المستقبل للجادين.. ولا عزاء لمتسلقى العقارات
يهدف المطور العقاري الجاد إلى تقديم منتج يلبي احتياجات شريحة كبيرة من العملاء ويحقق طموحهم، كما أنه يعمل جنبًا إلى جنب مع الدولة لتحقيق التنمية المنشودة، فلا يركز المطور الجاد صاحب الرسالة والرؤية على المكسب السريع، بل يهدف إلى خلق قيمة مضافة، وقد شهدت الآونة الأخيرة دخول شركات لا تمتلك تلك الرؤية والخبرات وتهدف فقط إلى تحقيق مكاسب دون النظر إلى القيمة المقدمة، الأمر الذي كان من الممكن أن يضر بالسوق والعملاء، مما دفع الدولة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة ضبط السوق وتنظيمها.
فبالتزامن مع اهتمام الدولة -بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي- بالقطاع العقاري كأحد القطاعات الهامة الدافعة للاقتصاد والعديد من الصناعات المرتبطة، جاءت القرارات والتوجيهات المتلاحقة التي أصدرها الرئيس السيسي والتي تهدف جميعها إلى ضبط القطاع العقاري وتنظيمه وحماية المواطنين.
فمن ضمن التكليفات والتوجيهات الرئاسية التي تم إصدارها مؤخرًا إلزام مطوري الساحل الشمالي بإثبات امتلاك 30% من إجمالي قيمة المشروع تحت الإنشاء كرصيد بنكي قبل الإعلان عن المشروع وبيعه، والغرض من ذلك القرار حماية المواطنين ودفع التنمية في سواحل مصر، خاصة أن هناك شركات كانت تبيع من سنوات ولم تقم بتنفيذ أي أعمال في مشروعاتها.
وأبعاد ذلك القرار ستحفز الشركات على الجدية وتغير نظرة بعضها إلى التباهي بحجم المبيعات وكأنه معيار النجاح، فالمعيار الحقيقي للمطور الناجح هو الإنجاز على أرض الواقع وتحقيق التنمية التي تنشدها الدولة وحماية مصالح المواطنين بتسليم الوحدات في التوقيتات المحددة وبأعلى مستوى من الجودة.
والتوجيه الرئاسي الثاني الخاص بمنع المطورين من البيع إلا بعد تنفيذ 30% من المشروع خطوة أيضًا لحماية حقوق المواطنين وتنظيم السوق، وننتظر اللائحة التنفيذية للقرار، وقد يحتاج تطبيقه إلى بعض الآليات لعدم الإضرار بالشركات وحجم عمالتها، خاصة في ضوء أزمة نقص السيولة التي تعاني منها غالبية الشركات، فمن الممكن أن يطبق بصورة تدريجية على المشروعات الجديدة، وذلك لضمان استمرارية الشركات الجادة التي يعمل بها عشرات ومئات وآلاف من العمالة.
وفي ضوء ذلك القرار من الممكن تطبيق استراتيجية متبعة في العديد من الدول، وهي «escrow account» أو «حسابات الضمان»، ومن خلالها يقوم المطور بفتح حساب بنكي باسم المشروع، ويتم فيه توريد كل المبالغ المحصلة من العملاء، ويتم توجيه المبالغ إلى عمليات التنفيذ، ومن خلال تلك الآلية نضمن عدم قيام المطور بتوجيه أموال المشروع إلى مشروعات أخرى ونقلل حدوث فرص التعثر بما يضمن حقوق العميل، وقد تكون تلك الآلية بديلًا مناسبًا في التوقيت الحالي عن تنفيذ 30% من المشروع قبل البيع، وهو ما يعوق عملية التسويق والمبيعات نظرًا لأن المرحلة الأولى من مشروعات القطاع الخاص تخضع لرأي العميل وذوقه ومتطلباته.
واستكمالًا للحديث عن حساب الضمان فنحتاج إلى تأهيل للبنية الأساسية للبنوك بخلق إدارات مختصة بالقطاع العقاري تتولى متابعة سير العمل بالمشروعات وتشرف على التنفيذ والتحصيل وإدارة التسويق والمبيعات لمتابعة المطورين.
قرار آخر تجب الإشارة إليه، وهو ضم تبعية هيئة التنمية السياحية إلى وزارة الإسكان، وهو قرار هام للغاية في عملية توحيد الجهات المسؤولة عن التنمية العمرانية، ولن يضر ذلك المشروعات السياحية؛ فالهيئة انتقلت بكامل إداراتها إلى الوزارة، والقرار يساهم في إحداث التنمية والتطوير المستدام في إطار سياسات وزارة الإسكان التي تهدف إلى خلق مجتمعات وقرى تعمل طوال العام، فالوزارة تهتم بتوفير الخدمات التي تحقق الإعاشة مثل الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية، وهو ما حدث في الساحل الشمالي الآن، وإذا كنا عبرنا عن أمانينا العام الماضي بعمل الساحل الشمالي 12 شهرًا، فالآن بعد قرار ضم التنمية السياحية ستعمل سواحل مصر بالكامل طوال السنة.
وأخيرًا نؤكد مما سبق أن جميع القرارات التي تتخذها الدولة هدفها الرئيسي هو تنظيم السوق وحماية المواطنين.. والبقاء للمطور الجاد.