نسبة إفلاس الشركات العالمية تتجاوز 30%مع تفاقم ديونها إلى270 تريليون دولار
قفزت حالات إفلاس الشركات العالمية في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة بأكثر من 30% خلال السنة المالية المنتهية 30 سبتمبر الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي مع تفاقم ديون هذه الشركات إلى ما يقرب من 270 تريليون دولار أو ما يعادل حوالي ضعف الناتج المحلي الإجمالي العالمي وسط زيادة تكاليف الاقتراض وتراجع الحكومات عن الدعم المقدر بتريليونات الدولارات وفي ظل تصاعد التضخم وارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية وتزايد التوترات الجيوبوليتيكية في أوكرانيا والشرق الأوسط.
توقعات باستمرار تزايد حالات الإفلاس بين الشركات العالمية في الاقتصادات المتقدمة العام المقبل
ومن المتوقع استمرار تزايد حالات إفلاس الشركات العالمية في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة خلال العام المقبل بعد ارتفاعها حلال السنة المالية المنتهية 30 سبتمبر بنسبة تتجاوز 30% في الولايات المتحدة و25% في ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا و13% في الاتحاد الأوروبي لتسجل أعلى مستوى في 8 سنوات وبأكثر من 30% في فرنسا وهولندا واليابان بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - أويسد OECD - التي ترى أن معدلات إفلاس الشركات في بعض الدول بما في ذلك دول الشمال قد تجاوزت المستويات المسجلة خلال الأزمة المالية العالمية منذ مايقرب من 15 سنة أى خلال عامي 2008 - 2009.
وذكرت صحيفة فايناشيال تايمز البريطانية أن حالات إفلاس الشركات العالمية في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة تشهد ارتفاعا منذ الأزمة المالية العالمية التى تفاقمت في عام 2008 وتفاقمت أكثر مع ظهور وباء كوفيد 19 عندما لجأت الشركات الكبرى العالمية إلى الاقتراض لتمويل عملياتها وتراجع الحكومات عن الدعم المقدر بتريليونات الدولارات لصالح الشركات المتعثرة منذ عام 2020 خلال فترة وباء فيروس كورونا.
ارتفاع معدلات التخلف عن سداد الديون للشركات إلى 4.25 % و3.6 % في الولايات المتحدة وأوروبا
وأعلنت مؤسسة ستاندرد آند بورز P& Sالأمريكية للتقييم الائتماني أن حالات إفلاس الشركات العالمية في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة سترتفع وأن معدلات التخلف عن سداد الديون للشركات في الولايات المتحدة وأوروبا من المتوقع أن تزيد عن مستوى الاستثمار لترفع إلى 4.25 % و3.6 % على التوالي بحلول مارس القادم صعودا من مستويات 2.5 % و2.8 % في نفس الشهر من العام الجاري.
وتصدرت الولايات المتحدة حالات إفلاس الشركات العالمية في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة أثناء الأزمة المالية العالمية لتصل مع منتصف الشهر الاخير من عام 2009 إلى 260 شركة أمريكية و140 بنكا أمريكيا لتسجل أعلى مستوى في تاريخ الاقتصاد الامريكي في اغلاق البنوك وفي افلاس الشركات المصدرة للسندات او التي تخلفت عن سداد الديون المستحقة علاوة على أن تكاليف الاقتراض لبعض الشركات ارتفعت بنحو الضعف أو ثلاث أمثال تقريبًا في العام الجاري مقارنة بالسنوات الماضية، ما أثر سلبًا على ميزانيات الشركات كما أن تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الاقتصادات المتقدمة ضغطت على أعمال الشركات مما جعل القدرة على الوفاء بالتزامات الديون ضعيفةً.
حالات إفلاس الشركات العالمية تؤثر على نشاط الاقتصاد العالمي ونمو الوظائف
ويرى محللون في مراكز بحثية عالمية أن حالات إفلاس الشركات العالمية ستضغط على نشاط الاقتصاد العالمي ونمو الوظائف خلال السنوات القليلة المقبلة حيث تتوقع وكلة موديز الأمريكية للتصنيف الائتماني مثلا استمرار ارتفاع معدل التخلف عن السداد عالميًا خلال العام القادم بعد صعوده إلى 4.5% خلال السنة المالية الماضية ليتجاوز المتوسط التاريخي المقدر عند 4.1% تقريبا بقيادة الولايات المتحدة الامريكية أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي 188 شركة وبعدها الاقتصادات الصاعدة بعدد 36 شركة ثم 20 شركة في أوروبا و16 شركة الباقية من اقتصادات متقدمة أخرى كاليابان وغيرها.
