرة مقابل الدولار"، وستكون مجبرة على رفعه".

 

الحل بيد مصرف لبنان

 

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي والمصرفي نيكولا شيخاني في اتصال مع فوربس الشرق الأوسط أنّ الحل يبدأ عند اعتماد مصرف لبنان خطة إنقاذية بناءً على المادة 70 من قانون النقد والتسليف- الذي يحمّل المركزي مسؤولية حماية استقرار العملة المحلية، وحماية القطاع المصرفي بالإضافة إلى حماية الاقتصاد".

 

أضاف شيخاني: "أنا أؤيد المضي بعد ذلك باعتماد نظام مجلس النقد أو Currency Board، في توجّه لتثبيت سعر الصرف الرسمي- وقد يجبر الدولة على القيام بإصلاحات، لأنها المسؤولة الأولى عن تدهور الأوضاع".

 

جمعية المصارف "متحجّرة"

 

في الموازاة، جرت اليوم انتخابات لمجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، التي أعادت انتخاب رئيس بنك بيروت سليم صفير رئيسا لها. وعلّق صفير بعد انتخابه على وضوع احتجاز الودائع بالقول إن الدولة هي التي تحتجز الأموال عبر قرارِها عدم دفع ديونها وليس المصارف.

 

وفي هذا السياق، لفت رئيس مجموعة FFA Private Bank جان رياشي الذي كان مرشحا للانتخابات مع رياض عبجي (بنك بيمو)، من خارج اللائحة لعضوية مجلس إدارة الجمعية جمعية المصارف اللبنانية، في اتصال مع فوربس الشرق الأوسط أنّ "نهج الجمعية متحجّر ومجلس الإدارة يجدد لنفسه منذ أكثر من 20 عامًا"، أضف إلى ذلك "المدوارة على أساس طائفي"، والأهم من ذلك وهو المأخذ الأساسي يخص "أداء الجمعية في السنوات العشر الماضية".

 

تابع: "الجمعية وقفت إلى جانب المصرف المركزي والسلطة، عل الرغم من أنه كان بوسعها التدخل قبل سقوط البلاد.. هي دعمت الاستهلاك الفردي، ورفعت الفوائد وقضت على الافتصاد المحلي".. وهي أوصلتنا إلى "الكسل والانهيار".

اقتصاد لبنان معطل منذ سنوات

 

شدد جان رياشي، على أن سعر صرف الليرة اللبنانية كان يجب تحريره منذ العام 2011 أو في 2013 "كحد أقصى".

 

وأضاف أن لبنان لم يكن يومًا "طبيعيًا.. كان معطلا والتجار والصناعيين ومعهم الاقتصاد ككل كان معطلًا.. كل ما في الأمر أن الجميع اتكلوا على الودائع".. لافتا إلى أنهم "ربطوا استقرار الوضع الاقتصادي بوجود هذه الودائع".

وأوضح أيضًا أن "الدعم لليرة اللبنانية موجود منذ سنوات.. لا أفهم كيف يقولون بأنهم يرفعون الدعم اليوم.. كان بدل تقاعد الضابط في لبنان ضعف تقاعد الضابط الفرنسي".

 

مجلس النقد

 

نظام مجلس النقد أو Currency Board المطروح، تعطى من خلاله إدارة سعر الصرف وعرض النقود إلى سلطة نقدية تتخذ قرارات بشأن تقييم عملة الدولة. أي أنه سلطة نقدية تسعى لضبط سعر العملة- عبر تأمين تغطية نقدية بالعملات الأجنبية في مقابل العملة المحلية.

 

ردّ جان رياشي على سؤال حول تطبيق نظام Currency Board المطروح منذ فترة على طاولة الحلول، قائلًا بأنه "مستحيل أن يكون حلًا"، مضيفًا "كيف يمكن أن تعتمد نظامًا كهذا في بلدٍ يعتمد عدّة أسعار للصرف، وبالتالي على أي سعر سيكون التطبيق؟ وعلى أي أساس سيعتمد السعر لو حصل ذلك؟".

 

من جهته، يرى أبو سليمان أن المعركة الكبيرة لعودة أموال المودعين هي "أن يطالب الجميع بتوزيع الخسائر بطريقة عادلة.. أي أن تتحمل المصارف والمساهمين فيها، والمصرف المركزي بالإضافة إلى المسؤولين السياسيين والحكومات المتعاقبة" مسؤولية الخسائر، متابعًا بأن "هذه الجهات هي من موّلت الدولة من أموال المودعين".