«المقاولات» الأكثر تأثرًا بالارتفاعات الكبرى في أسعار الخامات.. وتخارج الشركات ظاهرة تتكرر
يظل قطاع المقاولات أحد أكثر القطاعات تأثرًا بالتحديات الاقتصادية، مثل التعويم وارتفاع الفائدة وأسعار الخامات وغيرها، وتؤدي الأعباء المتزايدة إلى عدم قدرة عدد من الشركات على الاستمرار في السوق، ومن ثم التخارج، وهو الأمر الذي حدث في مرات عديدة في السوق المصرية منذ تعويم 2003.
قطاع المقاولات.. الحديد شهد ارتفاعًا سعريًّا على مدار 3 سنوات بنسبة 151.6%.. و275% خلال 5 سنوات
وشهدت أسعار الحديد والأسمنت عدم استقرار خلال عام 2023، بينما شهدت ارتفاعًا مقارنة بالعام السابق، حيث وصل متوسط زيادة أسعار الحديد إلى نسبة 106% مقارنة بـ 2022، بينما ارتفع بنسبة 275% خلال 5 سنوات، حيث كان سعره نحو 10400 جنيه في ديسمبر 2019، بينما وصل سعره في ديسمبر 2023 إلى 39 ألف جنيه.
زيادات الأسمنت تخطت 98% في 3 سنوات.. و162.5% في 5 سنوات
وارتفع سعر الأسمنت بنسبة 23.5% مقارنة بـ 2022، بينما ارتفع 162.5% خلال 5 سنوات، حيث كان سعر الأسمنت يبلغ نحو 800 جنيه في ديسمبر 2019، بينما وصل إلى 2100 جنيه في ديسمبر 2023.
حسن عبد العزيز: صرف مستحقات الشركات المتأخرة ومد فترات العقود حلول للمواجهة
وقال حسن عبد العزيز – رئيس الاتحاد الإفريقي لمنظمات مقاولي التشييد والبناء – إن ارتفاع أسعار مواد البناء يؤثر على قطاع المقاولات بشكل مباشر، نظرًا لتأثيره على التكاليف التي تتحملها جهات الإسناد بالمشروعات، ويؤدي ذلك إلى تباطؤ عمليات التنفيذ لحين مراجعة دراسات التنفيذ، كما يؤثر ذلك على سرعة طرح مراحل جديدة من المشروعات، ومن ثم تراجع المناقصات المطروحة.
وأضاف أن من أهم القرارات التي تم اتخاذها هو صدور القانون رقم 173 لسنة 2022 الخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 2017 بإصدار قانون تعويضات عقود المقاولات والتوريدات والخدمات العامة.
وأصدر مجلس الوزراء قرارًا برقم 21 لسنة 2023 بشأن بدء العمل بالأسس والضوابط ونسب التعويضات عن الأضرار الناشئة بسبب القرارات الاقتصادية الصادرة خلال الفترة من 1/3/2022 وحتى 31/1/2023 بالعقود التي جرى تنفيذها اعتبارًا من 1/3/2022 وحتى نهاية تنفيذ تلك العقود.
وتابع المهندس حسن عبد العزيز بأنه رغم ذلك لم يتم صرف التعويضات للشركات إلى الآن لعدم توافر السيولة لدى الحكومة، وإذا تم توفير هذه السيولة وتم تنفيذ القانون فعليًّا فسيخفف حجمًا كبيرًا من خسائر الشركات.
وأكد ضرورة تفعيل القانون لتخفيف لجوء شركات المقاولات إلى التمويلات البنكية التي تُضاعِف أعباءها المالية نظرًا لارتفاع الفائدة، وهو الأمر الذي سيهدد استمرارية عدد كبير منها.
وأشار رئيس الاتحاد الإفريقي لمنظمات مقاولي التشييد والبناء إلى أنه من الضروري مد فترات تنفيذ المشروعات حتى يتم صرف التعويضات بسبب انخفاض القدرة المالية للمقاولين نتيجة ارتفاع الأسعار، وهذا ما حدث بالفعل في عام 2017 عندما مرت السوق بأزمة مشابهة.
وقال إن كل هذه التأثيرات أدت إلى تخارج عدد من العاملين في قطاع المقاولات، وستكون لذلك أضرار كبرى، منها زيادة نسب البطالة.
سامي سعد: تأثر قطاع المقاولات بتبعات الأزمات الحالية سيظهر بشكل واضح خلال عام 2024
ومن جهته، أكد المهندس محمد سامي سعد – رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء – أن الزيادات في أسعار الحديد والأسمنت كانت غير متوقعة، ومن ثم أثرت بشكل كبير على قطاع المقاولات، وكانت نسبها لا يمكن للمقاول الخبير أن يتنبأ بها، وقد ساهمت في خسارة جزء كبير من رأس المال العامل للشركات، ذلك بالإضافة إلى عدم توافر العملة الصعبة لاستيراد مواد رئيسية، مثل الإلكتروميكنيكال ومادة البتومين للأسفلت، وهذا أدى إلى تخارج بعض الشركات وتباطؤ بعض المشروعات، وسيتضح مدى هذا التأثير خلال عام 2024.
