الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
اقتصاد

ما هي حلول "المركزي" لدعم أدوات الدين في مواجهة توقعات ارتفاع الفائدة الأمريكية؟

الأحد 12/سبتمبر/2021 - 07:17 م
أصول مصر

أدت خطوات الإصلاح الاقتصادي في مصر، واستقرار المؤشرات الاقتصادية في ظل جائحة كورونا في جذب وتدفق استثمارات “حيازات الأجانب” والتي ارتفعت في السندات وأذون الخزانة المصرية إلى 33 مليار دولار أمريكي في أغسطس مقابل 29 مليار دولار أمريكي في مايو.

وفي ظل هذا الانتعاش، قد تواجه استثمارات ـ حيازة الأجانب ـ من أدوات الدين المصرية مخاطر توقعات ارتفاع الفائدة الأمريكية التي تجذب عادة السيولة من الأسواق وترفع تكلفة التمويل بهذه الأسواق.

وفي هذا الصدد، قال خبراء مصرفيون لـ"أصول مصر" إن اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الى رفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي خلال المرحلة المقبلة، مما قد يحدث اثارا سلبية على أسواق أدوات الدين للاقتصادات الناشئة ومن بينها مصر من خلال سحب بعض الاستثمارات و توجيهها الى السوق الأمريكي.

واكدوا أن استمرار مصر في انتهاج نفس رؤيتها في ملف ادوات الدين وحتى إذا حدث ارتفاع في الفائدة الأمريكية فلن نشهد نزوح كبير من مصر ، ويمكن النظر هنا إلى وضع العائد المقرر تقديمه مستقبلًا.

الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية شهدت ارتفاعًا متواصلًا

 

 

قال محمد البيه، الخبير المصرفي، إن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني نشرت تقريرًا حديثًا أظهر أن استثمارات الأجانب في أذون وسندات الحكومة المصرية بالعملة المحلية ارتفعت إلى 33 مليار دولار، في أوائل أغسطس الماضي.

وأوضح التقرير أن الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية شهدت ارتفاعًا متواصلًا، بعد أن تراجعت إلى 10 مليارات دولار في يونيو 2020، وأن المستوى الجديد الذي بلغته يعتبر أعلى من ذروة ما قبل الجائحة التي بلغت حوالي 28 مليار دولار في فبراير 2020.

وقال: أتوقع في ذات الاطار استقرار الاستثمارات الأجنبية مع اتجاهها للصعود التدريجي خلال الفترة المقبلة، بخاصة بعد دخول مصر مؤشر جي بي مورغان للسندات، علما بأن أسباب تلك التدفقات تتخطى مجرد فكرة ارتفاع العائد على أدوات الدين، و يأتي أحد أهم العوامل في توقعاتنا بمزيد من استثمارات الأجانب في أدوات الدين هو وضوح خطوات الاصلاح الاقتصادي، وعدم وجود ضغوط على العملة المصرية. 

وذكر أننا نجد أيضًا أن استقرار المؤشرات الاقتصادية المصرية خلال جائحة كورونا و نجاح البنك المركزي المصري في السيطرة على معدلات التضخم خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي داعما كبيرا لتوقعاتنا بزيادة تلك الاستثمارات.

وأوضح "البيه" أنه بالنسبة لارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية في مصر، والذي يحتل المرتبة الثانية بعد فيتنام من بين أكثر من 50 اقتصاداً رئيسياً تتبعها بلومبرغ، بالإضافة إلى عوائد بنسبة 1.7% منذ نهاية ديسمبر، فأرى أن ارتفاع ذلك العائد يعد عاملا اضافيا لجذب الاستثمارات الأجنبية خاصة عندما نقارنه مع متوسط انخفاض بنسبة 2.6% عبر الأسواق الناشئة، وفقاً لمؤشرات وكالة بلومبرغ باركليز.

