الجمعة 07 يونيو 2024 الموافق 01 ذو الحجة 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مدن جديدة

تحديات تعرقل الشراكة أبرزها الفائدة المرتفعة والمرافق

الخميس 17/سبتمبر/2020 - 09:07 م
أصول مصر
 

تواجه مشروعات الشراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومطوِّري القطاع الخاص تحديات عديدة تهدد تنفيذ تلك المشروعات وتَئِدُ المستهدَف منها، حيث توقَّع جميع المهتمين بالقطاع العقاري مساهمتها في تحقيق انطلاقة كبرى بالقطاع ورفع القيم المضافة لأراضي المجتمعات العمرانية وتشغيل الملايين من الأيادى العاملة وخلق موارد دائمة لهيئة المجتمعات ووزارة الإسكان.

الهيئة هي المطوِّر العقاري الأكبر في العالم ولديها استراتيجيات لتنفيذ مشروعات ناجحة

وتُعدُّ آلية الشراكة مع القطاع الخاص واحدة من الآليات التي ابتكرتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي تحرص دائمًا على ابتكار آليات تسهم في دفع القطاع العقاري وتلبية احتياجات المستثمرين بمختلف الشرائح، فالهيئة تظل المطوِّر العقاري الأكبر في العالم، حيث سبق أن فازت في عام 2009 بجائزة أكبر مطوِّر عقاري على مستوى العالم، ولا تزال تحافظ على مكانتها، بل تقوم بالمزيد من التوسعات عبر خلق مجتمعات عمرانية جديدة والقيام بمشروعات رائدة وتقديم المزيد من التسهيلات إلى القطاع الخاص لدفع التطوير العمراني.

وبحسب مطوِّرين عاملين بمشروعات الشراكة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ترصد «أصول مصر « خلال التقرير التالي العديد من التحديات التي تقف حائلًا أمام تنفيذ تلك المشروعات وتحقيق المستهدَف منها، لكي يتم الانتباه إلى تلك التحديات والوصول إلى الحلول المثلى التي تضمن استمرارية تلك المشروعات التي ستضخ استثمارات كبرى في السوق المصرية وستوظف الملايين من الأيادي العاملة.

الفائدة

تواجه الشركات العاملة في مشروعات الشراكة أعباء مالية تتمثل في الفائدة على الأراضي وفي الضرائب وتكاليف التنفيذ، فإذا تحدثنا في البداية عن مشكلة ارتفاع الفوائد فسنجد أن شركات المرحلة الثانية من الشراكة تُعدُّ المتضرر الأكبر، حيث تلتزم تلك الشركات وفقًا للتعاقد بسداد فائدة على قيمة الأراضي تُقدَّر بـ 16%، وهي تفوق فائدة المرحلة الأولى والفائدة السائدة في السوق حاليًّا التي حدَّدها البنك المركزي بـ9.75%.

الشراكة إحدى الآليات التي ابتكرتها هيئة المجتمعات لدعم التنمية وتشغيل الملايين من الأيادي العاملة

وطالبت الشركات العقارية المشارِكة لهيئة المجتمعات في المرحلة الثانية بتعديل الفائدة المقرَّرة في التعاقد ليتم العمل بفائدة البنك المركزي وقت سداد الأقساط أسوة بالقواعد المعمول بها بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي تطبقها على جميع الأراضي، أو العمل بنفس الفائدة المقررة لأراضي المرحلة الأولى التي تُقدَّر بـ12%.

وقد وقَّعت الهيئة عقود الشراكة مع المطوِّرين في أثناء الفوائد المرتفعة، فكان سعر الـ16% آئنذاك مناسبًا وأقل من سعر البنك المركزي الذي كان وقتها 18%، ولكن مع تراجع أسعار الفائدة وطرح أراضي المجتمعات العمرانية بفائدة أقل تتيح للمطوِّرين في تلك المشروعات تنفيذ وحدات بتكلفة أقل من الوحدات المنفَّذة بمشروعات الشراكة خُلقت منافسة غير عادلة. ففضلًا عن سعر المتر المرتفع لأراضي الشراكة -وأيضًا نسب الشراكة- يضاف سعر الفائدة الذي يزيد من أعباء تكاليف إنتاج المشروعات وينعكس بصورة أساسية على أسعار الوحدات التي تباع للعميل، بما يسهم في وصول الأسعار إلى مستويات مرتفعة تجعل المطوِّرين أمام خيار التنازل عن جزء من هامش الأرباح لإنتاج وحدات بأسعار أقل، وبالتالي حدوث خسائر للشركات، خاصة أن هامش الأرباح في القطاع العقاري أصبح لا يتجاوز 15%، خاصة بعد دخول الدولة ونجاحها في مشروعات الإسكان فوق المتوسط والفاخر وسحبها شريحة كبيرة من عملاء شركات قطاع التطوير العقاري.

