بقلم المهندس تامر بدر الدين
رؤية لطمأنة المستثمرين
تفرض التحديات الاقتصادية الحالية، التي تعاني منها مصر والعالم أجمع، ابتكار حلول «خارج الصندوق» من قِبَل الدولة لمساعدة رؤوس الأموال على عبور الأزمة الحالية ولاستمرار حركة العمل والإنتاج والتدفقات الاستثمارية لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية، التي شهدت تناميًا ملحوظًا على مدار السنوات الأخيرة، بما عكس قوة السوق المصرية واستقرارها والفرص الحقيقية بها.
فالوضع الآن يتطلب بصورة عاجلة إعلان الدولة عن رؤيتها واستراتيجيتها لمواجهة التحديات الحالية والإعلان عن بعض الحلول، وهو الأمر الذي سيساهم في طمأنة المستثمرين ورؤوس الأموال بوجود رؤية طويلة الأجل للدولة، بما يساهم في استمرار تدفقات الاستثمار وعدم تعطيل الخطط التوسعية للشركات.
فالمشكلة الكبرى التي تواجه السوق حاليًّا هي غياب الرؤى، وهي المشكلة التي تتزامن مع التغيرات المتلاحقة والمستمرة في الأوضاع الاقتصادية؛ فهناك ارتفاعات مستمرة في تكاليف تنفيذ كل المشروعات، ونقص في المواد الخام، وعدم استقرار سعر العملة، بالإضافة إلى ارتفاع الفوائد، وبالتالي يصعب على الشركات وضع خطط استثمارية، كما أن عدم وجود سعر موحد للعملة واستمرار السوق السوداء يزيد من مخاوف رؤوس الأموال الأجنبية من الاستثمار في مصر.
فنحتاج إلى مكاشفة من الحكومة بالمؤشرات الاقتصادية والتوقعات، فوجود أخبار موثوق بها سيحد من الآثار السلبية لانتشار الشائعات التي تهدد استقرار السوق.
وعلى مستوى السوق العقارية فهناك العديد من الأمور المطلوبة حاليًّا لدفع السوق، فلا بد من بحث منح شركات التطوير العقاري الجادة تسهيلات لضمان استمرارية أعمال التنفيذ بالمشروعات وتفعيل الخطط التوسعية للشركات.
فالمطور العقاري محمَّل بالعديد من الأعباء؛ من بينها الارتفاع المستمر لتكاليف التنفيذ والفوائد على أقساط الأراضي، وفي ذلك الصدد لا بد من إعادة النظر في سياسة مدد التقسيط الممنوحة من المطورين للعملاء، فالمطور يقوم الآن بدور مختلف عن الدور المنوط به؛ فهو يقوم بدور الممول، فيمنح العميل الوحدة بأقساط تصل إلى 10 و15 سنة، وهو أمر يساهم في تقليل التدفقات المالية للشركات وتحملها نسبة مخاطرة كبيرة في ظل الارتفاعات المستمرة في تكاليف التنفيذ.
وبالتالي يجب خفض مدد التقسيط حتى 4 إلى 5 سنوات على أقصى تقدير، وبالمناسبة هو حل يضمن حق العميل في المقام الأول، ويقلل من نسبة المخاطرة المحتملة طوال فترة تنفيذ المشروع.
ولكن مع انخفاض القوى الشرائية للعملاء نجد أنه من الصعب تحمل العميل أقساطًا على مدد أقصر، وبالتالي يجب دخول البنوك في المنظومة وتمويل الوحدات تحت الإنشاء، وهو أمر سيساهم في دفع القطاع العقاري وإنقاذه من تحديات صعبة حالية ومستقبلية.
ولا بد من تغيير ثقافة العميل فيما يتعلق بالتمويل العقاري، فمع ارتفاع الفائدة –التي وصلت إلى 20%– سيواجه ملف التمويل العقاري صعوبة، ولكن إذا نظرنا إلى الزيادة في تكلفة الوحدة التي يتم تحميلها للعميل حال الدفع على أقساط فسنجد أنها لن تقل عن 25%، وبالتالي فإن التمويل العقاري هو الحل الأوفر والأنسب لجميع الأطراف.
فهناك العديد من الأفكار والمقترحات التي يطرحها المطورون والمهتمون بالقطاع العقاري بصورة يومية، ولا بد من الدراسة والوصول إلى صيغ تضمن حقوق أطراف المنظومة المتمثلة في الدولة والعميل والمطور.