الجمعة 10 مايو 2024 الموافق 02 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
Green

أوروبا تنتفض بإجراءات احترازية مشددة لمواجهة موجات الحرارة

الإثنين 01/أغسطس/2022 - 12:53 ص
أصول مصر

تسجل القارة الأوروبية للمرة الأولى درجات حرارة قياسية، حيث تعاني من موجات حر عاتية وارتفاع بالحرارة يصل إلى 40 درجة مئوية، وساهم ذلك في اندلاع عشرات الحرائق التي يواجه المختصون صعوبة بالغة في إخمادها في عدة بلدان، أبرزها إسبانيا والبرتغال وفرنسا.

 

موجات الحر العاتية أدت إلى اندلاع عشرات الحرائق ووفاة مئات من البشر

وأدى ذلك إلى مئات الوفيات، وقد يصل عدد الوفيات إلى الآلاف إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن.

هل هناك أسباب؟

ورغم أن درجة الحرارة 40 درجة مئوية هي طبيعية في العديد من البلدان، فإنها تحدٍّ جديد للقارة الأوروبية فرض العديد من التساؤلات.

وقال الدكتور أغلب العتيلي -الباحث بمركز الدراسات البيئية بجامعة لندن- إن هناك عدة أسباب تراكمية أدت إلى وضع التغير المناخي الحالي الذي تعاني منه القارة الأوروبية، مثل ارتفاع درجات الحرارة بصورة قياسية، ما أدى إلى خسائر بشرية واقتصادية.

الاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية وراء تلك التغيرات.. وإنذار بتغيرات مناخية قادمة

وأضاف أن من الأسباب الأساسية بالطبع هو زيادة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الاستعمال الموسع للوقود الأحفوري.

وفرض الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة غير المسبوق في لندن وبريطانيا حالة من الإنذار نحو التغير المناخي والبحث عن أسبابه، وتجاوزت درجات الحرارة القصوى 40 درجة مئوية، وسبق الصيف الجاري فترات انقطاع للأمطار بما يكفي لحدوث جفاف يؤثر على ارتفاع درجات الحرارة.

موجات حر شديدة تجتاح أوروبا
موجات حر شديدة تجتاح أوروبا

وشددت المراكز البريطانية في ضوء آليات التعامل مع موجات ارتفاع الحرارة على التزام إجراءات السلامة واتباع المحاذير خلال العمل، وكذلك خفض سرعة القطارات وإشاعات الدوام، وقد أدى ذلك إلى تباطؤ المواصلات والتأثير على حركة العمل، ومن ثم الاقتصاد.

إقرأ أيضا

الأمم المتحدة: موجات الحر الشديدة فى أوروبا ستزداد بسبب التغيرات المناخية

وتابع: «في لندن أدى ارتفاع درجة الحرارة إلى العديد من النتائج البسيطة، ولكن تكرار ذلك التحدي سيؤدي تراكميًّا إلى نتائج أشد وأكبر؛ فعلى سبيل المثال قامت مدارس بتعطيل الدراسة، وبالتالي ظل الأطفال في البيوت، وعلى أولياء الأمور الاعتناء بهم، وبالتالي التقصير في عملهم، وهو ما يضر الاقتصاد».

كذلك خفض سرعة القطارات العادية وقطارات الأنفاق في ضوء المخاوف من تأثيرات السرعة العالية مع درجات الحرارة، أدى إلى مضاعفة أوقات الرحلات، وبالتالي انخفضت أعدادها بما أثر على المواصلات وحركة البضائع وغيرها، كما تم إغلاق بعض الجسور خوفًا من النتائج غير المتوقعة لدرجات الحرارة.

وأضاف: «في الواقع يصعب تحديد أكثر البلاد تأثرًا من ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ما زلنا في مرحلة النظر إلى العواقب، وقد تأثرت بريطانيا بشكل كبير، ليس فقط على مستوى الإجراءات التي تم اتخاذها للحذر، ولكن أيضًا مع وقوع حوادث مثل الحرائق والجفاف».

أكثر من 34 مدينة في بريطانيا سجلت درجات حرارة قياسية لم تسجلها سابقًا

وأوضح أن أكثر من 34 مدينة في بريطانيا سجلت درجات حرارة قياسية لم تسجلها سابقًا، كما أن فرنسا وجنوبها وإسبانيا والبرتغال أيضًا تأثرت بصورة بالغة بالتغيرات التي حدثت في درجات الحرارة.