الضرائب

ولا يتوقف الأمر على ارتفاع الفائدة فقط، فبحسب مطوِّرين لـ»أصول مصر» هناك تكلفة إضافية جديدة وهي أن تطبيق الضرائب أصبح سنويًّا على الأعمال التي يتم إنجازها بالمشروع وليس كما كان في السابق بعد تنفيذ المشروع، أي إن المطوِّر ملزم بسداد ما يصل إلى 40% من الإيرادات قبل الانتهاء من المشروع، ما يزيد من الأعباء المالية. المرافق والخدمات.

وتلك المشكلة تعانيها بالأخص الشركات العاملة بالمرحلة الأولى من مشروعات الشراكة، فقد طُرحت أغلب أراضي المرحلة في مناطق نائية وتأخر وصول المرافق إليها.

كما أن هناك مشروعات -خاصة المنفَّذة بغرب القاهرة- قد بَنَت خطتها الاستثمارية على قيام الدولة بتنفيذ مخطَّط تنمية منطقة الغرب من ناحية أكتوبر وحدائق أكتوبر وتطويرها، لكن الدولة فضَّلت -وفقًا لسياستها- بدء المخطَّط بناحية الشيخ زايد وسفنكس، وهو ما سيضع الشركات في مأزق خلال تسويق المشروعات، وسيتطلب هذا منها جهدًا مضاعَفًا لإقناع العملاء وجذبهم إلى المراحل الجديدة من المشروعات.

تأخر توقيع العقود

وبرز تأثير ذلك في مشروعات المرحلة الثانية من الشراكة مع المجتمعات، التي طُرحت في 2017 وتم توقيع العقود في 2019، وخلال العامين شهد القطاع العديد من المتغيرات في التكاليف والقوى الشرائية ودراسات الجدوى، وهو ما أثر على إطلاق تلك المشروعات، حيث لم تقم أي شركة من تلك المرحلة بطرح مشروعها للبيع سوى «سوديك» في مشروعها بمدينة الشيخ زايد الجديدة والأهلى صبور فى مشروعها بمدينة 6 أكتوبر.

 
 

تذبذب السوق

واجه القطاع العقاري منذ 2016 -وهو العام الذي شهد إطلاق أول مشروعات الشراكة، وهو «آي سيتي التجمع الخامس» لتحالف «ماونتن فيو سيبسان»- العديد من التغيرات، منها ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ثم التعويم الذي ساهم في تضاعف تكاليف الإنشاء والأجور والتسويق، بما فرض على الشركات جميعًا إعادة النظر في الخطط المحددة للمشروعات ودراسات الجدوى، وحمَّل الشركات التي قامت بالفعل بتسويق مشروعاتها خسائر، كما أسهم في رفع أسعار الوحدات العقارية بما قلَّص الشريحة المستهدَفة من الشركات لعدم مناسبة قدرتها الشرائية مع الأسعار الجديدة، وفُرض على الشركات وضع تسهيلات في السداد وآجال سداد طويلة لجذب العملاء.

وكذلك عانت السوق من ركود وتباطؤ في المبيعات بحسب العاملين بها في أواخر 2018 وخلال 2019، وذلك لتزايد عدد المشروعات المطروحة حتى بداية 2020 التي شهدت ظهور فيروس كورونا الذي أثر على دخول شريحة من العملاء المستهدَفين، كذلك انتشار حالة من التردد والقلق أثرت على تفعيل الرغبات الشرائية، كما ستسهم تلك الأزمة -بحسب توقعات الخبراء- على شكل السوق العقارية واحتياجات العملاء ومتطلباتهم السكنية.

ولذلك يجب إعادة النظر في العثرات الموضوعة أمام الشركات العاملة في مشروعات الشراكة لدفع الأعمال.

الشركات الكبرى لن تتنازل عن الجودة

الشركات العاملة في مشروعات الشراكة شركات كبرى ذات سابقة أعمال قوية، وهو ما يُحسب لهيئة المجتمعات العمرانية ويعكس سياستها في رغبتها التعاون مع الشركات الجادة صاحبة سابقة الأعمال والملاءات المالية القادرة على تمويل المشروعات وضمان تنفيذها في التوقيتات المحددة وبالجودة المطلوبة وضمان نجاح المشروعات، وقد بذلت هيئة المجتمعات جهودًا لا تخفى على أحد في دراسة العروض المقدَّمة من الشركات وتقييم الجانب الفني من حيث أفكار الشركات في تنفيذ مشروعات تمثِّل إضافة للقطاع العقاري.

مطوِّرو المرحلة الثانية يطالبون بالعمل بفائدة البنك المركزي أو بالمرحلة الأولى من الشراكة

وفي ضوء ذلك لن تقبل الشركات الكبرى بأي حال أن تتنازل عن تنفيذ مشروعات بأعلى جودة وبمعايير مبتكَرة تضمن لها التميز، فلا تستطيع «بالم هيلز» ولا «سوديك» ولا «بدر الدين» ولا «أورا» ولا «عربية» ولا «ماونتن فيو» ولا «إيوان» النزول عن جودة مشروعاتها المعهودة أو الإخلال بالجداول الزمنية للمشروعات.

