رئيس الوزراء يلتقي وفدا فرنسيا لشرح موقف الحكومة المصرية تجاه عدد من القضايا المهمة
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء أمس، بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماعا مع وفد فرنسي، ضم كلا من: السيد/ بيير لولوش، وزير الدفاع الفرنسي الأسبق، والسيدة/ فاليير بواييي، عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي، والسيد/ ألكساندر ديلفال، صحفي بجريدة الفيجارو الفرنسية، والسيد/ أنطوني كولونا، الصحفي بموقع فالير أكتويل، والسيدة ميشيل صبان، الكاتبة والناشطة في مجال المرأة والطاقة البديلة، والسيد/ فرانسسكو دي ريميدز، الصحفي بجريدة الجورنال الإيطالي، كما حضر الاجتماع الدكتور عبدالرحيم علي، رئيس مجلسي الإدارة والتحرير لجريدة البوابة، ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالترحيب بالوفد الفرنسي الذي يضم سياسيين وكتابا وصحفيين فرنسيين مهمين، قائلا: أرجو أن تكون قد اتيحت لكم الفرصة للتجول في العاصمة الإدارية الجديدة، التي بدأنا كحكومة العمل منها بشكل فعلي.
مدبولى يستعرض جهود الدولة المصرية لبناء الإنسان المصري وتطوير العمران القائم والتوسع في المدن الجديدة على مدار 8 سنوات
رئيس الوزراء: نحارب الفكر التكفيري والمتطرف منذ 10 سنوات والمشكلة الحقيقية تكمن في أن هذه المواجهات لم تكن حربا تقليدية
وأضاف رئيس الوزراء: أود القول إن ما ترونه هنا اليوم تم إنجازه في نحو 6 سنوات، وكانت هذه الأراضي صحراء بالكامل، وهذا يعكس حجم التنمية الكبير الذي تم على أرض مصر.
وأكد أنه على مدار السنوات الثماني الماضية كان المحور الأساسي لعمل الدولة المصرية يركز على بناء الإنسان المصري، مضيفا أنه قبل 8 سنوات كانت المساحة المعمورة في مصر لا تجاوز 7%، واليوم نحن نتحدث عن مساحات معمورة تصل إلى 12% من إجمالي مساحة الدولة المصرية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن أحد المحاور المهمة التي عملت عليها الحكومة هو تطوير العمران القائم، إذ كان أمام مصر تحد كبير يسمى المناطق غير الآمنة، وكان يعيش بتلك المناطق قرابة مليون أسرة، تم نقل سكان هذه المناطق إلى أماكن جديدة تتمتع بمستويات معيشة لائقة.
وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، توجد مشروعات ضخمة، تم إطلاقها لتطوير شبكات البنية الأساسية، كما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مبادرة "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصري الذي يمثل 55% من عدد السكان.
وأضاف: تضمنت مبادرة "حياة كريمة" تطوير البنية الأساسية في الريف المصري، وكذا الطرق، والخدمات المقدمة للمواطنين خاصة في قطاعي الصحة والتعليم.
ثم انتقل رئيس الوزراء إلى الحديث عن المشروعات التي تبنتها الدولة المصرية على مدار الفترة الماضية، فيما وصفه بمحور المشروعات الكبرى، لافتا إلى أنه في ظل تزايد عدد السكان الملحوظ في مصر، لم يكن أمامنا سوى التوسع في إنشاء المدن الجديدة، كما تم التوسع في إنشاء محطات معالجة الصرف الصحي والصرف الزراعي، فضلا عن التوسع في محطات تحلية مياه البحر، ومؤكدا أن ذلك يأتي في ظل محدودية مواردنا من المياه الطبيعية، إذ يعتبر نهر النيل هو مورد المياه الرئيسي لمصر.
وجدد رئيس الوزراء تأكيده على أهمية محور بناء الإنسان المصري خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، اللذين يحتلان أولوية كبيرة من الدولة المصرية، واتضح ذلك من خلال مضاعفة موازنة هذين القطاعين بصورة كبيرة؛ لافتا إلى أن الحكومة ملتزمة بالاستحقاق الدستوري المتعلق بتخصيص نسبة محددة من الناتج المحلي الإجمالي لقطاعي الصحى والتعليم.
وخلال الاجتماع، توجه الدكتور عبدالرحيم علي، لرئيس الوزراء بالشكر على استضافته للوفد الفرنسي الذي يزور مصر في إطار مبادرة مدنية مجتمعية قامت بها "البوابة نيوز" بالتعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، باستضافة مجموعة من الفرنسيين البارزين ذوي التوجهات المختلفة.
وأضاف أن الرأي العام الفرنسي والرأي العام الأوروبي بشكل عام لديه الكثير من الأسئلة التي يطرحها بشكل دائم، قائلا: رأينا أن وجودهم في مصر يمثل فرصة لتبادل وجهات النظر حول عدد من الملفات والأسئلة المهمة.
وفي غضون ذلك، قال بيير لولوش، وزير الدفاع الفرنسي الأسبق، إنه من أشد المعجبين بالحضارة المصرية، لافتا إلى أن هناك علاقة خاصة تربط الفرنسيين بالمصريين، لكنه يرى ضرورة العمل على تعزيز هذه العلاقات بشكل أكبر.
وأضاف: أؤكد أن هناك ودا وتعاطفا كبيرا من جانب الشعب الفرنسي تجاه مصر.