ويعتقد المحللون إن معدلات الفائدة المرتفعة وانهيار شركات الزومبي التي كانت قد نجت بفضل الدعم الضخم المقدم للحكومات لصالح الشركات والأسر والذي يقدر بأكثر من 10 تريليونات دولار خلال وباء كورونا ضمن أسباب زيادة معدلات الإفلاس علاوة على ارتفاع تكلفة خدمة الديون نتيجة رفع أسعار الفائدة في البنوك المركزية العالمية والتراجع عن الدعم المقدم خلال جائحة كوفيد19 وفواتير الطاقة المرتفعة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
ارتفاع حاد في أسعار الفائدة الأمريكية لأعلى مستوى منذ الثمانينيات
وأدى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأمريكية لأعلى مستوى منذ الثمانينيات من القرن الماضي إلي زيادة حالات إفلاس الشركات العالمية بالضغط عليها ليتخلف ما يقرب من 69 شركة أمريكية عن سداد ديونها خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام بزيادة 176% عن نفس الفترة من عام 2022، وشهد شهر أغسطس الماضي بصفة خاصة 16 حالة من عدم سداد، ليسجل أعلى مستوى لهذا الشهر منذ عام 2009، عندما كان الاقتصاد الأمريكي يعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأكد بنك جولدمان ساكس الأمريكي للاستثمارات علي إن الشركات الأمريكية تواجه فترة قادمة صعبة ولاسيما أن لديها استحقاقات كثيرة خلال الأشهر المقبلة لأن 790 مليار دولار من الالتزامات من المقرر أن تستحق خلال العام المقبل وتليها 1.07 تريليون دولار في عام 2025 علاوة على أن الضغوط المتزايدة المرتبطة بالديون الضخمة في قطاع الشركات تجعل المزيد من الشركات تتجه نحو الإفلاس بعد أن بلغ عدد الشركات الأمريكية التي انهارت خلال النصف الأول من العام الجارى لأعلى مستوى مقارنة بنفس النصف منذ عام 2010، حيث أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة الضغوط على الشركات الأمريكية وتجاوزت أيضا مستويات الأشهر الستة من عام 2020، عندما أدى تفشي وباء فيروس كورونا إلى تدهور أنشطة العديد من الشركات بشكل قياسي.
معدلات الفائدة المرتفعة تضغط على الشركات التي تحتاج للاقتراض لإعادة سداد ديونها
وضعت معدلات الفائدة المرتفعة حول العالم ضغوطًا سلبية حادة على الشركات التي تحتاج للاقتراض من أجل إعادة سداد ديونها بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) معدلات الفائدة 11 مرة منذ مارس 2022 لتصعد من مستوى قرب الصفر إلى 5.25% و5.5% هذا العام حتى الآن كما رفع البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة على الودائع من النطاق السالب إلى 4%، بينما أقر بنك إنجلترا 14 زيادة في معدلات الفائدة منذ ديسمبر 2021 وحتى العام الجارى الذي أوشك على الانتهاء.
وجاء في تقرير حديث لوكالة موديز أن الشركات الأمريكية من الدرجة غير الاستثمارية تواجه متطلبات لإعادة التمويل بقيمة 1.87 تريليون دولار مستحقة في الفترة بين العام القادم وحتى 2028 وتمثل الديون التي يستحق سدادها في العامين المقبلين نحو 18% من الإجمالي المستحق خلال السنوات الخمس القادمة.
بينما تواجه الشركات المثقلة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بالديون متطلبات لإعادة التمويل بقيمة 500 مليار دولار في النصف الأول من العام المقبل كما وصلت الأزمة إلى الصين ولاسيما في القطاع العقاري حيث أعلنت شركة العقارات الصينية العملاقة إيفرجراند عن خسارة صافية تتجاوز 113 مليار دولار وحوالي 340 مليار دولار من الديون خلال العامين الماضيين وحتى نهاية العام الحالي.