بلومبرج: صفقات ألمانيا لتوريد الطاقة من قطر لا تكفي للاستغناء عن الغاز الروسي
تلقت القاعدة الصناعية الألمانية ضربة أخرى مع نشوب الحرب الروسية على أوكرانيا بعد أن بدأت تشق طريقها نحو التعافي من آثار الجائحة وتحديات غير مسبوقة اضرت بسلاسل التوريد.
تسببت الحرب الروسية في أوكرانيا في إلحاق أضرارا جسيمة بصناعة السيارات في البلاد وبالشركات الصناعية في مجال الكيماويات والماكينات عالية الدقة.
وبحسب تقرير لوكالة بلومبرج، حذرت شركات ألمانية مثل بي.إم.دبليو و باساف وثاسينكروب من تراجع أرباحها بينما امتنعت شركات أخرى عن إيرادات توقعات.
وتسبب الصراع في دفع أسعار الطاقة لبلوغ قمم جديدة ونشوء موجة تضخمية.
وأقبل الاقتصاديون على تقليص توقعات النمو في البلاد.
وقال هربرت دايس، الرئيس التنفيذي لشركة فولكس فاجن:" لو استمرت الحرب، فإنها ستهدد بشكل جدي النظام العالمي الذي جلب الحرية والتقدم لأجزاء عديدة من العالم خلال العقود الماضية."
وأقرت الحكومة الألمانية بعمق المحنة الحالية، بينما تتوفر لديها خيارات محدودة على الصعيدين السياسي والاقتصادي بسبب تبنيها سياسة استمرت لعقود في مجال الطاقة ترتب عليها اعتماد أوروبا بشكل كثيف على الغاز والنفط الروسيين.
وحتى قبل الغزو، واجهت القاعدة الصناعية الألمانية كثيفة الطاقة تحولات حادة بفعل الاستغناء المخطط له عن الطاقة النووية والفحم، كما عانت من تكاليف للكهرباء تعد الأكثر ارتفاعا في أوروبا.
وأقبل وزير الاقتصاد روبرت هابيك على إنشاء قوة عمل لجمع البيانات من الشركات بخصوص استهلاك الغاز والكهرباء وأسعارهما وخطط الإنتاج واختناقات التوريد والاعتمادية على الطاقة الروسية.
وقال هابيك الذي أبرم الجمعة اتفاقيات لتوريد الغاز من مصادر أخرى إن ألمانيا ترغب في إنهاء استيراد الغاز من روسيا بحلول عام 2024.
وذهب هابيك إلى قطر ودولة الإمارات المتحدة مصطحبا مجموعة من المدراء التنفيذيين لشركات مثل باساف ودويتش بنك وكوميرس بنك وأر.دبليو.إي الأسبوع الماضي لتأمين شحنات من الغاز الطبيعي المسال.
لكن التحركات ليس بوسعها توفير البديل الفوري الذي تبحث عنه الشركات، مع ورود إشارات على أن الحرب ربما تتسبب في إيقاع أضرارا اقتصادية قاسية بالشركات الصناعية الألمانية المعتمدة على التصدير والتي انتعشت لسنوات بفضل الطلب الصيني وكفاءة سلاسل التوريد.
وحذر وزير المالية الألمانية كريستيان ليندر من أن ألمانيا تواجه خطر الركود التضخمي عندما يواصل التضخم الارتفاع جنبا إلى جنب مع الركود الاقتصادي.
وتحولت مجموعة من المؤشرات إلى التشاؤم في بلد يعتمد اقتصاده على قطاعه الصناعي لحد كبير. ويشكل إنتاج السلع في البلاد نسبة 22% من النشاط الاقتصادي الألماني، مقارنة بنسبة 11% في فرنسا.
وخفض معهد كيل انستتيود النظرة المستقبلية للنمو لعام 2022 لألمانيا بنصف نقطة مئوية إلى 2.1% مع ارتفاع التضخم إلى 5.8%، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ إعادة توحيد الألمانيتين عام 1990.
وواصل مؤشر للشركات الصناعية الألمانية التراجع في مارس، وهبط مسح لمناخ الأعمال في مارس بنسبة قياسية.
وعلى الرغم من هذا تدعم الشركات والرأي العام الأوسع نطاقا تشديد العقوبات على روسيا.
وتوصلت الحكومة الإئتلافية الألمانية إلى اتفاق الخميس يتيح تمرير حزمة ثانية لتخفيف أعباء تكاليف الطاقة، مما يرفع إجمالي المساعدات إلى نحو 30 مليار يورو.
وعلى الرغم من هذا، فلا تتوفر خطة متماسكة للخروج من أزمة لها تداعيات جسيمة على الاقتصاد، بحسب مسئول رفض الكشف عن اسمه.
وبحسب مسح تم بمشاركة 3,700 شركة، أوردت نسبة 78% منها تسبب الحرب في الإضرار بأعمالها، واشتكت نسبة تزيد على النصف من ارتفاع الأسعار أو من عرقلة سلاسل التوريد.
تتولى روسيا توريد ما يقرب من ثلثي الغاز الذي تحتاجه ألمانيا ونصف الفحم وثلث النفط.
وتتخوف الشركات في ألمانيا حاليا من احتمالية وقف إمدادات الطاقة الروسية، سواءا بقرار يتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو الاتحاد الأوروبي.
امتنع الاتحاد الأوروبي حتى الآن عن حظر الغاز والنفط الروسي، إقرارا منه بأن هذه الخطوة ستلحق أضرارا جسيمة بالقارة.
ويتوقع رالف ستوفلس رئيس شركة بي.آي.دبليو المنتجة للسيلكون أن شركته ستضطر لإغلاق أبوابها والتسبب بالتالي في الإضرار بشركات صناعية مثل شركات السيارات التي تعتمد على السيلكون.