الخبير الاقتصادي الدولي محمد العريان: مشروع رأس الحكمة والإصلاحات التي نفذتها الحكومة المصرية خففت من المخاوف الاقتصادية
أكد الخبير الاقتصادي الدولي محمد العريان أن هناك فرصًا واعدة للاستثمار اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهذا يعود إلى كون نظام الاستثمار أصبح أقل تعقيدًا في ظل إبقاء معدلات الفائدة منخفضة جدًّا، وقرار الاستثمار يتوقف على عدة عوامل، ويجب على المستثمر أن يجيب عن الأسئلة التالية: «ما حجم مدخراته؟ ما أهدافه؟ ما مدى قدرته على تحمل المخاطر؟».
يجب التركيز على الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والعلوم الحيوية والطاقة المتجددة
وشدد على ضرورة أن يحدد المستثمر درجة تحمله للمخاطرة قبل الدخول في أي استثمار حتى لا يكون مضطرًّا إلى الهرب عند حدوث التقلبات، حيث إن المهم هو مدى تحملك للخسارة وليس كم ستجني من الاستثمار، لافتًا إلى أن الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والعلوم الحيوية والطاقة المتجددة والرعاية الصحية من الاستثمارات الهامة التي يجب التركيز عليها.
مشروع رأس الحكمة
الصفقة بددت المخاوف بشأن الاحتياطيات والديون المصرية.. وستسهم في خلق المزيد من الوظائف
وقال فيما يخص استثمارات الإمارات في مشروع رأس الحكمة بمصر والإصلاحات التي نفذتها الحكومة المصرية إن الصفقة لها تأثير جيد بالفعل، وأفكر في الأمر باعتباره أسلوب هجوم ودفاع، حيث إنها شكلت مصدات دفاعية للاقتصاد المصري.
معدلات الفائدة المنخفضة تجعل الاستثمار أقل تعقيدًا
وأضاف أن الاستثمار الضخم من الإمارات في مصر حقق أمرين: تبديد المخاوف بشأن الاحتياطيات والديون المصرية، وإتاحة الفرصة لإصلاح نظام الصرف، حيث رأينا انخفاض سعر الدولار من 70 إلى 50 جنيهًا مرة واحدة وتقلُّص السوق السوداء وانكماشها، لذلك كانت هذه الاستثمارات مصدات دفاعية هامة للغاية، لكنها لعبت أيضًا دورًا هجوميًّا لأنها شملت مجالات ستشهد العديد من الإنشاءات، وتوظف الكثير من الأيدي العاملة، وستخلق الكثير من الوظائف.
وأوضح أن الاستثمارات الإماراتية كانت مفيدة جدًّا، ولكن الأهم هو الاستفادة من الزخم الحالي وعدم تضييعه، فهذه لحظات حاسمة يمكنها أن تتيح تحقيق الكثير من الأشياء الجيدة في مصر.
الاقتصاد في مصر
مستقبل مصر واعد جدًّا إذا استمرت في إطلاق العنان للشباب
وأوضح فيما يخص الخطوات التي يمكن اتباعها ليلحق اقتصاد مصر بغيره من الاقتصادات التي حققت نموًّا في المنطقة أن مصر فوتت في تاريخها العديد من الخطوات الهامة، والسبب وراء ذلك هو عدم القدرة على الإصلاح بطريقة سريعة، حيث أتذكر في الألفينيات أنه كانت هناك فترة للنمو السريع في مصر، أدت إلى إطلاق لقب «نمر النيل» عليها في إحدى المؤتمرات، حيث كانت كلمة «النمر» تدل على الاقتصادات الآسيوية التي نمت بشكل سريع جدًّا بنسب 5 و6 و10 في المائة لعشر سنوات وأكثر، وتلك النسب غيَّرت الاقتصادات بشكل كامل كما رأينا ذلك يحدث في الصين وكوريا وسنغافورة وتايوان وغيرها من الدول، ولكن لسوء الحظ لم يتم الحفاظ على تلك الجهود.
