آلية الاتحاد الأوروبي.. وكيف تواجهها مصر للتحول الأخضر؟
وبدأ العد التنازلي لمؤتمر قمة المناخ COP27 الذي تستضيفه مصر في حدث تاريخي خلال نوفمبر المقبل، ونتابع من كثب استعدادات مصر لذلك الحدث الهام الذي يعكس مدى اهتمام الدولة بقضايا حماية البيئة وتقليل انبعاثات الكربون والتوجه نحو تحقيق أعلى درجات الاستدامة.
تستهدف مصر تعزيز قدرة الطاقة المتجددة لتغطية 42% من احتياجات الكهرباء في البلاد
واهتمت مصر في السنوات الأخيرة بملف الطاقة المتجددة، وقد راعت –في المدن الجاري إنشاؤها أو القائمة وتتم تنميتها، وكذلك في بعض المحافظات- إنشاء مشروعات للطاقة المتجددة وتوجيه الاعتماد عليها، وهو الأمر الذي يضمن تحقيق الاستدامة وحفظ حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية.
وجذبت مشروعات مصر في ذلك الجانب اهتمامات المؤسسات العالمية والدولية، بما يؤكد السير على الطريق الصحيح.
وتستهدف مصر تعزيز قدرة الطاقة المتجددة لتغطية 42% من احتياجات الكهرباء في البلاد، وذلك ضمن «مخطط 2035» الموضَّح في استراتيجيتها المتكاملة للطاقة المستدامة والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، وبالفعل تمتلك مصر مقومات طبيعية تُمكِّنها من التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك ظهور بطاريات التخزين، وهو ما يُمكِّن مصر من تحقيق هدفه.
وقد أجمعت آراء الخبراء الدوليين على ذلك، مع ضرورة استمرار الإصلاحات في مجال الطاقة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، ويتطلب ذلك إنشاء سوق كهرباء أكثر تنافسية والتوسع في شبكات ربط الكهرباء الإقليمية مع الدول المجاورة لتصدير الطاقة النظيفة والتحول للنقل الكهربائي وتنفيذ استراتيجيات تطوير الهيدروجين الأخضر.
ولدى مصر فرص كبرى لتلبية أهداف المناخ والقدرة التنافسية في مجال الاستدامة والطاقة المتجددة، فيمكن للروابط البينية لتجارة الطاقة الإقليمية في مصر أن تسمح بتصدير الكهرباء الخضراء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ورغم الطاقة السكانية الهائلة، تمثل مساهمة مصر في الانبعاثات العالمية -بحسب التقارير الدولية- نسبة تقل عن 1% فقط، ومع ذلك فإن تحول الأسواق نحو المنتجات الخضراء ذات المحتوى الكربوني الأقل يتطلب مزيدًا من الجهود ويواجه تحديات، منها على سبيل المثال تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي، فتُعَدُّ مصر واحدة من بين أكثر 20 دولة متضررة من الآلية، خاصة بسبب حجم مبيعات الأسمدة إلى الاتحاد الأوروبي، وصادرات الألومنيوم والحديد والصلب.
وأمام مصر عدد من الخطوات المطلوبة للتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة، وبدأت الحكومة بالفعل في تطبيق استراتيجية هيدروجين جديدة من شأنها الانتقال إلى إنتاج الهيدروجين المنخفض الكربون والاستفادة من الإمكانيات في مجال الطاقة المتجددة والموقع الجغرافي الاستراتيجي، ورغم ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدورجين الأخضر فإن تكلفة إنتاجه ستشهد انخفاضًا إلى أقل من 1.5 دولار إلى دولارين اثنين مع التوسع في الإنتاج واستخدام التقنيات المتطورة.
وعلينا الاستعداد من الآن لمواجهة تحديات التحول من الهيدروجين الرمادي إلى الأخضر، فنحن نمتلك المقومات والسياسات، وأيضًا دعمًا من الجهات الدولية التي ترى حجم العمل على ذلك الملف الهام في مصر الآن.
وإذا انتقلنا بالحديث إلى دور القطاع الخاص، نجد أن مشروعات الطاقة وسياسات مراعاة الاستدامة والتحول الأخضر في العديد من المشروعات مناسبة للتمويل بالسندات الخضراء التي تُموِّل الأهداف البيئية والاستدامة، وتُوفِّر فرصًا للمصدرين للاستفادة من أصول تبلغ 715 مليار دولار، وقد دعم البنك الدولي إصدارات مصر لأول سندات سيادية خضراء، وذلك لمساعدة المستثمرين في التوسع في استخدام تلك الآلية.
ويمتلك القطاع الخاص دورًا كبيرًا في مجالات الطاقة المتجددة، مثل دعم جهود الحكومة نحو التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة وتقليل الانبعاثات من وسائل النقل التقليدية، وكذلك تقديم خدمات كفاءة الطاقة لتقليل إهدار الطاقة في التبريد وإنارة المباني، وتحلية المياه وضخها، والإنتاج الصناعي. فالفرص أمامنا كبيرة، ونمتلك مقومات هائلة للتحول الأخضر، وعلينا السعي الدائم والتوعية لتحقيق الأهداف وجني المكتسبات العديدة الفترة القادمة.