الأربعاء 18 سبتمبر 2024 الموافق 15 ربيع الأول 1446
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

أولاد الأصول (من فضلك) - بقلم مها سالم

الخميس 22/أغسطس/2024 - 02:05 م

«وإذا أصيب القوم في أخلاقهم

فأقم عليهم مأتمًا وعويلا»

في هذا البيت للشاعر أحمد شوقي ما يعبر عن أهمية الأخلاق في حياة الأفراد والمجتمعات، ويؤكد أن الأخلاق هي الأساس الذي يبنى عليه الرقي والتمدن.. فهل نشعر بتأثر أخلاقنا ؟

في زمن يتسارع فيه الإيقاع وتتغير فيه القيم، أصبحت ألاحظ تراجعًا ملحوظًا في مستوى الأخلاق والرقي في التعاملات اليومية، خاصة بين جيل الشباب..فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أن مفهوم التمدن والحداثة والتحضر قد أخذ منحىً مختلفًا تمامًا بعيدًا عن الأصول.

سياق حياتنا اليومية، نشهد تراجعًا في استخدام الألقاب والاحترام المتبادل بين الأعمار والوظائف، وأصبح من النادر أن نسمع كلمات مثل «من فضلك»، «لو سمحت»، و»شكرًا» و» وأسف»، بل ربما وصفنا من يستخدمهم بالرجعية، هي ليست كلمات حتي لو تبدلت مفرداتها او لغتها، لكنها دلالة علي قيم.

وفي سياق حياتنا اليومية، نشهد تراجعًا في استخدام الألقاب والاحترام المتبادل بين الأعمار والوظائف، وأصبح من النادر أن نسمع كلمات مثل «من فضلك»، «لو سمحت»، و»شكرًا» و» وأسف»، بل ربما وصفنا من يستخدمهم بالرجعية.

هي ليست كلمات حتي لو تبدلت مفرداتها او لغتها، لكنها دلالة علي قيم

فهذه التغيرات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة لفهم خاطئ لمعنى التمدن. أصبح البعض يعتقد أن التمدن يتمثل في التحدث بأسلوب غير رسمي مع الجميع، بغض النظر عن العمر أو المكانة المهنية الاحترافية،ولكن الحقيقة هي أن التمدن والرقي لا يُقاسان بطريقة الكلام فقط، بل بالأفعال والقيم التي نتبناها ونعبر عنها في تعاملاتنا اليومية.

وفي رأيي إن الأصول والأخلاق الحميدة تظل دائمًا عنوانًا للرقي والتميز التي لا يضاهيها تفوق مادي أو اجتماعي، بل هي المعيار الجوهري الذي يظهر مكانة الإنسان الأخلاقية والتي تعكس قيمه الرفيعة.

فلا يمكن أن ننسى سحر استخدام العبارات البسيطة مثل «حضرتك» عند مخاطبة الكبار، و»آسف» عند ارتكاب خطأ و» من فضلك» عند تقديم طلب..

إن هذه العبارات ليست مجرد كلمات، بل هي تعبير عن احترام وتقدير للآخرين، وعن إدراك لقيمة الذات والآخر، سواء علي المستوي المهني او علي مستوي التواصل الانساني.

ربما يكون بعدنا عن قيمنا تأثرًا بعولمة وبقيم غربية في التعليم أعدت الشخصية علي التعبير الجرئ، لكن للغرب قيم كثيرة حميدة تهتم بتطوير المهارات والثقة في الذات، فلماذا نتركها ونرتكن الي ما يفسد فقط، وليس الي قيم العمل والصبر والاجتهاد والنظافة والنظام..

«وليس بعار أن تكون مقلدًا

إذا قلدت قومًا ذوي فضل وحسب»

وأعتقد دوما إن الاستثمار في الأخلاق والفضائل ليس رفاهية بل هو جزءًا من هويتنا الثقافية وبها نضمن سلاما مجتمعيا لذلك يجب أن نُعنى بالاستثمار في الأخلاق والقيم. إذ أن المجتمع الذي يُقدّر الأخلاق هو مجتمع يُقدّر الفضل والإنجاز، ويمنح الفرص للتميز والابتكار.

ختامًا كم أتمني أن نتذكر دائمًا أن الأخلاق هي العمود الفقري لأي مجتمع ناجح، وأن العودة إلى أصولنا وقيمنا الرفيعة هي السبيل الوحيد لبناء جيل يحمل المسؤولية ويعي معنى الاحترام والرقي.

فلنعد إلى استخدام كلمات بسيطة ذات دلالة عظيمة «من فضلك» و»لو سمحت»، ولنبدأ بتقديم الشكر والاعتذار عندما يلزم، فهذا هو السبيل الحقيقي للتمدن والرقي والاحتفاظ بقيم « أولاد الأصول».