البقاء للجادين ولا عزاء للهواة
فرضت الأزمة الحالية على اقتصادات العالم تحديات ومتغيرات ستمتد آثارها إلى المستقبل القريب، وستؤثر على شكل الاستثمارات ومدى استمرارية بعض الكيانات في العمل والتوسع وتخارج كيانات أخرى، فلا شك أن الفترة المقبلة ستشهد حدوث مفاجآت في مختلف القطاعات، سواء داخل مصر أو على مستوى العالم.
فبعد أن قامت الدولة بإطلاق إشارة عودة الحياة إلى طبيعتها وعودة المؤسسات إلى العمل بطاقتها الكاملة مع استمرار الإجراءات الاحترازية، وبعد فتح قطاعات السياحة والفنادق والطيران وغيرها، عادت الفرص للمجالات الاستثمارية جميعها.
ولكن لن يعود الوضع إلى ما كان عليه في السابق؛ فقد أثبتت الأزمة أنه لولا العمل الجاد ومسيرة التنمية التي تبناها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي طوال الأعوام الستة الماضية لم تكن البلاد لتستطيع تخطي جانب كبير من التداعيات السلبية لفيروس كورونا، فلم نشهد في مصر مجاعات أو اختفاءً للسلع أو زيادة في الأسعار، وما زالت جميع القطاعات تعمل وتنتج، وقد دعمت الدولة معظم القطاعات المتضررة، ولم يشهد معدل النمو انخفاضًا كبيرًا كما حدث في العديد من البلدان الكبرى التي تتمتع باقتصاد أقوى.
فمن يستطيع البقاء هو المستثمر الجاد الذي يرغب في المشاركة في خطة الدولة للتطوير ويؤمن برسالتها التنموية ويسهم في خلق المزيد من فرص العمل مع تحقيق مكاسب مقبولة، وليس من ينظر فقط إلى المكسب ويتطلع إلى أرباح من 100% إلى 200% دون التفكير في خلق قيمة مضافة وإفادة للدولة.
فسنرى اختفاء العديد من الشركات بمختلف القطاعات الاستثمارية، كما سنرى اندماجات في محاولات للتوسع والاستمرارية. وبالحديث عن الفرص الاستثمارية -وخصوصًا في القطاع العقاري- فلا شك أن الدولة في الأعوام الأخيرة ركزت على خلق بنية تحتية قوية من طرق ومرافق تؤهل بيئة خصبة للاستثمارات للعمل والتنمية وتحقيق الأرباح، كما قامت الدولة بتنفيذ مجتمعات عمرانية جديدة تحقق نموذج التكامل الذي يضمن تحقيق أعلى العوائد الاستثمارية وجذب الكتل السكانية وتلافي كل السلبيات التي شهدتها نماذج المجتمعات العمرانية من الأجيال الثلاثة الأولى التي احتاجت إلى سنوات عديدة لتحقيق جزء من معدلات التنمية المنشودة وجذب الاستثمارات والسكان.
ففي أقل من 5 سنوات ظهرت مجتمعات عمرانية على أعلى مستوى من البنية الأساسية والتخطيط والخدمات والاستدامة، فلم نكن نتوقع ظهور مشروعات عملاقة بالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والجلالة وتشغيل الجامعات والمدارس وحدوث تنمية حقيقية بهذه السرعة في تلك المدن لتؤهلها لأن تصبح نقاط جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وإذا لم يقم المستثمرون حاليًّا باستغلال جميع الفرص المتاحة من أراضٍ ومشروعات في تلك المدن فستكون الفرص أصعب في المستقبل القريب للحصول على أراضٍ بالأسعار الحالية في تلك المدن، فيكفي أن نذكر مثالًا بسيطًا بمدينة العلمين الجديدة التي يتخطى سعر المتر فيها حاليًّا بالأبراج الشاطئية 60 ألف جنيه، بينما طُرح منذ عامين بسعر 25 ألف جنيه فقط للمتر.
فعلى المستثمرين اغتنام الفرص المتاحة حاليًّا التي ستحقق لهم مكاسب سريعة، فلم تعد التنمية تسير بمعدلات بطيئة كما كانت في السابق.
كما تسير التنمية بخلق مدن ومجتمعات عمرانية جديدة بالتوازي مع إعادة تطوير المدن والأحياء القديمة وتخطيطها، حيث نُفِّذت بها مشروعات تنموية كبرى تُعظِّم العائد منها وتراعي الحفاظ على رونقها التاريخي، و يتم القضاء بصورة سريعة للغاية على العشوائيات لتظهر إلى النور «مصر جديدة».
رئيسالتحرير