الأحد، 22 ديسمبر 2024 07:13 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
اقتصاد

الظلام يهدد أوروبا.. تراجع احتياطي الغاز إلى 75% وأزمة طاقة تاريخية

الإثنين، 20 سبتمبر 2021 11:01 م
تعبيرية
تعبيرية

ظلام دامس يهدد عدة مدن أوروبية.. بحلول الشتاء المقبل سوف يزداد الأمر سوءا.. قد يلجأ بعض المواطنون لاستخدام مولدات الديزل الشخصية ولا عزاء لقوانين البيئة وصراخ "المناخ".

تحذير شديد اللهجة أطلقته وكالة "بلومبرج" الاقتصادية الأوروبية، اليوم الاثنين، من تناقص رهيب في معدلات إنتاج الطاقة بالقارة العجوز، بينما تواصل أسعار الغاز والكهرباء الارتفاع، في حين هدأت توربينات الهواء بسبب نقص الرياح.

دول أوروبية، وفي القرن الواحد والعشرين، أعادت اليوم استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وقدمت اقتراحات لاستخدام مولدات الديزل للتوليد الشخصي، ومع ذلك لا يبدو أن النفط سيكون الحل لمشاكل الطاقة في القارة الأوروبية.

تقول الوكالة: "عند مرحلة ما من تداولات الأسبوع الماضي، تجاوزت أسعار الغاز في السوق الأوروبي 970 دولارا لكل ألف متر مكعب، وهو مستوى غير مسبوق على الإطلاق. هدأت الأسعار قليلا بعد ذلك لكنها ظلت قرب مستويات مرتفعة قياسيا، بحسب البيانات التي أعلنتها وكالة سبوتنيك الروسية".

تشجع أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة على استبدال الوقود، الأمر الذي يمكن أن يعزز الطلب على النفط، وفقا لجيف كوري، الرئيس العالمي لأبحاث السلع الأساسية في بنك "جولدمان ساكس".

على الرغم من أن هذا صحيح على المستوى العالمي، إلا أنه قد لا يوفر الكثير من الراحة للمستهلكين الأوروبيين، الذين ليس لديهم مجال كبير لتحويل المولدات من الغاز إلى الوقود السائل.

أوروبا في أزمة

في ظاهر الأمر، تمتلك أوروبا مزيجا متنوعا جيدا من توليد الكهرباء، مع كميات صحية من الغاز والفحم والطاقة المائية والنووية ونسبة كبيرة من الطاقة تأتي من مصادر متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، ولكن عن قرب ستجد تسلسل هرمي واضح لمصادر الوقود عندما يتعلق الأمر بتوليد الطاقة، والتي تختلف من بلد إلى آخر، لكن يلعب الغاز دورا محوريا في بعض أكبر أسواق الكهرباء في القارة.

مثلا يشكل الغاز المصدر الأول للطاقة بمقدار 173.5 ميجاوات يليه الفحم بنحو 155.6 ميجاوات ثم الطاقة الكهرومائية بمقدار 145.1 ميجاوات ورابعا يأتي المصدر النووي بمقدار 121.1 ميجاوات، يله الرياح والشمس بمقدار 63.9 و30.7 ميجاوات على التوالي.. النفط في المركز السابع بمقدار 29.3 ميجاوات.

وفي بعض الحالات، يوفر الغاز نسبة كبيرة من إمدادات الكهرباء الأساسية، وفي حالات أخرى، تجعل مرونة المحطات التي تعمل بالغاز وتشغيلها وإيقافها مثالية لتوفير الطاقة خلال فترات ذروة الحمل، أو لملء الفجوات عندما لا تقدم المصادر الأخرى بالقدر المتوقع.

ويعتبر الغاز أيضا مصدرا رئيسيا للوقود للتدفئة المنزلية في دول مثل المملكة المتحدة، حيث يتم توصيل 85% من المنازل بشبكة الغاز، ولكن المشكلة الرئيسية الآن هي أن الغاز غير متوفر في أوروبا.

شتاء مظلم

ومع اقتراب فصل الشتاء، يبلغ مخزون القارة من الغاز الطبيعي 75% من المستوى الذي كان عليه في هذا الوقت من العام الماضي -وهو أدنى مستوى في مثل هذه الفترة من العام منذ 2013-، ما يرفع الأسعار ويؤجج المخاوف بشأن النقص وانقطاع التيار الكهربائي خلال الفترة القادمة الشهور، وتكمن مجموعة مؤسفة من العوامل وراء انخفاض مستويات المخزون.