وتطرق إلى الحديث عن مشكلة الهجرة غير الشرعية من بلدان شمال أفريقيا إلى أوروبا، كما استفسر عن كيفية تعامل الدولة المصرية مع الأفكار والجماعات المتطرفة.
وتعقيبًا على حديث السيد/ لولوش، أعرب رئيس الوزراء عن شكره لما ذكره الوزير الفرنسي الأسبق عن الحضارة المصرية، وعن العلاقات الطيبة بين الشعبين المصري والفرنسي، قائلا: أنا أيضًا أؤكد تقدير المصريين للشعب الفرنسي، لافتا في هذا الإطار إلى أن الشعبين يجمعهما روابط ثقافية، خاصة أن الشعب المصري منفتح للغاية على الثقافات الأوروبية.
وأضاف: من جانبنا، نحن حريصون كل الحرص على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية، وكما قال فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية: نحن لا نعادي أحدا ولا ندخل في صراعات مع أحد، فكل ما يهمنا هو بناء هذا البلد.
وانتقل رئيس الوزراء بعد ذلك للإجابة عن السؤال الخاص بكيفية التعامل مع الأفكار والجماعات المتطرفة، موضحًا أن الشعب المصري بوسطيته المعهودة هو من يرفض أي أفكار أو جماعات متشددة، وأنه يلفظ كل من يحاول تغيير هذه التركيبة الوسطية.
وفيما يخص تزايد أعداد الهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن أحد عوامل الحد من هذه الهجرات غير الشرعية هو المساعدة في إحداث تنمية وتطوير حقيقي لهذه البلدان، فهذه البلاد تواجه تحديات تتعلق بعدم قدرتها على توفير فرص عمل لسكانها من الشباب.
وأشار إلى أن هناك بعض الأفكار الجيدة التي جاءت من بعض الدول الأوروبية في هذا الإطار حيث تم نقل وتوطين صناعات معينة في بعض دول شمال أفريقيا، مما ساهم في خلق الكثير من فرص العمل هناك.
وتابع أن أوروبا كذلك يجب أن تركز على تدريب هؤلاء الشباب ليس فقط من الناحية الفنية ولكن بتأهيلهم لكي يكونوا أكثر قدرة على الاندماج في المجتمعات الأوروبية.
وخلال الاجتماع، طرحت السيدة/ فاليير بواييي، عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي سؤالا عن جهود الدولة المصرية في الحد من الزيادة السكانية، وبرنامج تنمية الأسرة المصرية الذي تتبناه الحكومة.
وفي هذا الإطار، أوضح مدبولي أنه على مدار الأعوام الأربعة أو الخمسة الماضية شهدنا بالفعل تراجعا في عدد السكان، لكنه ليس كافيا، مشيرا إلى قيام الحكومة بدراسة تجارب الدول المختلفة للحد من الزيادة السكانية.
وأضاف: بناء على ذلك بدأنا انتهاج سياسة يمكن أن نسميها الحوافز الإيجابية، وقلنا إن كل امرأة مصرية تنجب طفلين فقط يمكنها أن تحصل على مبلغ معين سيتم صرفه بعد سن الـ 45 كنوع من التحفيز.
وتطرق في هذا السياق كذلك إلى اهتمام الدولة ببرامج تمكين المرأة سواء من ناحية التعليم أو التمكين الاقتصادي، مشيرا إلى أن ذلك كله يزيد من قناعات المرأة المصرية بضرورة الحد من الزيادة السكانية، كما أن الحكومة سنت قوانين لتجريم زواج القاصرات، وتجريم عمل الأطفال، وهناك جهود لإقرار عقوبات على الأسر التي تتسبب عن عمد في تسرب أطفالها من التعليم.
كما عقب رئيس الوزراء على عدد من الأسئلة المهمة التي طرحها الصحفيون الفرنسيون الذين جاءوا ضمن الوفد، ومن بين هذه الأسئلة، سؤال يتحدث عن جهود الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء: نحارب الفكر التكفيري والمتطرف منذ 10 سنوات، والمشكلة الحقيقية تكمن في أن هذه المواجهات لم تكن حربا تقليدية، مشيرا إلى أن مصر فقدت أكثر من 3 آلاف مصري في هذه المواجهات، من القوات المسلحة أو من رجال الشرطة أو المدنيين، الذين استشهدوا دفاعا عن وطنهم وأبنائه.
وأضاف: لن ننسى قيام هذه الجماعات بقتل نحو 300 مصلي أثناء صلاة الجمعة، وكان ذلك أمرا مروعا.
وأكد رئيس الوزراء في هذا الإطار أن أحد أسباب اتجاه الشباب إلى هذه الأفكار المتطرفة هي المعاناة من الفقر والتهميش، لذا كان أحد أهم مستهدفاتنا هو التركيز على تحسين مستويات الخدمات المقدمة للمواطنين.
كما تناول اللقاء الحديث عن التغيرات المناخية، وسياسات مصر للتعامل مع هذا الملف المهم، إذ أشار رئيس الوزراء إلى أن قمة المناخ كوب27 ساهمت في رفع وعي المواطنين المصريين بخطورة قضية تغير المناخ، لافتا إلى أن مصر لديها خطة طموحة لتسريع التحول للاعتماد على الطاقة المتجددة، فمصر لديها عدد كبير من المشروعات التي تعمل عليها في مجالات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.