الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

2023.. البقاء للأصلح

الأحد 29/يناير/2023 - 08:58 م

«البقاء للأصلح» أو النظرية الداروينية ما زالت تثبت جدارتها على مدار العصور، وقد مررنا اقتصاديًّا بالعديد من التحديات التي كانت دائمًا ما تبرز الكيانات الاقتصادية الأقوى والأصلح للبقاء والاستمرارية من حيث الخبرات والأساس المالي والفني القوي وكفاءات إدارة الأزمات، وكذلك في القطاع العقاري أفرزت الأزمات شركات جادة استطاعت البقاء والمقاومة والتوسع، وأصبحت شركات أخرى أقل كفاءة وجدية طي النسيان.

ومع التحديات الصعبة في 2023 ستتأكد النظرية الداروينية؛ فلن يبقى إلا الشركات «الأصلح»، فلا مكان لـ«الفهلوة» غير المنتجة في 2023، ولن يجد له مكانًا مَن يستمر في المضاربات أو إطلاق مشروعات غير مدروسة اقتصاديًّا وفنيًّا.

فلم يكن عام 2022 سهلًا على مستوى التحديات العالمية التي امتدت آثارها إلى اقتصادات مصر، شأن جميع دول العالم، ومع ذلك تمكنت الشركات العقارية على مدار العام من تحقيق نتائج إيجابية ومبيعات قوية في فترات مختلفة من العام وفقًا لنتائج الأعمال المعلنة، وهو ما يدل على استمرار نجاح القطاع العقاري في إثبات قوته ومقاومته للتحديات، وكذلك هو دليل على إثبات قوة شركات التطوير العقاري العاملة في السوق المصرية وخبراتها وقدرتها على تخطي الأزمات وثقة العملاء والمستثمرين بها لتلبية احتياجاتهم أو لوضع مدخراتهم في العقار بصفته مخزنًا آمنًا للقيمة وقادرًا على تحقيق أعلى العوائد.

ونتيجة للتحديات وارتفاع أسعار الخامات قامت الشركات، لتعويض الزيادات الكبرى في تكاليف تنفيذ المشروعات، برفع أسعار الوحدات غير المبيعة بصورة كبرى، فالارتفاعات في السوق خلال 2022 لم تعد كالسابق بين 10% و20%، بل شهدت بعض المشروعات ارتفاعات بنسبة 100% أو أكثر، فكان سعر الوحدة في أحد مشروعات الشراكة بين وزارة الإسكان وإحدى شركات التطوير العقاري الكبرى مليونًا و300 ألف جنيه في بداية 2022، ومع نهاية العام بلغ السعر 3 ملايين و300 ألف جنيه، أي شهد ارتفاعًا بأكثر من 100%.

ولا شك أن الوضع في 2023 أصعب بكثير؛ فمع ارتفاع أسعار الفائدة البنكية والتضخم وارتفاع أسعار الخامات وانخفاض القوى الشرائية للعميل، تقف الشركات العقارية أمام تحديات صعبة للاستمرارية، وذلك للشركات صاحبة الملاءة المالية القوية، وسنجد شركات لن تستطيع الاستمرار، وهو أمر خطير.

وأمام أصحاب الملاءة المالية القوية تحدٍّ في الاستمرار بالسوق المصرية والتوسع في ضوء الأعباء الحالية والمستقبلية، وهو أمر يحتاج إلى وقفة من جانب الدولة، ففي الوقت الذي تمنح فيه بعض الدول أراضي بأسعار مخفضة وتسهيلات حتى 30 عامًا للمطورين بغرض دفع العمل والتنمية، نجد أننا ما زلنا نطرح الأراضي بنفس الشروط ونفس مدد التنفيذ والسداد في سنوات قليلة من 4 إلى 10سنوات بحد أقصى وفقًا لمساحة الأرض، وبالتالي هناك مخاوف من تفضيل بعض المطورين التوسع الخارجي والبحث عن فرص استثمارية في دول تمنح رجال الأعمال تسهيلات بها. 

والوضع ليس بعيدًا عن التنفيذ في ضوء التحديات الحالية، فقد تلجأ بعض الشركات العربية التي دخلت السوق المصرية في السنوات الماضية إلى تلك الحلول، وبالتالي بدلًا من أن نجذب المزيد من الاستثمارات سنواجه مشكلة خروج الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ومن ثم، على الدولة بحث حلول تتمثل في منح المزيد من التيسيرات للمطورين، سواء بإعادة النظر في آليات طروحات الأراضي والتسهيلات الممنوحة أو بمنح حوافز ضريبية أو بتثبيت أسعار الفائدة، فخلال اجتماع وزير الإسكان مع مجلس العقار تم طرح العديد من المطالب التي توافقت مع مطالب طرحتها جمعية رجال الأعمال وغرفة التطوير العقاري في وقت سابق، ويتم حاليًّا دراسة المطالب، ومن المتوقع الموافقة على ٢٠% منها على الأقل في إطار حرص الوزارة على دفع السوق ومنح الثقة للشركات بدعم الدولة، ومطلوب الوصول إلى حلول بصورة عاجلة لإنقاذ القطاع العقاري.

فالوضع الحالي يجعل المطور يبحث عن فرص استثمار بالخارج، ويجعل مَن لديه مشروع قائم يعمل فقط على إنهاء هذا المشروع دون البحث عن فرص توسع.

وإذا لم يتم وضع حلول عاجلة وسريعة ومدروسة فستفقد السوق العقارية عددًا من المطورين الجادين، كما ستشهد حالة جمود لعدم قدرة العملاء على شراء وحدات بالأسعار الحالية، ويحتاج الأمر إلى «وقفة» ومبادرة لإنقاذ القطاع العقاري في 2023 للحفاظ على قطاع ساهم في تحقيق معدلات تنمية في توقيتات صعبة، وكان سببًا في توظيف الملايين من الأيادي العاملة.