كيف تم اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في الأمم المتحدة؟
تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للغة العربية في الـ 18 من ديسمبر من كل عام. ففي هذا التاريخ من عام 1973، اعتمدت الجمعية العامة اللغة العربية لغة عمل رسمية، لتكون بذلك إحدى اللغات الست التي تعمل بها الأمم المتحدة، وهي: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية .
الخطوة الأولى لاعتماد اللغة العربية
في 25 سبتمبر عام 1960، دخل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قاعة الأمم المتحدة متحدثا بعربية فصحة خلال الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي سميت بـ"دورة الرؤساء".
كانت تلك دورة متميزة، فقد حضرها قطبا الحرب الباردة، الرئيس الأمريكي دوايت ديفيد أيزنهاور والزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف، وزعماء حركة عدم الانحياز الثلاثة نهرو (الهند)، وتيتو (يوغوسلافيا)، وجمال عبد الناصر ( مصر)، وقد أصر عبد الناصر وقتها على إلقاء كلمتِه باللغة العربية.
وتعد هذه الخطوة الأولى لاعتماد اللغة العربية في الامم المتحدة في الدورة الخامسة عشر للجمعية العامة ، حينما كان داغ همرشولد أمينا عاما للأمم المتحدة ـ ثاني أمين عام للمنظمة الدولية.
وأصر الرئيس جمال عبد الناصر على إلقاء كلمتِه باللغة العربية، فكان بذلك أول من تكلم باللغة العربية في قاعة الجمعية العامة.
وطالب "عبد الناصر" أثناء ذلك بإدخال اللغة العربية لغة رسمية للأمم المتحدة نظرا لأن عدد الناطقين بها يزيد عن 100 مليون عربي (آنذاك) على أن تتحمل الدول العربية (المملكة العربية السعودية وليبيا) أعباء إنشاء القسم العربي والنفقات الناجمة عن تطبيق هذا القرار خلال السنوات الثلاث الأولى.
بداية العمل باللغة العربية
بناءً على قرار الجمعية العامة رقم 878 في دورتها التاسعة المؤرخ في 4 ديسمبر 1954، باعتبارها لغة عمل عام 1955، وكان عنوان القرار هو "ترجمة بعض الوثائق الرسمية للجمعية العامة إلى اللغة العربية وفقا للمادة 59 من النظام الداخلي للجمعية العامة"، ونص القرار على أن تُنشر باللغة العربية وثائق الجمعية العامة ولجانها الفرعية وغيرها من التقارير الأخرى الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة، التي تعالج مشاكل خاصة أو عامة تهم المناطق التي تتكلم باللغة العربية، شرط ألا يتجاوز حجم المنشورات الصادرة في السنة الواحدة ما مجموعه أربعة آلاف صفحة من النص الإنجليزي، وأذنت الجمعية العامة للأمين العام (داغ همرشولد) بأن يرصد في تقديرات الميزانية الاعتمادات اللازمة لتنفيذ ذلك القرار، وبأن يكفل تساوق ترجمة النصوص إلى اللغة العربية مع الأساليب المقررة لوثائق الأمم المتحدة. واستمر العمل بقسم الترجمة التحريرية حتى العام 1973 والذي يعتبر مرحلة انتقالية بالنسبة للغة العربية داخل الأمم المتحدة.
وفي 18 ديسمبر 1973، اُعتمدت اللغة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 3190 في دورتها الـ 28. لتكون بذلك إحدى اللغات الرسمية الست في الجمعية العامة والهيئات الفرعية التابعة لها.
القرار نص على أن الجمعية العامة إذ تدرك ما للغة العربية من دور هام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، وإذ تدرك أيضا أن اللغة العربية هي لغة تسعة عشر عضوا من أعضاء الأمم المتحدة (آنذاك)، وأنها لغة عمل مقررة في وكالات: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، كما أنها لغة رسمية ولغة عمل في منظمة الوحدة الأفريقية؛ وإذ تلاحظ مع التقدير ما قدمته الدول العربية من تأكيدات بأنها ستُغطي بصورة جماعية النفقات الناجمة عن تطبيق هذا القرار خلال السنوات الثلاث الأولى، تقرر إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المعتمدة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية، على أن تقوم بتعديل أحكام النظام الداخلي للجمعية العامة المتصلة بالموضوع.
وفي 1 يناير 1983، أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بناء على قرار الجمعية العامة 219 في دورتها 35 المؤرخة 17 ديسمبر 1980، ونص على أنه يتعين بموجب هذا القرار أن يُصبح جهاز موظفي اللغة العربية في حجم جهاز موظفي كل من اللغات الرسمية ولغات العمل الأخرى، وعلى أن تتمتع اللغة العربية بنفس الوضع الممنوح للغات الرسمية ولغات العمل الأخرى، وترجو مجلس الأمن إدخال اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي إدخال اللغة العربية لغة رسمية في أجل لا يتعدى 1 يناير 1983.