ولذلك تزداد مخاوف الشركات -سواء التي لم تقم بطرح مشروعاتها أو التي قامت بذلك- من حدوث عثرات مستقبلية في ضوء ارتفاع تكاليف التنفيذ والأعباء المالية التي لا تتناسب مع القوى الشرائية وظروف السوق. وحال حدوث ذلك فقد تكون هناك سيناريوهات سلبية لا ترغب المجتمعات أو الشركات في الوصول إليها، وهي قيام الشركات برد الأراضي إلى المجتمعات وتشريد الآلاف من العمالة، وقد تواجه الهيئة مشكلات في إعادة بيع تلك الأراضي بنفس الأسعار التي تم الاتفاق عليها مع المطوِّرين.

الهيئة سبَّاقة بدعم المطوِّرين

ولا يخفى على أحد حرص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، فقد قدمت الهيئة تيسيرات غير مسبوقة عقب ثورتي 2011 و2013 أسهمت في دعم الشركات واستمرارها في القطاع وقدرتها على تجاوز تحديات توقف المبيعات ونقص السيولة، بل تنفيذ مخططات توسعية جديدة.

كما قدمت في مايو الماضي تيسيرات لدعم الشركات في مواجهة أزمة كورونا، فبالنسبة للأراضي المُخصصة بنظام الشراكة مع الهيئة يتم منحها مدة إضافية للتنفيذ دون مقابل قدرها 3 أشهر، تُضاف إلى المدة الأصلية للمشروع، وترحيل موعد تسليم الحصة العينية الواقعة في الفترة من 2020/3/15 ولمدة 6 أشهر وترحيل المتبقي من قيمة الحد الأدنى المستحق خلال عام 2020 لمدة عام، على أن يُحمَّل بالأعباء المالية بفائدة قدرها 7.5% حتى تاريخ السداد.

ويأمل العاملون بالقطاع العقاري -في ضوء التحديات السابقة- في منح تيسيرات مدروسة تُلبي احتياجات المستثمرين وتزيد فرص تنفيذ مشروعات الشراكة.

ولن تسهم تلك التيسيرات في إتمام تنفيذ مشروعات الشراكة، بل ستمنح رسالة تأكيدية بدعم الدولة للاستثمارات، بما يحفز رؤوس الأموال المحلية والأجنبية ويسهم في دفع التنافس الشديد على أراضي المجتمعات العمرانية والمرحلة الثالثة من الشراكة التي تتأهب لطرحها قريبًا.

ويتيح أيضًا إنتاج منتج عقاري قابل للتصدير، فالعديد من الدول المنافسة في ذلك الملف -مثل دبي وتركيا واليونان وغيرها- يشهدون تراجعًا في أسعار العقارات، ويجب إنتاج منتج بمواصفات جودة وأسعار أفضل منهم لجذب العملاء الأجانب.

معلومات عن الشراكة

يتخطى إجمالي استثمارات مشروعات الشراكة 600 مليار جنيه، وتم التعاقد عليها بمدن القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد وامتداد الشيخ زايد وحدائق أكتوبر.

ووقَّعت هيئة المجتمعات العمرانية 5 عقود ضمن المرحلة الأولى لمشروعات الشراكة في مدينتي القاهرة الجديدة و6 أكتوبر، بواقع عقدين مع شركة «بالم هيلز للتعمير»، أحدهما بمساحة 500 فدان بالقاهرة الجديدة، والآخر 3 آلاف فدان بمدينة أكتوبر، وعقدين مع تحالف «ماونتن فيو ــ سيسبان»، أحدهما بمساحة 500 فدان بالقاهرة الجديدة، والآخر 470 فدانًا بأكتوبر، وعقدت مع مجموعة «عربية للاستثمار العقاري» بمدينة أكتوبر بمساحة 557 فدانًا.

بينما وقَّعت في المرحلة الثانية عقودًا مع شركات «سوديك لتطوير» بـ500 فدان في مدينة الشيخ زايد الجديدة، وعقدين مع «إيوان»: الأول على 1000 فدان بالشيخ زايد الجديدة، وقامت الشركة برد الأرض للهيئة، والثاني على مساحة 100 فدان بالقاهرة الجديدة، ووقَّعت مع «أركان بالم» على قطعة أرض 205 أفدنة بالشيخ زايد، ومع شركة «الأهلي للتنمية العقارية، على 144 فدان بالسادس من أكتوبر، كما لم تكتمل المفاوضات مع «أركو» على 410 أفدنة بالشيخ زايد.

كما تم توقيع عقد مع شركة «أورا للتطوير العقاري» -المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس- لتطوير مشروع «زاد» بالشيخ زايد على مساحة 165 فدانًا باستثمارات قدرها 35 مليار جنيه.