قانون التعويضات
وأضاف سعد: «لذلك تم السعي إلى إصدار قانون التعويضات لتعويض هذه الزيادات للشركات، حيث صدر القانون في عام 2017 إثر تعويم الجنيه المصري الذي حدث في عام 2016، وكان هذا القانون يقوم بتعويض المقاول لمرة واحدة نظرًا لعدم وجود تصور بحدوث تعويم للجنيه مرة أخرى، ولكن عندما حدث تعويم للجنيه المصري 3 مرات في عام 2022 لم يكن القانون كافيًا، لذلك تم تعديل القانون وإصدار قانون تعويضات مرن متغير يمكن أن يُطبَّق أكثر من مرة، حيث يعتمد على تغيرات السوق».
وأوضح أن الحكومة تقوم بما عليها من إصدار القوانين، لكن ليس هناك تجاوب من جهات الإسناد في تفسيرها للقرارات وسرعة التنفيذ وإتاحة الأموال اللازمة للتعويض، حيث تُطبَّق القوانين في بعض الجهات ولا تُطبَّق في جهات أخرى، وتأخذ وقتًا طويلًا.
وأوضح سعد أن فروق الأسعار في بعض الأحيان تُغني الشركات عن طلب التعويضات، ومن الصعب معرفة قيمة التعويضات التي تم صرفها من بعد تعديل قانون التعويضات، ولكن قيمة التعويضات التي تم صرفها لصالح شركات المقاولات المتضررة من قرارات 2016 تبلغ 18 مليار جنيه.
وتابع: «قلة السيولة والمشروعات من الممكن أن تدفع الشركات إلى تخفيض حجم أعمالها حتى تحصل على مستحقاتها، وتأثر قطاع المقاولات بتبعات الأزمات الحالية سيظهر بشكل واضح خلال عام 2024، وسيحدث تخارج لعدد من الشركات، ولدينا 25 ألف شركة عاملة في قطاع المقاولات في الوقت الحالي، وتزيد عليها 2000 شركة جديدة سنويًّا، بينما يتم تخارج نحو 500 إلى 800 شركة»، مؤكدًا أن الاستقرار الاقتصادي ووضع حلول لأسباب حدوث الأزمة، مثل توافر العملة الصعبة، أمر أساسي لتخطي قطاع المقاولات الأزمات الحالية.
ممدوح المرشدي: الدولار و3 مشكلات محلية الأكثر تأثيرًا على القطاع
ومن جانبه قال المهندس ممدوح المرشدي – عضو مجلس إدارة الاتحاد العام لمقاولي التشييد والبناء، ورئيس لجنة الضرائب – إن تأثر قطاع المقاولات بزيادة الأسعار ليس مرتبطًا بالحديد والأسمنت فقط، ولكن أيضًا بسعر الدولار مقابل الجنيه نتيجة استيراد المواد الخام من الخارج.
وأكد المرشدي أن هناك أسبابًا أخرى محلية تؤثر على شركات قطاع المقاولات، مثل عدم دقة فروق أسعار المواد الأولية وتأخير صرفها، ويرتبط تحديد الفروق السعرية بالأرقام القياسية التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهي في الحقيقة ليست دقيقة لأنهم يأخذون المعلومات من بعض الشركات، وتكون في الغالب منخفضة عن الأسعار السوقية.
وأشار إلى أن المشكلة الثانية هي طريقة صرف الفروق التي تؤخذ كل ثلاثة أشهر تعاقدية، والحقيقة أنها تتأخر بشكل كبير يخل بالجدول الزمني للمشروعات، كما أن المشكلة الكبرى هي الفرق الزمني بين قرار مجلس الوزراء بشأن تحديد الأسعار وتاريخ الموافقة على الإسناد وتاريخ صدور أمر الإسناد.
وتابع بأن حلول تلك المشكلات تتمثل في قيام جهاز التعبئة والإحصاء بمراجعة مصادر تحديد الأسعار القياسية وأن تكون أكثر دقة ومصادرها يكون موثوقًا بها، وعدم وجود فترة زمنية بين قرار مجلس الوزراء الذي يتم تحديد سعر الوحدة من خلاله وبين تاريخ أمر الإسناد المباشر، وسرعة إصدار أمر الإسناد المباشر وتقليل الروتين الإداري، بالإضافة إلى صرف الفروق السعرية كل 3 أشهر بالفعل.
وأكد أن المقاولين يعلمون جيدًا الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدولة، حيث يُعتبَرون شركاء مع الدولة في تحمل الأزمة، ولكن التحمل بغرض الاستمرار وليس للإفلاس، وهناك بعض من الشركات لا تستطيع تحمل هذا الضغط الكبير، وهو ما يؤدي إلى تخارج بعض الشركات، بل أكبر من التخارج أن تصل إلى الإفلاس، وغيره من المشكلات الكبيرة.
أحمد عزمي: نأمل أن تستقر العملة لضمان ثبات الأسعار
ومن جانبه قال أحمد عزمي – نائب رئيس مجلس إدارة شركة «سياك للمقاولات» – إن زيادة الأسعار تحمِّل المقاولين أعباء تمويلية إضافية لحين إجراء المعادلة والحصول على نسبة من الفروق، وهو ما يؤثر على معدلات التنفيذ، مشيرًا إلى أن الدولة أجرت تعديلات على معادلات احتساب فروق الأسعار، وكان لها أثر إيجابي في تخفيف حدة الآثار السلبية على المقاولين.
وأضاف عزمي أنه يجب الوصول إلى تحقيق استقرار في سعر العملة لتستقر أسعار الخامات.
إقرأ أيضا
«ريدكون للمقاولات» بدأت تسليم المرحلة الأولى من «ZED الشيخ زايد» باتباع تقنية BIM
أمين صندوق اتحاد المقاولين يضع روشتة لمساندة شركات المقاولات خلال التحديات الحالية