جدل جديد بالقطاع العقاري بعد توجيهات الرئيس السيسي بمنع البيع قبل تنفيذ 30% من المشروعات
تولي الدولة والقيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا بالقطاع العقاري كأحد القطاعات الاقتصادية الهامة التي تدفع بمعدلات النمو وترتبط بالعديد من الصناعات وتساهم في تشغيل ملايين الأيادي العاملة. ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم الإعلان عن تسويق أي مشروعات عقارية إلا بعد الانتهاء من بناء 30% من المشروع، وذلك لضمان حقوق الحاجزين وجدية المطورين، وأكد الرئيس أنه لوحظ أن البعض يقوم ببيع وحدات سكنية في الوقت الذي لم يتم فيه البدء في بناء هذه الوحدات، مشيرًا إلى أن دور الدولة هو دور تنظيمي للحفاظ على أموال المواطنين وتوفير مناخ استثماري آمن.
وعلى الرغم من الجدل الذي أثاره توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي فإن العاملين في القطاع أكدوا مساهمته في إبراز حرص الدولة على تنظيم القطاع وتحفيز الشركات الجادة.
قرار إيجابي
د.أيمن عاشور: خطوة لضبط السوق تحتاج إلى البلورة في قانون التطوير العقاري
وقال الدكتور أيمن عاشور -الاستشاري وأستاذ العمارة والتخطيط ونائب وزير التعليم العالي- إن توجيهات السيد الرئيس خطوة ممتازة لضبط القطاع العقاري في التوقيت الذي يشهد طفرة إنشائية وزيادة في عدد الشركات العاملة في السوق ولتحفيز المطور العقاري الجاد.
وأشار إلى أن تلك الخطوة تحتاج إلى البلورة في إطار قانون التطوير العقاري الذي يعد أحد المطالب الهامة في التوقيت الحالي وتتم مناقشته في مجلس النواب، وسيساعد بصورة كلية في تنظيم القطاع وتصنيف الشركات وفقًا لسابقة أعمالها وخبراتها وملاءتها المالية، وكذلك تنقية السوق من غير الجادين، بما يضمن حقوق العميل ويساهم في تحقيق خطة الدولة التنموية.
وأوضح أن توجيهات الرئيس السيسي تهدف إلى حماية المواطنين من الشركات غير الجادة التي تقوم ببيع أجزاء كبيرة من المشروعات دون البدء في الإنشاءات، مشيرًا إلى أنه على الشركات العقارية وضع دراسات سليمة للمشروعات لضمان تنفيذ مشروعات تتلاءم مع احتياجات السوق، خاصة أنها ستقوم بالبناء قبل التسويق.
علاء فكري: يمكن تحديد مهلة انتقالية عام أو عامين قبل التطبيق
فيما أكد المهندس علاء فكري -رئيس شركة «بيتا إيجيبت للتنمية العمرانية»- أن توجيهات السيد الرئيس هي لتصحيح السوق وتنظيمها، متابعًا: «ننتظر اللائحة التنفيذية وآليات العمل، فبالتأكيد لن تتم المساواة بين مشروع من 5 عمارات وآخر على 5000 فدان ومشروعات المدن المتكاملة والشراكة».
وأوضح أنه لا بد من توضيح ما إن كان سيتم العمل بتلك التوجيهات على جميع المشروعات الجديدة أم الجاري تنفيذها، فهناك مشروعات تم وضع دراسات تسويقية وبيعية على الوضع الحالي لها، وهو التسويق قبل التنفيذ، وتطبيق توجيهات الرئيس السيسي بعدم التسويق إلا بعد تنفيذ 30% منها يربك حساباتها.
وأضاف فكري أنه من الممكن دراسة تطبيق بعض الآليات لتخفيف آثار ذلك القرار، منها منح مهلة انتقالية نحو عام أو عامين قبل التطبيق بشكل نهائي، وذلك لإتاحة فرص للشركات لترتيب أوراقها، أو تطبيق القرار تدريجيًّا بحيث يتم إلزام المطور في المرحلة الأولى بعدم البيع إلا بعد تنفيذ 10% من المشروع، وفي المرحلة الثانية بعد تنفيذ 20% من المشروع، وهكذا، بما يضمن حق العميل وحقوق الدولة في تحقيق المطورين للتنمية المنشودة، وكذلك التغلب على مشكلات نقص السيولة للمطور.
وأوضح أن من الممكن تطبيق آليات بديلة تضمن أيضًا حق العميل، مثل حسابات الضمان البنكية.
