مصرفيون: تراجع الفائدة الأمريكية يجذب الأجانب لأدوات الدين المصرية
كريم على
تراجع متوسط العائد على سندات الخزانة المحلية أجل 3 سنوات في مصر خلال عطاء اليوم إلى أقل مستوى له منذ شهرين مسجلا 24.8% مقابل 25.1% بالعطاء السابق، وسط زيادة إقبال المستثمرين، وفق بيانات المركزي، حيث باع 54.45 مليار جنيه، بأكثر من نحو 10 أمثال المبلغ المستهدف البالغ 5 مليارات جنيه.
وقال الخبراء المصرفيون إن ارتفاع شهية المستثمرين على اكتتابات أدوات الدين الحكومي، بجانب خفض تكلفة الاكتتاب المعروضة نسبيا إلى خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع قبل الماضي، الفائدة للمرة الأولى منذ 2020، بواقع 50 نقطة أساس، بجانب توقعات استمرار الخفض لمرات قادمة.
وأضافوا أن الفائدة المرتفعة الحالية ستشجع مزيد من المستثمرين في أدوات الدين الحكومية خلال الفترة المقبلة.
قالت دينا الوقاد محلل الاقتصاد الكلي، إن التراجع في العائد على السندات يشير إلى زيادة في الطلب من المستثمرين، ما يعكس ثقة في الاقتصاد المصري على الرغم من التحديات.
أوضحت أن قبول البنك المركزي كميات كبيرة من السندات يعكس استغلاله للفرصة لجمع سيولة كبيرة لتلبية احتياجات التمويل، وسيستمر هذا الاتجاه إذا ظل العائد مغريًا للمستثمرين.
ذكرت أن إقبال المستثمرين المحليين والأجانب على السندات بسبب العوائد المرتفعة مقارنة بأسواق أخرى، إضافة إلى الاستقرار نسبي في الأسواق المالية أو إحساس بأن الأوضاع الاقتصادية ستتحسن قريبًا، كما تقليل المخاوف بشأن التضخم أو تقلبات أسعار الفائدة التي قد تؤثر على العائدات في المستقبل.
لفتت إلى أن قرار البنك المركزي بقبول كميات كبيرة تصل إلى 10 أضعاف المبلغ المستهدف (54.45 مليار جنيه مقابل 5 مليارات جنيه مستهدفة) قد يكون مدفوعًا بعدة اعتبارات.
استغلال العائد المرتفع
في الوقت الذي يقدم فيه البنك المركزي عوائد مرتفعة (حتى 39% في بعض الطلبات)، فإن قبول هذه الكميات الكبيرة يوفر له فرصة زيادة السيولة بشكل كبير، حيث أن هذا يمكن أن يساعد في تمويل العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة دون الحاجة للجوء إلى أدوات أخرى مكلفة.
جاء الاعتبار الثاني تحقيق الاستقرار المالي: قبول كميات كبيرة من السندات قد يعكس أيضًا محاولة من البنك المركزي لتعزيز ثقة المستثمرينودفعهم للاستثمار في الأداة المالية المصرية التي تعطي عوائد مرتفعة مقارنة بالأسواق الأخرى.
على الرغم من أن هذا قد يكون مخاطرة من حيث زيادة الدين العام، إلا أن القرار يمكن أن يُنظر إليه على أنه استفادة من الظروف الراهنة لجذب أكبر قدر ممكن من السيولة التي يحتاجها الاقتصاد في فترة قصيرة.
وتابعت الوقاد، لكن في نفس الوقت، يمكن أن يُنظر إلى هذا التراجع على أنه محاولة لزيادة الطلب على السندات من خلال خفض العائد، وهو ما يتيح للبنك المركزي تحسين السيولة المحلية وتخفيض كلفة الاقتراض.
ومن جانبها قال الخبير المصرفي، محمد البيه، إن هناك سببان وراء زيادة أقبال المسثتمرين على سندات الخزانة يوم الاثنين الماضي الذي وصل لأقل مستوى له منذ شهرين ، إضافة إلى تراجع معدل العائد من 24.8% مقابل 25.1% بالعطاء السابق.
