وقف التراخيص للتنشيط وإعادة التخطيط
اتخذت الدولة مؤخرا قرارا، فجر حالة من الجدل في الأوساط المعنية، بوقف تراخيص البناء في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية وعواصم باقي المحافظات، ولكن بالنظر إلى جوهر هذا القرار سنجده قرارا مدروسا بدقة، ولم يخرج للعلن بصورة عشوائية حيث يراد منه عمل جراجات في كل مبني بالإضافة إلى أنه يهدف إلى تنشيط المدن الجديدة وإعادة تخطيط المدن القديمة.
وتم التمهيد إلى ذلك القرار منذ فترة طويلة مع التشديد على مراقبة أعمال البناء في المحافظات والمدن القديمة والتي انتشرت بها العشوائيات بصورة كبيرة، ووجه الرئيس السيسى في العديد من المناسبات بالتعامل بحزم مع تلك العشوائيات بل وتم إصدار العديد من القرارات المهمة التي تهدف جميعها إلى القضاء على المخالفات والتعامل بصرامة مع الخارجين على القانون.
فقرار إيقاف البناء بالمحافظات ومنع التراخيص «مدروس» تم اتخاذه بناء على الأوضاع التي تشهدها محافظات مصر من انتشار المخالفات والتي تزداد في حالات الأزمات مثل «أزمة كورونا» حاليا بحيث يستغل الخارجون على القانون انشغال الدولة بالعديد من الملفات ويقومون بزيادة عمليات البناء العشوائي والمخالف، وهو الأمر الذي تكرر في العديد من الأزمات السابقة، ولذلك انتبهت الدولة مبكرا إلى ذلك باتخاذ قرار وقف البناء ومنح التراخيص بحيث يتم السيطرة على الأوضاع ومراجعة مواقف التراخيص السابقة التي منحها للتأكد من سلامتها وإعطاء فرصة لأجهزة المحليات بإزالة المخالفات القديمة التي أنشئت في أوقات سابقة.
وللقرار أبعاد أخرى ليس فقط القضاء على العشوائيات فحسب، فبحسب تأكيدات المتعاملين بالقطاع العقاري والمنفذين لمشروعات بمدن المجتمعات العمرانية الجديدة والجيل الرابع كالعلمين الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة فقد شهدت السوق بنهاية العام الماضي انخفاضا في حركة المبيعات بالمشروعات الجاري تنفيذها بتلك المدن ومع أزمة «كورونا» أصبحت التنفيذات لا تتخطى الـ 10 %، فأسهمت فى تفضيل زيادة حركة البناء بالمدن القديمة إلى تفضيل العملاء الحصول على وحدات بمناطق المعادي ومصر الجديدة ومدينة نصر بدلا من شرق القاهرة والعاصمة وكذلك بالمهندسين بدلا من غرب القاهرة وبالإسكندرية بدلا من العلمين الجديدة وهو الأمر الذي أضر بحركة الاستثمارات بالمدن التي أنفقت عليها الدولة مليارات الجنيهات لتنفيذ بنية أساسية قوية وإجراء تخطيط على أعلى مستوى. وتتسم المدن الجديدة بالرقابة الجيدة من أجهزتها والسيطرة على العشوائيات التي يتم التعامل معها فوريا، وبالتالي تضمن تحقيق المظهر الحضاري والعمراني رفيع المستوى الذي تستهدفه الدولة.
وبالتالي نرى أن قرار إيقاف البناء والتراخيص بالمحافظات سيسهم فى تحقيق أبعاد أخرى وهي تنشيط حركة البيع والاستثمار بالمدن الجديدة ودفع حركة العمل التي تسهم بدورها فى تشغيل الملايين من الأيادي العاملة والمساهمة في رفع معدلات النمو كما سيسهم قرار رفع الاستثمارات الحكومية بالعام المالي المقبل من 150 إلى 230 مليار جنيه فى تحفيز الاستثمارات الموجهة الى المدن الجديدة وإنفاق المزيد على مشروعات البنية الاساسية.
كما يحقق تنظيم عملية البناء فى المحافظات والقضاء على العشوائيات هدف الدولة فى إعادة تخطيط المدن القديمة وخلق مناطق سياحية عريقة تتناسب مع تاريخ وحضارة كل محافظة فلكل منها حكاية وتاريخ طويل ورونق خاص يجذب السائحين من مختلف أنحاء العالم.
رئيس التحرير :بدور إبراهيم