ماذا يعني استبعاد مصر من مؤشر جي بي مورجان للأسواق الناشئة؟
في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء كانت مصر على موعدٍ مع نبأ قرار بنك جي بي مورجان الأمريكي باستبعاد مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة، اعتبارًا من 31 يناير الجاري.
جاء هذا القرار بناءً على إخضاع مصر لمراقبة المؤشر على مدار 80 يةمًمرحبا تفريبًا، وتحديدًا منذ 21 سبتمبر 2023 على خلفية رصد مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم لتقييم الأداء، بحسب بيان للبنك.
ووفق بيانات جي بي مورجان، فإن وزن مصر في المؤشر العالمي المتنوع بلغ حتى 29 ديسمبر الماضي عند 0.61%، ولدى مصر 13 إصدار من السندات بالجنيه في مؤشراتها، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.
ويعني انضمام أي دولة لمؤشر جي بي مورجان أنها تتوافق مع معايير البنك الأمريكي، ويعزز من إقبال المستثمرين على أوراقها المالية.
عامين من العودة للانضمام إلى مؤشر جي بي مورجان
عادت مصر للانضمام في 2022 رسميا إلى مؤشر جي بي مورغان للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة بعد جهود 3 سنوات متواصلة، في أجواء متفائلة تعكس ثقة أكبر في معدلات الاقتصاد المصري الحالية رغم الأزمات التي تمر بها الأسواق العالمية، وووصفها آنذاك خبراء اقتصاديون بأنها تشي بمزيد من التوسع الحكومي في منحى الاعتماد على الاستدانة لسد عجز الموازنة، خاصةً أن مصر حينها استجابت لمتطلبات المؤشر وهي تحقيق متطلبات البنك ومنها إطالة عمر الدين الحكومي وتعديل منحنى العائد، ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم كل إصدار.
وقالت وزارة المالية حينها أن مصر استطاعت الوفاء بالمعايير التي يتطلبها الإدراج على هذا المؤشر للتصنيف الائتماني العالمي والتي تتمثل في إصدار السندات بآجال طويلة نسبيا، مع ضمان عائد إيجابي يتخطى نسب التضخم، ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم كل إصدار.
وقال وزير المالية، الدكتور محمد معيط، إن مصر أدرجت مرة أخرى على مؤشر التصنيف العالمي J P Morgan للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة، بعد أن خرجت منه في يونيو 2011 بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أعقبت ثورة يناير.
وأوضح معيط أن مفاوضات العودة إلى المؤشر استغرقت نحو ثلاث سنوات، إذ خططت لإدراج 14 إصدارا بقيمة إجمالية تبلغ 26 مليار دولار، تمثل نحو 1.85% من إجمالي المؤشر.
أهمية الانضمام لمؤشر جي بي مورجان
أكد وزير المالية أن أهمية المؤشر تكمن في أنه يتيح لصناديق الاستثمار الكبرى والمستثمرين الأجانب ضخ مزيد من الأموال في أدوات الدين المصرية بالعملة المحلية، فضلًا عن كون الانضمام للمؤشر يُعد بمثابة شهادة ثقة جديدة من المستثمرين الأجانب في صلابة الاقتصاد المصري، وقدرته على التعامل المرن مع التحديات العالمية.
وتسهم هذه النوعية من المؤشرات في خلق بيئة جاذبة للاستثمار في أدوات الدين المصرية المتمثلة في أذون خزانة وسندات من خلال الحصول على اعتماد وثيقة مؤشر جي بي مورجان للأسواق الناشئة.
وربط اقتصاديون حينها بين أهمية انضمام مصر لمؤشر جي بي مورجان وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، حيث إن نضمام مصر للمؤشر يشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية المصرية، مما يعوض أي انخفاض محتمل في مشتريات المستثمرين الأجانب في سندات الخزانة المصرية مع زيادة أسعار الفائدة الأمريكية المرتقبة، والتي يتجه إليها المستثمرين نظرًا لارتفاع العائد منها وانخفاض معدل المخاطر.
تأثير خروج مصر من مؤشر جي بي مورجان
ونقلت "اقتصاد الشرق مع بلومبرج" عن هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في شركة كايرو كابيتال، قوله بأن الخروج من المؤشر لن يؤثر كثيرًا الآن لضعف التدفقات الأجنبية في أدوات الدين من الأساس، حيث إن الأموال التي كانت تأتي من المؤشر بسيطة جدًا لضعف وزن مصر بالمؤشر، القرار يعطي انطباعًا بوجود مشكلات كبيرة في تحويلات الأجانب للخارج.
ولكن الأهم هو عدم تأثير خروج مصر من المؤشر على مناقشات مصر مع صندوق النقد الدولي، وهو أمر قد يكون مستبعدًا بعد تأكيد مديرة صندوق النقد ووزيرة الخزانة الأميركية هذا الأسبوع على دعمهما لبرنامج مصر الاقتصادي، خلال اجتماع مع كبار مسؤولي المالية المصريين في واشنطن.
وذكر آلن سانديب، رئيس البحوث في شركة نعيم المالية، أن المستثمرين الأجانب نادرًا ما يستثمرون في أذون الخزانة أو سندات الخزانة المصرية حاليًا.
وقد تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 في نزوح استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر، وبشكلٍ خاص من سوق الأوراق المالية وأدوات الدين الحكومية، بنحو 22 مليار دولار، وفقًا لتقديرات وزارة المالية. كما أدت زيادة أسعار الفائدة الأميركية والأوروبية، إلى هجرة المستثمرين من أغلب أسواق دين الاقتصادات الناشئة.
مساعي مصر للانضمام إلى أنظمة يورو كلير
في الوقت نفسه، فإنه على مدار قرابة 3 سنوات تسعى مصر للانضمام لمنصة يوركلير الأوروبية لتسوية التعاملات في سنداتها الحكومية، لجذب المزيد من صناديق الاستثمار العالميةإلى سوق الدين المحلي،بهدف الإسهام في خفض الفائدة وتحسين عملية تدفق الاستثمارات الأجنبية وجذب شريحة أكبر من المستثمرين الأجانب خاصة البنوك المركزية التي تتميز باتساع نشاط وحجم وقيمة الاستثمارات، والتعامل في الأوراق المالية الحكومية طويلة الأجل.
وأجرت الحكومة تعديلات على قانون الإيداع والقيد المركزي ودشنت شركة لتسوية الأذون والسندات،وفي أكتوبر الماضي أطلقت نظام تداول الأذون الجديد الذي كان أحد مطالب مؤسسة يوروكلير، ووقع الطرفان بالفعل اتفاقية مبدئية لكن التعاقد لم يتم حتى الآن، وهو ما تم تفسيره باشتراط يوروكليرإعفاء أذون وسندات الخزانة التي تصدرها وزارة المالية من الضرائبمن أجل إتمام الربط مع أنظمتها التي تتيح تسوية الديون مباشرة من خلالها.
ويعفي القانون المصري المستثمرين الأجانب من الضرائب على استثماراتهم في أدوات الدين الحكومي، لكنه يفرض ضريبة بسعر 20% على العائد من الأذون والسندات على المستثمرين المحليين.