تسوية الديون المحلية

وأشار إلي أن وزارة المالية المصرية تهدف إلى تسوية ديونها المحلية من قبل Euroclear Bank في وقت لاحق من هذا العام، حيث استوفت متطلبات إدراج أوراقها النقدية في مؤشر السندات الحكومية التابع لشركة جي بي مورغان للأسواق الناشئة، والتي تجذب الاستثمارات من الصناديق السلبية التي تتبع المؤشرات.

كما تحرز الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي المصري تقدماً في خطط خفض تكاليف الاقتراض من خلال مد متوسط اجال استحقاق ديونها. 

وتجب الاشارة الى ان نسبة صافي إصدارات السندات ارتفعت إلى 110% من الطروحات المحلية بنهاية فبراير، متجاوزة الهدف البالغ 80% الذي أرادت الدولة بلوغه بحلول يونيو.

وبناء على ذلك التحليل، وفي اطار التوقعات الخاصة باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الى رفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي خلال المرحلة المقبلة، مما قد يحدث اثارا سلبية على أسواق أدوات الدين للاقتصادات الناشئة ومن بينها مصر من خلال سحب بعض الاستثمارات و توجيهها الى السوق الأمريكي، فيجب تحليل ذلك الاتجاه من خلال عاملين مهمين:

العامل الأول:

التصنيف الائتماني للدولة و الذي يعد أحد أهم العوامل لتحديد مخاطر تدفق الاستثمار الأجنبي خاصة في اطار أن جهات الاستثمار تحرص على توزيع المخاطر بالشكل الذي يحقق أعلى عائد بأقل مخاطر ممكنة.

العامل الثاني:

الاستراتيجية التي ينتهجها البنك المركزي المصري في رسم السياسة النقدية للدولة.

وبالنسبة للعامل الأول، فقد أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني في شهر أغسطس الماضي تثبيت التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى "B2" مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد المصري. 

وفي تقريرها، أشادت الوكالة الدولية باستمرار جهود الحكومة المصرية في استهداف خفض عجز الموازنة العامة خلال العام المالي الحالي (2021 -2022) إلى نحو 6.7 في المئة من الناتج المحلي مع استمرار تحقيق فائض أولي يبلغ نحو 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن خلال ذلك، نرى أن التأثر الذي قد يحدث للاستثمارات الأجنبية نتيجة الارتفاع المحتمل للفائدة على الدولار الأمريكي هو تأثر مؤقت تستطيع الحكومة المصرية التعامل معه من خلال السياسة المرنة لتحديد أسعار أدوات الدين و كذا من خلال اصدار سندات بأسعار جاذبة بالعملة الأجنبية.

وبالنسبة للعامل الثاني، فالحفاظ على الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين المصرية والعمل على زيادتها يعد من العوامل المهمة في رسم صورة إيجابية عن استقرار سوق الصرف في مصر، والسياسة النقدية، ويحفز على دخول الاستثمارات المباشرة.

وانتهج البنك المركزي المصري خلال الفترة الماضية سياسة تثبيت أسعار الفائدة لتجنب حدوث أي خروج من الاستثمارات غير المباشرة في أذون وسندات الخزانة.

وتجب الاشارة الى أن خفض المركزي لأسعار الفائدة خلال العام الماضي لم ينعكس على أسعار أذون وسندات الخزانة المصرية بالتراجع، و هو ما يؤكد تعاون الحكومة و البنك المركزي في الحفاظ على معدلات الاستثمار الخارجية في أدوات الدين.

ومن جانبه، قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن استثمارات - حيازة الأجانب - من أدوات الدين المصرية ارتفعت إلى 33 مليار دولار أمريكي في أغسطس مقابل 29 مليار دولار أمريكي في مايو، وترجع هذه الزيادة إلى أن مصر من أعلى الأسواق الناشئة التي تمنح سعر فائدة حقيقي.

