الاستثمارات العربية والاستحواذات خطوة لتصدير العقار المصري ولكن..
كعادته استطاع القطاع العقاري مقاومة تحدي جائحة كورونا التي حققت نتائج سلبية على اقتصاد العالم أجمع، وهناك دول عظمى شهدت انخفاضات في أسعار العقارات، إلا أن العقار المصري أثبت صموده، بل استطاعت غالبية الشركات تحقيق مبيعات جيدة تفوق الأعوام الماضية وأعلنت عن خطط توسعية جديدة.
ونتيجة لتلك المؤشرات الإيجابية وتحقيق العقار المصري أعلى العوائد على مستوى العالم، وكذلك نتيجة الاستقرار الاقتصادي والسياسي، شهدت الآونة الأخيرة دخول استثمارات عربية إلى السوق عبر تأسيس كيانات جديدة وضخ استثمارات فعلية، كما تلقت شركات كبرى عروض استحواذ من قِبل كيانات عربية كبرى.
ولا شك أن دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر عبر تأسيس شركات أو الاستحواذ على شركات قائمة هو أمر إيجابي للغاية يؤدي إلى تحقيق معدلات تنمية سريعة وتقوية العملة المحلية وتوظيف المزيد من الأيادي العاملة وإدخال خبرات جديدة تحتاج إليها السوق.
ولا تقتصر النتائج الإيجابية على ما سبق فقط، بل نتيجة لدخول الاستثمارات الأجنبية سيتم وضع قدم تجاه نجاح «تصدير العقار المصري»، وهو الملف الهام الذي عملت عليه الحكومة والشركات المصرية في السنوات الماضية، وتم تبني خطط فعلية لتحقيقه، إلا أن جائحة كورونا عطلت التنفيذ الفعلي لتلك الخطط. فالشركات العربية التي دخلت فعليًّا إلى السوق المصرية في الأشهر الأخيرة أو التي أعلنت نيتها الاستثمار بها تمتلك سابقة أعمال وخبرات قوية وقاعدة من العملاء داخل وطنها وبالخليج العربي ككل، وبالتالي وجود تلك الشركات في السوق المصرية سيجذب قاعدة من عملائها للشراء بمصر والاستثمار فيها لثقتهم بتلك الشركات ومعرفتهم الوطيدة بها.
وبذلك أتوقع جذب عملاء من دول الخليج العربي بقوة إلى السوق المصرية، وندلل على ذلك بتجربة شركة «إعمار مصر» التي جذبت عملاء «إعمار العقارية» للتملك والشراء بالسوق المصرية في السنوات الماضية. وبالعودة إلى الحديث عن ملف تصدير العقارات نحتاج إلى إعادة تنشيط آليات الترويج، كالمعارض الخارجية وتبني آليات تعريف العملاء الأجانب بالسوق المصرية وحجم التنمية الحقيقية بها.
ولعل أبرز العقبات التي تواجه تنشيط تصدير العقارات هو التسجيل، فنحو 90% من عقارات مصر غير مسجل، ولا يعود ذلك إلى رسوم التسجيل، بل هناك العديد من التعقيدات الإدارية والبيروقراطية، وتظهر هذه التعقيدات جليًّا بمدن المجتمعات العمرانية الجديدة، فلكي يتم تسجيل العقار يجب أن تُسجَّل الأرض، ولتحقيق ذلك يُشترط أن يتم الانتهاء من تنمية الأرض بنسبة 100%، وهي نسبة تخضع لتقديرات من الموظفين لتحقيقها، فرغم وجود مشروعات منتهية بالكامل منذ سنوات فإن مالك الأرض قد يُفاجأ بعدم وصول نسبة الإنجاز إلى 100% وفقًا لتقديرات موظفي الأجهزة.
ونستطيع القول إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي -رئيس الجمهورية- ستسهم في حل مشكلة التسجيل نسبيًّا، لكن نحتاج إلى المزيد من الإجراءات، خاصة في المدن الجديدة، فأقترح أن يتم خفض نسبة الإنجاز التي يُشترط تحقيقها لتسجيل الأراضي إلى 70% أو 80% كأقصى تقدير.
ومع حل مشكلة التسجيل سنكون قد وضعنا قدمًا نحو تحقيق المنشود في تصدير العقارات، وسيتبقى عدد من الخطوات والرتوش النهائية لتصل مصر إلى المكانة التي تستحقها في تصدير عقاراتها وجذب المشترين من مختلف دول العالم.