سوق العقارات.. هل من رقيب؟
مع زيادة عدد اللاعبين في السوق العقارية وظهور شركات جديدة في الأعوام الثلاثة الماضية واحتدام المنافسة بينها والمرور بتحديات كبرى -منها جائحة كورونا مؤخرًا- ومع طبيعة الاستثمار العقاري شأن جميع الاستثمارات بالبحث عن الربحية وكيفية جذب «المشتري»، تنوعت أساليب الشركات العقارية في كيفية الاستحواذ على الشريحة الكبرى من العملاء وتنوعت الآليات بين التركيز على الأسعار التنافسية وطرق السداد، وأيضًا جودة المنتج وتنوع الخدمات.
كل شئ بالأصول
ولا شك أن هناك شركات بالغت في أدواتها لجذب أكبر عدد من العملاء لدرجة أثارت بلبلة في القطاع ومخاوف لدى المشترين أنفسهم، فنجد شركات وضعت عمولات غير مسبوقة للمسوقين العقاريين وصلت إلى 12,5%، في حين أن أقصى عمولة متعارف عليها هي 3% فقط، كما نجد شركات وضعت آجال سداد طويلة للغاية وصلت إلى 10 و12 و15 سنة مع عدم وجود مقدم (0%)، وهناك شركات وضعت أسعارًا للمتر لا تتناسب مع التكلفة الإنشائية الحقيقية وسعر الأرض.
ومع تلك الأدوات فإنه إن لم يتم الالتزام في التسليم بالمتعاقد عليه والمواصفات فقد يؤدي هذا إلى عواقب وخيمة تضر بالعملاء وبالقطاع العقاري ككل، وهنا نتساءل: أين الدور الرقابي للدولة؟ ومن المسؤول عن حماية المشتري العقاري؟ وهل جهاز حماية المستهلك يستطيع أن يتحمل الكم الهائل من الشكاوى العقارية أم من الضروري تدخل الدولة لحماية المنتج العقاري والرقابة عليه من المنبع حتى لا يدخل المشتري العقاري في مشكلات تجعله ينفر ويخاف من الاستثمار في العقار وللحفاظ على سمعة المنتج العقاري المصري؟
سوق العقارات
ولهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة دور في متابعة المشروعات المنفذة في إطار المدن التابعة لها، وأيضًا لشركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» في المشروعات المنفذة بالعاصمة الإدارية، ويتمثل الدور الرقابي في إصدار التراخيص ومتابعة التنفيذ طبقًا للقرار الوزاري، فالمطور ملزم بتسليم المشروع طبقًا لما هو موجود بالقرار الوزاري أمام هيئة المجتمعات وشركة «العاصمة الإدارية» لأنهما متشددتان في ذلك، ولكن ماذا عن التفاصيل الأخرى التي تهم المشتري العقاري والتي غالبًا لا تكون مدرجة في القرار الوزاري والتراخيص؟ فأين الرقابة على الأسعار غير المنطقية؟ ولا نقصد هنا الأسعار في حد ذاتها لأننا في سوق حرة، وأين الرقابة على الأساليب الدعائية والجودة في تنفيذ المشروعات التي تم البيع عليها؟
إننا نجد في السوق حاليًّا قطاعًا عريضًا من الشركات العقارية -أغلبها من الشركات حديثة العهد- أثبت بعضها جدية كبرى في التنفيذ واستطاعت اكتساب ثقة العملاء والقطاع في وقت قياسي، ونجد على الجانب الآخر شركات تتبع آليات تسعيرية وتسويقية يوضع حولها العديد من علامات الاستفهام، حيث تقوم بالطرح بأسعار غير منطقية. وهو ما يثير شكًّا وجدلًا كبيرًا، فهل تستطيع شركة ما تطرح أسعارًا أقل من التكلفة أو دون هامش ربح الوفاء بالتزاماتها أمام العملاء والتسليم في المواعيد المحددة؟! مع العلم أنه لا تستطيع الشركات العاملة في العاصمة الإدارية أن تتأخر في التسليم أو التنفيذ، ولكننا نتحدث عن المنتج العقاري في كل مكان في البلد، فمن يستطيع أن يحمي المشتري؟
وفي كل الأحوال نحتاج إلى أدوات رقابية مشددة على القطاع العقاري، فنحتاج إلى جهة حكومية يناط بها تنظيم القطاع وحماية المطورين والعملاء على حد سواء، مثل دائرة الأراضي والأملاك بدبي، وبالنظر إلى الجهود المبذولة حاليًّا لإنشاء اتحاد المطورين فلا شك أنه سيكون له دور في تنظيم السوق، ولكنه في النهاية ليس ذا سلطة تنفيذية لحماية الطرفين وتوفير أساليب ردع، فكما يتعرض العملاء لأضرار من قبل المطورين غير الجادين، فالمطورون يتعرضون أيضًا في أوقات كثيرة لحملات ابتزاز وتشهير من قبل بعض العملاء، ووجود جهة حكومية لتنظيم السوق سيكون له أهمية كبرى في الحفاظ على القطاع العقاري ككل وعدم الإضرار بالشركات الجادة، خاصة أن «الحسنة تخص، والسيئة تعم.