وفاة سمير غانم.. رحيل أسطورة الضحك
لم يمهل فيروس كورونا الفنان سمير غانم، مزيداً من الوقت ليودع فيه زوجته دلال عبد العزيز وجمهوره، فبعد مرور نحو أسبوعين على بدء معركته مع «كورونا»، ها هو الفيروس يعلن انتصاره على جسد سمير غانم، الذي أغمض عينيه عن الدنيا إلى الأبد، ليرحل عنها واضعاً رحاله عند رب كريم، تاركاً وراء ظهره أرشيفاً ذاخراً بالأعمال الدرامية والمسرحية، كانت كفيلة بأن تدخله في قلوب الناس، وأن يسكن فيها لزمن طويل. ها هو سمير غانم يخرج من أروقة المستشفى دون أن يلقي نظرة الوداع على زوجته التي رافقته أيام حياته ومسيرته الفنية، حيث كان لقاؤهما لأول مرة في مسرحية «أهلاً يا دكتور»، بينما كانت ألسنة بناته دنيا وأمل المعروفة باسم «إيمي» طوال الوقت تلهج بالدعاء لهما، حيث سبق لابنته دينا سمير غانم أن أطلقت حملة «دعاء لوالديها» عبر حسابها على موقع إنستجرام.
لم يمهل القدر سمير غانم طويلاً لأن يحتفل بعامه الـ 85 في يناير المقبل، حيث فقدت أعضاؤه القدرة على العطاء في ظل الضربات التي وجهها لها فيروس «كورونا»، حيث كانت وظائف الكلى الحيوية لديه قد تدهورت ما تسبب في دخوله العناية المركزة، حيث بقي فيها لأيام، ظل فيها الجمهور يدعو له بأن يعينه الله عز وجل وأن يمكنه من المقاومة.
رحيل سمير غانم الذي كان يمثل «أسطورة في الضحك»، لا يبدو هذه المرة مشهداً تمثيلياً يؤديه في أحد الأعمال الدرامية، وإنما كان حقيقة، ليسير بذلك على خطى رفاقه جورج سيدهم والضيف أحمد، الذين أشعلوا معاً «أضواء المسرح»، فاستحقوا جميعاً لقب «ثلاثي أضواء المسرح» تلك الفرقة التي توهجت في فضاء المسرح والسينما، واستطاعت أن تجذب انتباه الجميع إليها، عبر ما قدمته من أعمال مسرحية وسينمائية ناجحة لعل ألمعها «المتزوجون»، زادت من شدة حب الود الذي مد بينها وبين الجمهور، الذي لا يزال مرتبطاً حتى اليوم بأعمالها، التي حجزت لها حيزاً جيداً في الذاكرة الإنسانية العربية. آنذاك لم يؤثر رحيل الضيف أحمد عن الدنيا على مسيرة الفرقة، فقد واصل غانم وجورج سيدهم حمل شعلتها قبل أن تخمد إلى الأبد.
رحل سمير غانم عن الدنيا، تاركاً صديقه الفنان عادل إمام وحيداً، ومعه فيلمهما «أذكياء لكن أغبياء»، ومسرحية «المشاغبون» وها هو يودع «الفوازير» ومعها شخصيته «فطوطة» ومشاهد الاستعراض وجملة الشخصيات التي لاقت استحسان الجمهور، الذي نصبه على إثرها ملكاً على الدراما الكوميدية، فأصبح نجماً لامعاً، استطاع أن يقدم على طوال مسيرته أكثر من 300 عمل فني، كان آخرها مسلسل «بدل الحدوتة ثلاثة» الذي وقف فيه إلى جانب ابنته دنيا سمير غانم، في حين كان ظهوره الأخير على الشاشة، خلال رمضان الماضي عبر حملة إعلانية شارك فيها إلى جانب زوجته دلال عبد العزيز وابنته إيمي سمير غانم.
على التواصل الاجتماعي التي ضجت أروقتها بخبر رحيل غانم، كثر هم الذين ألقوا سلام الوداع عليه، من جمهور ونجوم وأصدقاء رافقوه مسيرته، حيث آثر بعضهم إلى وصف رحيله بـ «خسارة فادحة للدراما العربية والمصرية»، بينما اعتبر آخرون رحيله بفقدان أحد أعمدة الكوميديا العربية.
أروقة الشرطة
بدأ سمير غانم حياته من داخل أروقة كلية الشرطة، حيث كانت تأمل عائلته أن يكمل مسيرة والده ضابط الشرطة، لكن رسوبه لعامين متتاليين أجبره على ترك كلية الشرطة والالتحاق بكلية الزراعة، التي بدأ من خلالها وعبر مسرح الجامعة مشواره الفني حينما كون فريق «ثلاثي أضواء المسرح» الذي اشتهر وقتها، وكان يضم في ذلك الوقت إلى جانبه الفنان المصري الآخر وحيد سيف والفنان عادل نصيف، ولكن لظروف خاصة بالفنان وحيد سيف انفصل عن الفريق، وكذلك الفنان الآخر الذي أثار السفر إلى فرنسا بعد فوزه بفرصة عمل جيدة على إكمال مشواره الفني.
وخلال تلك الفترة تعرف غانم على الفنانين جورج سيدهم والضيف أحمد وأعاد تكوين فريق ثلاثي أضواء المسرح وحقق وقتها انطلاقة فنية ناجحة للغاية جعلتهم مطلباً لجميع مخرجي السينما المصرية لتقديم اسكتشاتهم وأغنياتهم المسرحية ضمن أحداث أفلامهم.
ثلاثي
واستمرت الحياة على هذا المنوال، من فيلم إلى عمل مسرحي إلى فيلم آخر حتى خسر الفريق أحد أهم أركانه الضيف أحمد بحالة وفاة مفاجئة، فانفرط عقد الفريق المسرحي. بعدها حاول غانم رفقة جورج سيدهم أن يقدما أكثر من عمل معاً، وبالأخص على خشبات المسارح، فقدما عدداً من المشروعات المسرحية أنجحها كان «المتزوجون» و«أهلا يا دكتور».
ولكن، لم يستمر هذا التعاون كثيراً وقرر غانم الانفصال والعمل بمفرده، فقدم أنجح أعماله التلفزيونية فوازير «فطوطة وسمورة».
مع تقدم الفنان في العمر اكتفى بتقديم العديد من الأدوار الشرفية في أفلام ومسلسلات النجوم الشباب.