أسباب الأزمة

أولا، كان الشتاء الماضي طويلا، حيث امتد الطقس البارد حتى أبريل،ومنع بدء إعادة بناء المخزونات مبكرا.

ثانيا، الطلب على الغاز آخذ في الارتفاع مع تعافي الاقتصادات من الوباء، وهناك حاجة إلى مزيد من الغاز لتعزيز الإنتاج، في حين أن العودة إلى المكاتب وإعادة فتح قطاع الترفيه يعزز الطلب على الكهرباء.

ثالثا، تكافح المصادر المتجددة لتوليد الطاقة، حيث تقلل سرعات الرياح المنخفضة كمية الكهرباء من المولدة من التوربينات، وهذه مشكلة خاصة بالنسبة للمملكة المتحدة، حيث تمثل الرياح ما يقرب من ربع قدرة التوليد.

وقد أدى الحريق الذي أغلق أحد خطوط الإمداد بالكهرباء الرئيسية من فرنسا إلى زيادة الضغط على توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز في البلاد.

وانخفضت الإمدادات الهولندية والبريطانية في عام 2020 بنسبة 75% و 65% على التوالي من الذروة التي وصلت إليها قبل 20 عاما على الأقل. دخل إنتاج النرويج عامه الرابع من التراجع.

الدب الروسي

الواردات لم تعوض النقص حتى الآن، وتعتمد أوروبا على إمدادات الأنابيب من روسيا للحصول على أكثر من نصف غازها المستورد، وصممت العقود مع شركة "غازبروم" لتلبية الاحتياجات العادية للقارة، وليس لتلبية الاحتياجات الإضافية المطلوبة لإعادة بناء المخزونات المستنفدة.

في نفس الوقت لم تكن روسيا في عجلة من أمرها لإيصال غاز إضافي إلى أوروبا عبر الطرق البرية التقليدية من خلال بيلاروسيا وبولندا وأوكرانيا، خاصة مع اكتمال خط أنابيب "نورد ستريم 2" الذي يتجاوز هذه البلدان ورغم العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ومع ذلك، فإن التعاون في مجال الطاقة ضمن أولويات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال في مقاله تزامنا مع الذكرى الثمانين للحرب الوطنية العظمى في شهر يونيو: "أكرر مرة أخرى: روسيا تؤيد استعادة شراكة شاملة مع أوروبا. لدينا العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وهي الأمن والاستقرار الاستراتيجي، والرعاية الصحية والتعليم، والرقمنة، والطاقة، والثقافة، والعلوم والتكنولوجيا، والمناخ والبيئة".

وأفادت الشركة الروسية، يوم الجمعة، بأنها تقوم بتصدير الغاز إلى السوق الأوروبية بالامتثال الكامل للالتزامات التعاقدية، وأنها "تسعى جاهدة أيضا لتلبية الطلبات بإمدادات إضافية بحسب الإمكانيات المتاحة".

لكن بالعودة إلى الحديث عن الوضع الحالي والشتاء القادم، قد يبدو أيضا مشروع "نورد ستريم 2" باعثا على الأمل، لكن ذلك يتوقف على ما إذا كان سيتم تشغيله قريبا بما يكفي للتأثير على إمدادات الغاز إلى أوروبا هذا الشتاء.

ويتوقف هذا الأمر على مدى سرعة الموافقة على التشغيل من قبل الاتحاد الأوروبي كناقل مستقل، وهو ما يخلق مخاوف كبيرة من ألا تبدأ التدفقات كما هو مخطط لها في 1 أكتوبر المقبل.

لذلك من المرجح أن تظل إمدادات الغاز في أوروبا شحيحة هذا الشتاء، وعلى الرغم من أن مولدات الديزل قد تكون حلا لبعض عملاء الكهرباء الصناعية، إلا أنها لن تبقي الأنوار مضاءة أو المنازل دافئة للمواطنين الأوروبيين، ومن الأفضل أن تكون توقعات الاتحاد الأوروبي لشتاء قادم معتدل، صحيحة.