وتابع بأن الأمل هو أن تستطيع الحفاظ على الإصلاحات لأن بإمكانك إطلاق العنان لأشياء مذهلة، حيث أصادف في كثير من الأحيان قصصًا ملهمة داخل مصر عن الشركات الناشئة وعن مصريين خارج البلاد يقومون بأشياء مذهلة في تحدي البيئات، وإذا استمررنا في إطلاق العنان للشباب فإن مستقبل مصر واعد جدًّا.
البنك الفيدرالي وسعر الفائدة
استراتيجيات «الفيدرالي الأمريكي» تؤثر في اقتصاد العالم
وقال فيما يخص التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، بما فيها التوترات الجيوسياسية، إن «الفيدرالي» يُعَدُّ البنك المركزي الأقوى في العالم، لأن الدولار هو عملته الاحتياطية ولأن النظام المالي الأمريكي يُستخدَم من قِبَل الكثير من الناس لإدارة مدخراتهم، ورغم وجود «الفيدرالي» في الولايات المتحدة الأمريكية فإن قراراته لها تأثيرات واسعة النطاق، حيث تؤثر في اقتصاد العالم.
وأوضح فيما يخص ما يجب على «الفيدرالي» فعله بأنه يجب أن يتطلع «الفيدرالي» إلى الأمام وألا يعتمد فقط على البيانات المتاحة، بل عليه أيضًا أن يتبنى رؤية اقتصادية استراتيجية، وقد يؤدي التشديد النقدي المفرط والمستمر لـ «الفيدرالي» إلى الضغط أكثر على عجلة نمو الاقتصاد، وهو ما سيسبب نتائج سلبية.
وتابع: «لذلك أعتقد أن ما ينبغي لـ «الفيدرالي» فعله هو تخفيض سعر الفائدة مرتين هذا العام، ولكن ما سيفعله في المستقبل سيكون أصعب بكثير، وذلك لأنه واصل الاعتماد على البيانات، وإذا استمر في الاعتماد على البيانات فإنه لن يخفض معدلات الفائدة».
دول الخليج
دول الخليج يجب أن تحافظ على ربط عملاتها بالدولار
وعن نصيحته لدول الخليج بمواصلة الارتباط بالدولار أم لا في ظل ما يواجهه العالم من تحديات كثيرة، ومن ضمنها قوة الدولار، قال أعتقد أن الصواب هو مواصلة الارتباط بالدولار؛ فهذا يوفر هامشًا مرنًا.
وأضاف أن هناك الكثير من التحولات المهمة الجارية حاليًّا، وهي تحولات تؤدي أساسًا إلى تغيير الاقتصادات، وآخر شيء يمكن التفكير في فعله هو جلب حالة غير ضرورية من عدم اليقين.
وتابع: «إذا افترضنا أنه تم الإعلان عن تغيير نظام سعر الصرف، فإن ذلك قد يتسبب في أشكال مختلفة من عدم اليقين، لهذا أقول إنه لا يوجد في الوقت الحالي أي سبب وجيه لتغيير ربط العملات الخليجية بالدولار».
الحرب في غزة
الحرب في غزة تؤثر سلبيًّا في السياحة والاستثمار بالدول المجاورة لها
وأضاف العريان أن هناك أثرًا سلبيًّا على السياحة والاستثمار في الدول المجاورة للحرب في غزة، ولكن إذا كنت موجودًا في الإمارات على سبيل المثال فلن تشعر بتأثير ذلك في السياحة أو الاستثمار الأجنبي المباشر، بل ستستفيد من ارتفاع أسعار النفط المرافق لهذه التوترات، لذلك فإن مدى تأثرك يعتمد على مكان وجودك، ولكن القاسم مشترك بين الجميع هو الشعور بحزن كبير وقلق عميق بشأن المأساة الإنسانية الواقعة في الوقت الحالي.