البنك المركزي الأوروبي يفقد 1.3 مليار يورو بأول خسارة سنوية منذ 2004
يتوقع البنك المركزي الأوروبي ECB الذي يتخذ من مدينة فرانكفورت الألمانية مقرا له استمرار خسائره في السنوات القادمة مع تراجع الميزانية بعد أن تعرض لخسارة تجاوزت 1.3 مليار يورو خلال العام الماضي ليسجل أول خسارة سنوية منذ عام 2004 أو ما يقرب من 20 عاما مع هبوط عوائد الفوائد إلى سالب 7.2 مليار يورو مقابل مكاسب ما يزيد عن 900 مليار يورو في عام 2022 وبسبب تخصيص مبالغ مالية ضخمة بلغت أكثر من 6.6 مليار يورو لمواجهة المخاطر المالية خلال العام الماضي.
حيازة الأصول في البنك المركزي الأوروبي تهبط 3.5 % العام الماضي
وتراجعت حيازة الأصول في البنك المركزي الأوروبي ECB بحوالي 3.5 % العام الماضي لتنزل إلى 675 مليار دولار مقارنة مع 699 مليار دولار في عام 2022 رغم أنها ظلت ترتفع من 457 مليار دولار في عام 2019 إلى 569 مليار دولار خلال العام التالي له ثم إلى 680 مليار دولار في عام 2021.
ويرى البنك المركزي الأوروبي أن الخسائر التي تكبدها العام الماضي والمرتقبة في السنوات القليلة القادمة لأنه من المرجح أن يعود إلى تحقيق أرباح مستدامة بعد ذلك،ليس لها تأثير بشكل فعال على إدارة السياسة النقدية رغم أنه رفع أسعار الفائدة من أقل من صفر أو زيرو منذ عام 2015 إلي أكثر من 4% منذ ما بعد وباء كورونا وحتى الآن ليتكبد أول خسارة له منذ ما يقرب من عقدين بعد رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية.
خسائر في صرف العملات الأجنبية بسبب الارتفاع السريع في قيمة اليورو
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن خسارة البنك المركزي الأوروبي ECB العام الماضي والتي تعد الأولى منذ عام 2004 عندما تعرض لخسائر في صرف العملات الأجنبية بسبب الارتفاع السريع في قيمة اليورو، ربما تتجاوز ذلك بكثير لو لم يقم المسئولون في البنك بتوفير مبلغ 6.6 مليار يورو والذي خصصه لامتصاص الخسائر التي تأتي بعد ما يقرب من عقدين من الأرباح المستمرة وتعكس الإجراءات السياسية الضرورية التي اتخذها لمكافحة التضخم الذي من المتوقع أن يرتفع في منطقة اليورو خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة إلى 3.3%.
وبدأ البنك المركزي الأوروبي في زيادة تكاليف الاقتراض بمعدل غير مسبوق في يوليو 2022 بعد أن أدت حرب روسيا في أوكرانيا إلى رفع أسعار الطاقة والغذاء ولكنه أبقى أسعار الفائدة ثابتة عند مستوى قياسي بلغ 4% منذ أكتوبر في مواجهة تباطؤ التضخم واقتصاد منطقة اليورو المتعثر.
ارتفاع أسعار الفائدة أدى لزيادة عوائد الفوائد المدفوعة للبنوك المركزية لأعضاء منطقة اليورو
ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى زيادة عوائد الفوائد المدفوعة للبنوك المركزية الوطنية لأعضاء منطقة اليورو وفي الوقت نفسه، فشل دخل الفوائد على السندات التي جمعها البنك المركزي الأوروبي ECB على مدى سنوات من مكافحة الأزمات في مواكبة هذا الارتفاع ولكن توفير مخصصات لمواجهة المخاطر المالية ساهمت في الحد من تفاقم الخسائر خلال 2023.
حقق البنك العام الماضي أرباحا صفرية، حيث استخدم المخصصات لتعويض عجز قدره 1.6 مليار يورو، ما يعكس تأثير ارتفاع أسعار الفائدة المدفوعة للبنوك المركزية للدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، والتي تم رفعها لمستوى قياسي استجابة لارتفاع التضخم الذي سجل أعلى مستوى في تاريخه.
ارتفاع توقعات التضخم بين مستهلكي منطقة اليورو للعام المقبل واستقرارها لمدة 3 سنوات
أظهر مسح جديد أجراه البنك المركزي الأوروبي ECB ارتفاع توقعات التضخم بين مستهلكي منطقة اليورو للعام المقبل واستقرارها لمدة 3 سنوات، مما يزيد من الأدلة على أن المرحلة الأخيرة من كبح نمو الأسعار قد تكون صعبة رغم انخفاض معدل التضخم على نحو سريع في العام الماضي ليسجل الآن أقل بقليل من 3%، لكن مسئولي البنك يعتقدون إنه قد يستغرق أكثر من عام آخر لينخفض إلى هدفه عند 2% على الرغم من سلسلة قياسية من رفع أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الضعيف.
وأعلن البنك المركزي الأوروبي وفقا لمسح شمل 19 ألفا من البالغين في 11 دولة عضو بمنطقة اليورو، إن متوسط التوقعات للتضخم خلال 12 شهرا المقبلة ارتفع إلى 3.3% في يناير مقارنة مع 3.2% في ديسمبر الماضي بينما ظلت التوقعات للأعوام الثلاثة المقبلة دون تغيير عند 2.5%.