التطبيق والتحديات
نهاد عادل: نحتاج إلى إيضاح الفكرة وآليات التنفيذ
ومن جانبه قال نهاد عادل -رئيس مجلس إدارة KVRD- إن التطبيق يحتاج إلى مزيد من الوقت لإيضاح الفكرة التي أرادها الرئيس من ذلك، ويكون على وزارة الإسكان القيام بتلك المهمة وتأهيل السوق لذلك.
ويتوقع أن هناك محادثات لا تزال تجري بين الجهات المختصة بخصوص هذا القرار، بحيث يتم تطبيقه على نحو سليم، مبينًا أنه من الممكن أن يتم تطبيق هذا على أصحاب المشروعات الجديدة وفقًا للضوابط التي سيتم تحديدها والإعلان عنها.
وفسر: «تنويه الرئيس يتعلق بوضع ضوابط تنظم العلاقة بين المطورين العقاريين والمشترين»، منوهًا بأن حركة التنمية والتعمير التي تشهدها مصر حاليًّا غير مسبوقة.
وأشار إلى أن الدول الأخرى تنفذ فكرة «حساب الضمان» في المشروعات العقارية، وهو ما يضمن حقوق العملاء بوضع جميع الأموال في حساب بنكي مشروط، مبينًا أن هذا النظام يضمن سرعة إنجاز المشروعات وعدم توقفها وحفظ حقوق المشتري.
استشارى: الواقع العملي يصعب التطبيق.. فالاحتياجات متغيرة وقد تقوم الشركة بتنفيذ وحدات لا تتناسب مع رغبة العميل
وقال رئيس أحد المكاتب الاستشارية رفض ذكر اسمه: إن الدولة المصرية تتخذ في الآونة الأخيرة العديد من الإجراءات التي من شأنها دفع الاستثمارات بالقطاع العقاري وتحفيز المطورين الجادين. وأشار إلى أن الواقع العملي من حيث طبيعة السوق العقارية واحتياجات العملاء المتغيرة يصعب تطبيق ذلك القرار بالنظر إلى المخاطرة الشديدة التي قد تسبب خسائر للمطور في حال أن تم تنفيذ 30% من المشروع وطرحها للبيع ولم يحدث إقبال من العملاء نظرًا لعدم مناسبة مواصفات الوحدات المنفذة لاحتياجات العميل في توقيت الطرح.
وتابع: «عندما تقوم الشركات بالطرح على الماكيت قبل التنفيذ فإن ذلك يتيح لها فرصة التعرف على احتياجات العملاء، فإذا كانت ملائمة للفكر الذي قامت بالاعتماد عليه في تصميم المشروع من حيث المساحات والخدمات والتشطيبات تقوم بالتنفيذ على ذلك دون إجراء تعديلات على التصميمات، بينما إن وجدت أن مطالب العملاء تختلف عن التصميم فستقوم بإجراء التعديلات المناسبة». وأشار إلى أنه في حال تنفيذ 30% من المشروع فمن الصعب إجراء تعديل على الوحدات بعد بنائها، وكذلك يتطلب بناء المراحل الجديدة إجراء تعديلات على القرار الوزاري والرسومات، وهو أمر معقد للغاية.
وأوضح أن أزمة فيروس كورونا -على سبيل المثال- كان لها تأثير العام الماضي في تغيير متطلبات العملاء، فأصبح الطلب على الوحدات السكنية بدلًا من الفيلات لعدم رغبة العميل في وضع كامل السيولة المالية المتاحة لديه في فيلا، وبالتالي تم تعديل العديد من مخططات المشروعات لتنفيذ عمارات. ولفت إلى وجود عائق آخر أمام تنفيذ ذلك القرار، وهو مشكلة نقص السيولة التي تعاني منها غالبية الشركات العقارية، فلن نجد شركات عديدة قادرة على تنفيذ 30% من إنشاءات المشروعات دون تحصيل مقدمات من العملاء.
وأوضح أن هناك حلولًا أخرى يمكن اللجوء إليها لحفظ حقوق العميل والتأكد من جدية الشركات، وهي دراسة سابقة أعمال الشركة وهيكل مساهميها وملاءتها المالية، وذلك قبل منح أراضٍ لها، وهو إجراء يتم بالفعل، وكذلك تشديد الرقابة على الشركات لمنع البيع قبل الحصول على قرار وزاري للمشروع، بالإضافة إلى إلزام المطور بحساب ضمان في البنوك لتغطية المبالغ المدفوعة للعملاء أو استكمال المشروع حال التعثر.