اندفاع  المستثمرين الأجانب إلى خارج الأسواق

 

 

وأضاف "أبو الفتوح" أنه مع ذلك يظل احتمال رفع الفائدة على الدولار الأمريكي عامل حاسم في مصير سوق تجارة الديون في الأسواق الناشئة ومنها مصر ما يهدد باندفاع  المستثمرين الأجانب إلى خارج الأسواق، إذ أن الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ربما يبدأ في تقليص برنامج التحفيز في ضوء بوادر التعافي للاقتصاد الأمريكي غير أن السيطرة على التضخم الذي أخذ مسار هبوطي رغم ارتفاعه بنسبة ضئيلة مؤخرا، يجعل  مصر في وضع أفضل نسبيا في حالة ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية.

وأشار إلي أن مصر عانت بالفعل من سيناريو خروج الأموال الساخنة في فترة سابقة  بقيمة تزيد عن 20 مليار دولار في الأعوام 2013 و 2018 و مع بداية انتشار جائحة فيروس كورونا في مارس 2020، ولكن عادت نسبة كبيرة من تلك الاستثمارات تدريجيا ، ومع التطور في السياسات المالية حول العالم وإدارة |أسعار الفائدة من البنوك المركزية ، تراقب لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري التطورات وتأخذ بعين الاعتبار أثر تلك المحددات على قرار تحديد أسعار الفائدة.

مصر تقدم "عائد".. الأفضل في العالم

وفي سياق متصل، قال خالد الشافعي الخبير المصرفي، اعتقد أن مصر لا تزال تقدم عائد هو الأفضل في العالم والمستقبل في ادوات الدين الحكومية، مؤكدًا استمرار مصر في انتهاج نفس رؤيتها في ملف ادوات الدين وحتى إذا حدث ارتفاع في الفائدة الأمريكية فلن نشهد نزوح كبير من مصر ، ويمكن النظر هنا إلى وضع العائد المقرر تقديمه مستقبلًا.

 

 

وأضاف "الشافعي" أن إمكانية انتهاج حلول بديلة سيكون بيد البنك المركزي والمالية المصرية وفق ما تقتضيه الضرورة، ولا اتوقع رفع كبير للفائدة في أمريكا خاصة عدم التخلي عن برنامج التيسير النقدي الذى تقدمه الادارة الامريكية حاليًا.

وأوضح أن فكرة البدائل أمام المركزي ستكون وفق التطورات الخاصة بسعر الفائدة سواء امريكا او في الاسواق الناشئة الأخرى التى تضاهي أو تقدم عائد قريب من العائد الذي تقدمه مصر.

يتوقع "الشافعي"، استمرار الطلب المرتفع على ادوات الدين المصرية خلال الفترة المقبلة، ومصر ستحافظ على صدارة الأسواق الناشئة في جذب مستثمري ادوات الدين.

انتعاش السياحة 

وعلي صعيد متصل، قالت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سى، عن عوامل تدفع إلى تثبيت سعر الفائدة من قبل البنك المركزي في اجتماعه القادم: إنه "نعتقد أيضًا أن انتعاش إيرادات العملات الأجنبية من السياحة بعد استئناف الرحلات الروسية إلى منتجعات البحر الأحمر في مصر قد تسبب في تخفيف ضغوط أسعار الفائدة على الجنيه. 

في الوقت الحالي، نتوقع ان حركة أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة الأخرى ستحدد وتيرة الانخفاضات المستقبلية في عوائد أدوات الدين المصرية".

وأضافت أن تركيا تقدم - حاليا- نسبة 19% على سندات الخزانة أجل العام واحد، وبالتالي عائدًا حقيقيًا يبلغ 5.45% نظرًا (باحتساب صفر% ضرائب وتوقعات بلومبرج للتضخم التركي عند 13.4% لعام 2022)، مقارنةً بالعائد الحقيقي في مصر البالغ 3.0% (باحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين وتوقعاتنا للتضخم عند 8% تقريبا لعام 2022)، كما أن - وفقا لبيانات البنك المركزي المصري- يبلغ معدل اقتراض الشركات حاليًا حوالي 9.4%، في حين أن معدل الاقتراض الخالي من المخاطر بعد خصم الضرائب يبلغ حوالي 10.4%.