وتابع: «من تحليلي الخاص، عندما ارتفعت درجات الحرارة لم نكن نتوقع أطول يوم من أيام السنة، واليوم تجاوزنا هذا اليوم، ولكن لدينا شهر أغسطس، وهو من شهور الصيف أيضًا، وبالتالي فاحتمالية تكرار ذلك الحدث واردة، وإن لم نواجه التغير المناخي فستتكرر تلك المشكلة، وقد يحدث ذلك 3 مرات في العام الواحد، وقد يصل إلى 5 مرات». 

وأضاف: «بالتالي، يجب علينا أن نقوم بخطوات جادة بالانتباه للتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، وهنا أُشدِّد وأُعوِّل على ما يقال في مصر في مؤتمر قمة المناخ بشرم الشيخ ليكون خطوة للاتجاه الصحيح وليساعد العالم أجمع على الاجتماع ومناقشة آثار هذه المشكلة وكيفية التغلب عليها».

لماذا يشعر الأوروبيون بالقلق؟

قالت مريم زكريا -عالمة المناخ في إمبريـال كوليدج لندن (الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب)- إن المباني في العديد من البلدان الأوروبية لم تُصمَّم بطريقة تجعلها تتحمل درجات تفوق 25 درجة مئوية.

عالمة المناخ في إمبريـال كوليدج: المباني في البلدان الأوروبية لم تُصمَّم بطريقة تجعلها تتحمل درجات تفوق 25 درجة مئوية

وأضافت: «هذه المشكلة الهندسية أخطر في شمال أوروبا، حيث تم بناء معظم المنازل للحفاظ على الحرارة لمساعدة السكان على تحمل البرد بشكل أفضل، ما يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة في الأماكن المغلقة أثناء موجة الحر، وهناك فقط جزء ضئيل من المباني بشكل عام مجهز بمكيفات الهواء». وأوضحت أن المدن التي لم يتم بناؤها لتحمُّل درجات الحرارة المرتفعة لا تمتلك في كثير من الحالات البنية التحتية المناسبة للحفاظ على التهوية والبرودة، كغياب المساحات الخضراء والمياه.

الاحتباس الحراري

باحث بجامعة لندن: إجراءات بريطانيا -مثل خفض سرعات القطارات وإغلاق بعض المدارس- لها آثار اقتصادية

وكانت أعلى درجة حرارة سُجِّلت سابقًا في بريطانيا هي 37.7 درجة مئوية عام 2019 في كامبريدج في جنوب شرق إنجلترا.

وقال نيكوس كريستيديس، عالم المناخ بمكتب الأرصاد الجوية: «إن تغير المناخ أثَّر بالفعل على احتمال بلوغ الحرارة درجات قصوى في المملكة المتحدة».

وأضاف كريستيديس قائلًا: «قد تكون فرص رؤية أيام تتجاوز فيها درجات الحرارة أربعين درجة مئوية في المملكة المتحدة في المناخ الحالي أكثر احتمالًا بعشرة أمثال مقارنة بالمناخ الطبيعي الذي لم يكن يتأثر بأفعال البشر»، على حد تعبيره.

وفي فرنسا فُتِحت إدارات المتاحف وأماكن أخرى مكيفة الهواء أمام العموم مجانًا، كما تم تمديد ساعات فتح المسابح، ولدى السلطات البلدية أيضًا سجلات مخصصة للمُعرَّضين للخطر، خصوصًا المتقدمين في السن أو الذين يعيشون وحدهم.

أما في لندن، فأقامت السلطات هذا الأسبوع نقاط مياه مجانية، وأعلنت عن أحكام طارئة لمن ينامون في ظروف قاسية.

ووصف سيوكي فيليب -من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية- هذه الإجراءات بالطارئة، مؤكدًا أن الدول الأوروبية تحتاج إلى خطط عمل طويلة الأجل بشأن مسألة ارتفاع الحرارة.

وصرح متحدث باسم المفوضية الأوروبية سابقًا بأن التكيف مع تغير المناخ أمر أساسي، ويجب أن يصبح أسرع وأذكى وأكثر منهجية.