نائب رئيس القطاع السكني والتوزيع وقطاع المشروعات بشركة «شنايدر إلكتريك» بشمال شرق إفريقيا والمشرق العربي
كيف يمكن للمنازل الذكية تحقيق جودة الحياة والاستدامة معًا؟
«الرقمنة» هي سمة عصرنا الحالي الممتدة لأجيال كثيرة قادمة، فالعالم يتجه لتبنِّي المفاهيم الذكية والتحول الرقمي في كل القطاعات بهدف تعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف وتوفير خدمة أفضل للمستفيدين بكل فئاتهم، وترشيد استخدام الوقت والتحكم في كل جوانب الأعمال بطريقة أسرع وأكثر أمانًا.
القطاع السكني متمثلًا في المنازل يسهم في 20% من الانبعاثات الكربونية حول العالم
وفي مصر، أصبح مفهوم الرقمنة ملازمًا لنا في كل جوانب الحياة؛ فالمدن أصبحت ذكية، والقطاع الصناعي أصبح يعتمد على التكنولوجيا، والبنوك تتوسع في الخدمات المصرفية الذكية، وغيرها، ولعل أبرز القطاعات التي يجب التركيز عليها عند التحدث عن مفهوم الرقمنة هو المنازل الذكية.
فالمنازل بالطبع هي واحدة من أكثر الأماكن التي يقضي بها الناس أوقاتهم، وبعد جائحة كورونا ظهرت ثقافة العمل عن بُعد، وهو ما يعني قضاء المزيد من الوقت داخل المنزل، ومن ثم الاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة والموارد المرتبطة بالمنازل، وتشير التقارير إلى أن القطاع السكني، متمثلًا في المنازل، يسهم في 20% من الانبعاثات الكربونية حول العالم في الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى خفض تلك الانبعاثات للحفاظ على حرارة الأرض وتحقيق الاستدامة، ومن المتوقع أن يزيد استهلاك المنازل من الكهرباء بنسبة 65% بحلول عام 2025.
وعلى الرغم من الاعتقاد المنتشر عن كون المنازل الذكية نوعًا من أنواع الرفاهية التي يلجأ إليها الأفراد للاستمتاع بنمط حياة أسهل وأسرع عن طريق التقنيات والحلول الرقمية الحديثة، فإنها في الواقع باتت ضرورة حتمية لتحقيق كفاءة استهلاك الطاقة وتعزيز استدامة كوكب الأرض، وهو ما يظهر جليًّا في مصر مع توجه الحكومة لتأسيس 38 مدينة ذكية جديدة في جميع أنحاء البلاد باعتبارها جزءًا من إستراتيجية تطوير البنية التحتية الطويلة المدى، والمعروفة بمدن الجيل الرابع، تماشيًا مع إستراتيجية التنمية المستدامة في مصر و«رؤية مصر 2030»، وإطلاق مفهوم المنازل الذكية لأول مرة من خلال برنامج الإسكان الاجتماعي الموجه لمتوسطي ومحدودي الدخل للتوسع في توفير وحدات صديقة للبيئة ومستدامة، وهناك توجه مماثل في القطاع الخاص، حيث يحرص المطورون العقاريون على تقديم منتج عقاري ذكي ومستدام يوفر جودة حياة أعلى للقاطنين، مع ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية وخفض التكاليف والمحافظة على البيئة وتحقيق الاستدامة، وهو ما يمكن تحقيقه باستخدام التكنولوجيا.
ويعتمد تأسيس وتصميم المنازل الذكية والمستدامة على دمج التكنولوجيا في البنية التحتية، مثل تركيب الألواح الشمسية لتوفير الطاقة، واستخدام المواد العازلة الصديقة للبيئة، وإتاحة نظم إدارة الطاقة، وغيرها، ويبقى السؤال المهم: ما مدى إمكانية تحويل المنازل القائمة بالفعل إلى منازل ذكية ومستدامة؟
والإجابة هي التكنولوجيا التي تتيح حلولها المبتكرة في تحويل المنازل القائمة بالفعل إلى منازل ذكية ومستدامة، حتى وإن لم تكن جُهِّزت على ذلك من مرحلة التأسيس، كما يمكن تطبيقها على مراحل لتناسب احتياجات العملاء المختلفة وقدراتهم، بالإضافة إلى تركيب محطات شحن السيارات الكهربية بسهولة داخل المنازل، ويبقى على قاطني المنازل اختيار أجهزة منزلية صديقة للبيئة؛ فعلى الرغم من ارتفاع التكلفة نسبيًّا عند الشراء فإن هذه الأجهزة توفر في استهلاك الطاقة، ومن ثم خفض فواتير الكهرباء على المدى الطويل، مثل أجهزة المطبخ وأنظمة التدفئة وغيرها.
وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف، قامت «شنايدر إلكتريك» بتقديم مفهوم «منازل المستقبل Homes of The Future» الذي يقدم كل حلول المنازل الذكية، حيث تستهدف الشركة أن يوجد في مصر 1000 بيت ذكي على الأقل خلال 2024، وتسعى من خلال مشروعاتها وفريق العمل إلى أن يصبح البيت الذكي في متناول الجميع، فيمكن على سبيل المثال البدء بغرفة واحدة في المنزل والعمل على تعميم التكنولوجيا المستخدمة ليصبح المنزل بالكامل «ذكيًّا».
وتطبيق مفهوم منازل المستقبل الذكية لا يركز فقط على ترشيد استهلاك الطاقة بنسبة 30% إلى 40% وخفض تكلفتها، وإنما يضع جودة حياة قاطني المنازل وتوفير الراحة والأمان لهم ولعائلاتهم على رأس الأولويات، فالتقارير تشير إلى أن مسببات التلوث داخل المنزل قد تكون أعلى بنسبة ضعفين إلى 5 أضعاف مثيلاتها خارج المنزل.
وعلى سبيل المثال، يوفر نظام Wiser من «شنايدر إلكتريك» باقة متكاملة من حلول المنازل الذكية عن طريق الهواتف الذكية أو مفاتيح التحكم، مثل التحكم في الإضاءة ودرجات الحرارة، وإمكانية ترشيد الطاقة في المنزل، ومراقبة الأبواب والنوافذ، وإرسال تنبيهات في حالة حدوث أعطال كهرباء، كما يقوم بالإنذار في حالة تسرب المياه، مما يساعد قاطني المنزل على التعامل بسرعة مع مثل هذه الحالات الطارئة، ويحقق سلامة الأجهزة الكهربائية، وهي كلها عوامل تعمل على توفير السلامة والأمان والراحة.
ولا يقف مفهوم المنازل الذكية داخل حدود المنزل فقط، وإنما يمتد لما هو أبعد من ذلك، فالسيارة هي مصدر آخر للراحة يبحث عنه الجميع، وهو ما جعل «شنايدر إلكتريك» تقدم حلولها المبتكرة في خدمة شحن السيارات الكهربائية EVLink Charger، التي يمكنها شحن السيارات في أسرع وقت ممكن، مما يعمل على خفض مصروفات التشغيل والصيانة، وتتميز EVLink Home المقدمة من «شنايدر إلكتريك» بسهولة التركيب والاستخدام في المنازل، بالإضافة إلى مقاومتها للعوامل الجوية بشكل قوي، وهو ما يجعلها جزءًا حيويًّا من المنازل الذكية، خاصة مع زيادة شعبيتها وحرص كثير من المستخدمين على تملك سيارة كهربائية نتيجة للوعي البيئي المتزايد في الآونة الأخيرة، وتتميز شواحن EVLink Home بصغر حجمها وسهولة تركيبها، ويمكنها تحقيق وفورات تصل إلى 50% من الاستخدام النمطي الخاص بمصروفات التشغيل والصيانة.
مع تغير نمط الحياة أصبح المنزل أكثر من مكان نعيش فيه؛ فهو مكان العمل والاستمتاع بالكثير من الأنشطة الترفيهية، وأصبحت منازل المستقبل متاحة الآن للجميع للاستفادة بها وما تقدمه من إمكانية التحكم في استهلاك الطاقة وخلق بيئة معيشية توفر عناصر الراحة والأمان لكل أفراد الأسرة، ومع ارتفاع الطلب على الطاقة والتغييرات المناخية، يحب رفع الوعي بأهمية تبنِّي مفهوم المنازل الذكية ليبدأ التغيير حولنا من «المنزل».