ارتفاع الفوائد المدفوعة لبنوك منطقة اليورو من 900 مليون يورو في عام 2022 إلى 7.2 مليار يورو العام الماضي
أدت سياسة التشديد النقدي التي نفذها البنك المركزي الأوروبي ECB لارتفاع نفقات الفائدة التي يدفعها للبنوك المركزية بمنطقة اليورو، مما يعكس ارتفاعا حادا في الفوائد المدفوعة لهذه البنوك من 900 مليون يورو في عام 2022 إلى 7.2 مليار يورو في العام الماضي.
بينما لم ترتفع الفوائد التي يكسبها المركزي الأوروبي على رغم ارتفاع توقعات التضخم بين مستهلكي منطقة اليورو للعام المقبل واستقرارها لمدة 3 سنوات حفظة الواسعة من السندات التي تم شراؤها على مدى العقد الماضي لأن العديد من هذه السندات طويلة الأجل وتم تأمينها بمعدلات فائدة منخفضة أو حتى سلبية لسنوات عديدة قادمة.
قيمة سندات ECB انخفضت بشكل حاد منذ شرائها
وتحمل الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي بعض المخاطر المحتملة أيضًا، لأن قيمة هذه السندات ذاتها انخفضت بشكل حاد منذ شرائها ولكن البنك قرر مرة أخرى عدم تخفيض قيمتها لأنها محتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق، ومعظمها بكوبونات ثابتة وتميل إلى أن تكون لسنوات طويلة.
وأدي التراجع في التوقعات المالية البنك المركزي الأوروبي ECB على إلغاء الأرباح التي مان سيدفعها للبنوك المركزية الوطنية في منطقة اليورو عن العام الماضي وبلغت مدفوعات الأرباح هذه نحو 5.8 مليار يورو بين عامي 2018 و2022، وعادة ما يتم تمريرها من البنوك المركزية الوطنية إلى حكومات منطقة اليورو غير أن تلك الخسارة أدت إلى زيادة الضغوط السياسية على البنك المركزي الأوروبي وتهدد استقلاله، على الرغم من أن معظم المحللين يرون بأن ذلك أمرا غير مهم طالما أن البنوك المركزية الوطنية للدول الأعضاء في منطقة اليورو تحقق أرباحا.
البنك المركزي الأوروبي مهمته الحفاظ على استقرار الأسعار بغض النظر عن أي خسائر
ويستطيع البنك المركزي الأوروبي العمل بفعالية والوفاء بتفويضه الأساسي المتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار بغض النظر عن أي خسائر بعد أن رفع أسعار الفائدة بوتيرة غير مسبوقة على مدى العامين الماضيين، وبعد ميزانية عمومية متضخمة على مدار عقد من التحفيز المالي مما ساعد البنوك التجارية الآن علي تحقيق فوائد ضخمة على تريليونات اليورو طبعتها خلال فترة التضخم الهزيل.
وأوضح البنك المركزي الأوروبي، لمنطقة اليورو المكونة من 20 دولة، إن خسائره قبل تحرير المخصصات بلغت 7.9 مليار يورو بعد خسارة 1.6 مليار يورو في عام 2022 ولكن بمجرد إلغاء جميع مخصصات المخاطر، سيتم ترحيل خسارة قدرها 1.3 مليار يورو لتعويضها مقابل الأرباح المستقبلية علاوة على أنه لا يزال يتمتع برأس مال قوي ويمكنه العمل بفعالية بغض النظر عن أي خسائر.
البنك المركزي الأوروبي يعمل بمخصصات مستنفدة وأسهم عوائدها سلبية على عكس البنوك التجارية
ويعمل البنك المركزي الأوروبي ECB بمخصصات مستنفدة بل وحتى بأسهم عوائدها سلبية على عكس البنوك التجارية غير أن هذه الخسائر يمكن أن تثير مخاوف بشأن المصداقية، وتحرم الحكومات من الأرباح بعد عملية طباعة النقود واسعة النطاق التي يقوم بها البنك المركزي الأوروبي، وهي السمة المميزة لجهود التحفيز التي بذلها في عهد الرئيس السابق ماريو دراجي.
وقام ماريو دراجي بطباعة النقود لشراء السندات الحكومية على أمل أن يؤدي الائتمان الوفير والرخيص إلى إحياء النمو الاقتصادي ودفع التضخم إلى الارتفاع إلى 2٪ ولاسيما أن أسعار الفائدة كانت سلبية وبالتالي كانت التكلفة قليلة على البنك المركزي الأوروبي، الذي لا ينال إلا دخل متواضع من الفوائد على السندات التي اشتراها خلال خطة التحفيز ولكن يجب عليه الآن أن يدفع سعر فائدة بنسبة 4٪ على الأموال التي سلمها إلى البنوك بينما لا تزال البنوك التجارية تحتفظ بما قيمته 3.5 تريليون يورو من السيولة الفائضة في جميع أنحاء منطقة اليورو، وقد يستغرق استخراج هذه الأموال من النظام المالي دون التسبب في عدم الاستقرار أكثر من 10 سنوات.