التمويل ومواجهة تعثر العمل المناخي
مع ظهور آثار التغيرات المناخية بصورة قاسية خلال العام الحالي، وإدراك العالم أجمع التحديات التي نواجهها بسبب المناخ، وكذلك البدء في اتخاذ خطوات جادة وسريعة نحو تحقيق الاستدامة نواجه خطرًا الآن، وهو إمكانية اصطدام تلك الجهود بالتعثر في إتمامها في العديد من البلدان نتيجة تحدٍّ كبير، وهو نقص التمويل.
ويجب الانتباه إلى أن تعثر جهود العمل المناخي ومواجهة آثار التغيرات في بعض الدول لا يتوقف تأثيرهما داخل حدود تلك الدول فقط، ولكن ستمتد آثارهما الوخيمة إلى جميع البلدان.
فالدول الأكثر فقرًا معرضة للتعثر في إتمام جهود العمل المناخي، كذلك يعاني العديد من الدول تحديات اقتصادية كبرى نتيجة الآثار السلبية لجائحة كورونا وأزمات التضخم ونقص الإنتاج، وكذلك الحرب (الروسية – الأوكرانية)؛ وجميعها أمور تؤثر على حجم الاستثمارات والناتج القومي بالدول، ومن ثم حدوث الأزمات المالية التي تعطل جهود التصدي لأزمة المناخ.
ولذلك يجب العمل على الارتقاء بالتمويل المناخي وابتكار آليات تحقق ذلك الغرض والتأكد من وصول التمويل إلى أشد المتضررين من آثار تغير المناخ، وإعطاء الأولوية لأنشطة التكيف وبناء القدرة على الصمود.
وتجب الإشارة في هذا الصدد إلى أن 10% فقط من التمويل المناخي العالمي تُوجَّه لمساندة المشروعات الاستثمارية في مجال التكيف، كما أن القطاع الخاص لا يوفر سوى جزء ضئيل للغاية من التمويل الموجه للمناخ.
وبالتالي يجب وضع خطة عمل لزيادة التمويل المناخي وإتاحة أدوات وتحليلات ووسائل مبتكرة للاستفادة على نحو أفضل من الموارد العامة، كذلك تحفيز رؤوس الأموال الخاصة ورجال الأعمال على الاستثمار في الجانب المناخي، وأيضًا دعم دورهم في ذلك كأحد أنماط المسؤولية المجتمعية. كما لا بد من خلق آلية للتوزيع ليتم توجيه الموارد إلى الدول الأكثر احتياجًا في البداية، وكذلك خلق آليات لرفع الخبرات والتوعية البيئية في البداية كخطوة أولى لتنفيذ جهود التغير المناخي.
ونأمل أن يشهد مؤتمر المناخ COP27 الذي تستضيفه مصر مناقشات وحلولًا لأزمة تمويل العمل المناخي، كما يتم طرح رؤى وأفكار لدعم دخول القطاع الخاص في تلك المنظومة، وكذلك تسليط الضوء على دور المؤسسات المالية والمجتمع المدني.
فأمامنا تحدٍّ صعب للغاية لمواجهة التغيرات المناخية وحفظ حقوق الأجيال القادمة في الموارد.