أوضح البيه، أن زيادة الاستثمارات في سندات الخزانة جاءت نتيجة توقعات التقارير الدولية التي تشير إلي تراجع معدلات الفائدة خلال العام المقبل في مصر إلي 18٪ مقارنة بأكثر من 28٪ حاليًا.
لفت إلي أن ذلك التراجع في أسعار الفائدة سيرجع بعد انخفاض معدلات التضخم خلال الفترات المقبلة.
وسجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي، 0.9% في أغسطس 2024 مقابل 0.3% في أغسطس 2023 وسالب 0.5% في يوليو 2024، وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم الأساسي 25.1% في أغسطس 2024 مقابل 24.4% في يوليو 2024.
أضاف أن تلك التوقعات جذبت مزيد من المستثمرين للاستثمار بشكل أكبر في السندات خلال العطاء الماضي، مشيرًا إلى أن المخاطر علي الأجل الطويل أقل علي البلاد خلال الفترة الراهنة من مخاطر الأجل القصير.
وتوقع مزيد من أقبال المستثمرين علي السندات الحكومية خلال الفترة المقبلة لاستغلال ارتفاع الفائدة الذي سينخفض بشكل كبير خلال العام المقبل.
وفي سياق متصل قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، أن يشير التراجع الملحوظ في متوسط العائد على سندات الخزانة المصرية لأجل 3 سنوات إلى تحول ملحوظ في ديناميكيات سوق السندات المحلية.
أضاف أن هذا التطور الذي جاء بالتزامن مع زيادة الطلب على السندات، تشير البيانات التاريخية لسندات الخزانة ذات العائد الثابت بالجنيه المصري من موقع البنك المركزي المصري على ما يلي:
تراجع مستمر في العائد: يشير الاتجاه العام إلى انخفاض مستمر في متوسط العائد على السندات، مما يعكس زيادة في الطلب عليها.
ارتفاع حجم الطلب
يتضح أن حجم الطلب على السندات في كل من العطاءات قد فاق بكثير الكميات المعروضة، مما يشير إلى شهية قوية للاستثمار في هذه الأوراق المالية.
تعدد فئات المستثمرين: يشير تنوع المستثمرين، بما في ذلك المستثمرون الأجانب والمؤسسات المالية المحلية، إلى أن هذا التوجه ليس مقتصراً على فئة معينة من المستثمرين.
ذكر أن أسباب التراجع في العائد ترجع إلى لعب المستثمرون الأجانب دوراً محورياً في زيادة الطلب على السندات المصرية، مدفوعين بتوقعات بتحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر وانخفاض أسعار الفائدة عالمياً، كما أن البنوك المحلية سعت إلى زيادة استثماراتها في السندات الحكومية لتحقيق عوائد أعلى وتلبية متطلبات الاحتياطي الإلزامي.
كما أدت التوقعات المتزايدة بتخفيض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة إلى زيادة الطلب على السندات، حيث يسعى المستثمرون لشراء السندات بأسعار أعلى قبل أن تنخفض أسعار الفائدة، إضافة إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر، مثل انخفاض معدلات التضخم وتحسن ميزان المدفوعات، إلى زيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
أشار إلى أن أي تغير مفاجئ في التوقعات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أو حدوث أزمة مالية عالمية، قد يؤدي إلى تدفقات رأسمال كبيرة خارج مصر وتراجع الطلب على السندات المصرية.
وكان تلقى البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية المصرية عروض اكتتاب بالمزادات الأخيرة تعادل 4 أو 5 أضعاف القيم المطلوبة في بعض العطاءات، وذلك بالتزامن مع خفض المستثمرين عروضا "أعلى فائدة" بنحو 5% لتتراوح بين 28 و29% مقابل 34% خلال يونيو الماضي.
وطلبت وزارة المالية اكتتابات في عطاءات أذون الخزانة لأجل 91 يوما منذ بداية الشهر الحالي بقيمة 150 مليار جنيه، موزعة على 4 عطاءات، تلقت عليها عروض من المستثمرين بقيمة إجمالية 550 مليار جنيه، قبلت منهم 280 مليار جنيه فقط.