انتعاش السفر الجوي في الصين يهدد بارتفاع حاد في أسعار وقود الطيران
عاد ملايين الصينيين إلى السفر بالطيران مجددًا، لتقود بلادهم طفرة الطيران في آسيا بعد سنوات من حظر كوفيد19، ويُنظر إلى عودة الصين على أنها القطعة الأخيرة المفقودة في انتعاش السفر الجوي العالمي.
وبعدما قاد السفر الداخلي التعافي في أكبر سوق طيران في آسيا، يُُنتظر حاليًا أن ينتعش السفر الدولي بعد رفع الحظر على الرحلات الجماعية إلى الوجهات الشهيرة.
مع ذلك لا تخلو عودة الانتعاش هذه من الجوانب السلبية، إذ يُرجح أن تزيد استهلاك وقود الطائرات في ظل إمدادات محدودة، ما قد يؤدي بالتالي إلى زيادة حادة في الأسعار.
قفزت بنحو 30% خلال الشهر الجاري
خلال الأشهر القليلة الماضية، انحسرت إمدادات وقود الطيران، مع انخفاض المخزون في مراكز مثل سنغافورة، وأمستردام-روتردام-أنتويرب، إلى ما دون متوسط مستوياته الموسمية. ويرجع ذلك إلى سلسلة من الانقطاعات غير المخطط لها في المصافي، فضلًا عن زيادة إنتاج الديزل على حساب وقود الطيران.
رغم أن أسعار وقود الطيران لا تزال أقل من الذروة التي سجلتها في العام الماضي، فإنها قفزت بنحو 30% خلال الشهر الجاري مقارنة بمستوياتها في بداية يوليو، إذ جرى تداولها بأكثر من 116 دولارًا للبرميل في سنغافورة، وفقًا لبيانات "بلومبرغ فير فاليو" (Bloomberg Fair Value).
قد يؤثر ارتفاع أسعار وقود الطيران على شركات الطيران التي تنعم حاليًا بأرباح كبيرة، في حين قد يواجه المسافرون أسعارًا أعلى لتذاكر السفر فيما لو حمّلتهم الشركات عبء هذه التكاليف المرتفعة.
ارتفعت أسعار النفط العالمية بأكثر من 15% على مدى الشهرين الماضيين
ارتفعت أسعار النفط العالمية بأكثر من 15% على مدى الشهرين الماضيين، بسبب قيود إنتاج "أوبك+"، إضافة إلى ارتفاع معدلات تشغيل المصافي التي تتطلع للاستفادة من أرباح جيدة يوفرها إنتاج الوقود. عدّلت بنوك مثل "يو بي إس" توقعاتها لأسعار النفط بالصعود، مشيرة إلى تفوق الطلب على العرض في السوق.
أما علامة الاستفهام الكبرى بالنسبة إلى التوقعات المستقبلية للنفط والاقتصاد العالمي، فتتمحور حول التعافي غير المتكافئ في الصين. فرغم أن النمو الإجمالي في الصين كان أضعف من المتوقع، فإن البيانات المختلفة بخصوص حجوزات الطيران تُعد علامة مشجعة.
على الجانب المحلي، زادت الرحلات الأسبوعية في الصين خلال الأسبوع المنتهي في 20 أغسطس، بنسبة 13% فوق المستويات التي كانت عليها في فترة ما قبل كوفيد، وفقًا لمنصة السفر "فلايت ماستر" (Flight Master).
أما السفر الدولي، فهو آخذ في النمو أيضًا. فقد تضاعفت حجوزات الرحلات الجماعية الخارجية خلال عطلة العيد الوطني في أكتوبر بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بما كانت عليه قبل شهر حتى 17 أغسطس –أي بعد أسبوع من تخفيف الصين قيود كوفيد– وفقًا لبيان صادر عن وكالة السفر عبر الإنترنت "تريب دوت كوم غروب" (Trip.com Group). وفي أوائل أغسطس، كان البحث عن الرحلات الجوية قد تجاوز بالفعل المستويات المسجلة في الفترة ذاتها من 2019، بحسب بيان منفصل. ومن المنتظر أن يتضاعف عدد الرحلات الجوية بين الولايات المتحدة والصين عن المستويات الحالية، بحلول نهاية أكتوبر.
لكن التعافي الكامل للسياحة الدولية الصينية، لن يحدث بين عشية وضحاها. فبعد قيود قاسية فرضتها السلطات لأربع سنوات بسبب فيروس كورونا، يواجه الذين يتطلعون إلى السفر تكاليف باهظة، في ظل ضعف اليوان وتباطؤ الاقتصاد، وصعوبة الحصول على وثائق السفر مثل التأشيرات.
الطلب على الوقود
كما تأتي الزيادة في الطلب على السفر مع استنزاف إمدادات الوقود، ما يجعل الأسواق أكثر عرضة لصدمات أسعار الديزل ووقود الطائرات.
توقعت شركة "إنرجي أسبكتس" (Energy Aspects) في مذكرة، أن يتسارع الطلب على وقود الطائرات في الصين اعتبارًا من أغسطس، وقد يعود إلى مستويات ما قبل كوفيد بحلول الربع الرابع من العام الجاري. وعلى المستوى العالمي، فإنه ورغم التوقعات بأن يرتفع الطلب بمتوسط 200 ألف برميل يوميًا في النصف الثاني من العام مقارنة بالأشهر الستة الأولى، فإن العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة لن تحدث إلا في منتصف 2024، وفقًا لموكيش ساهديف، رئيس قسم تجارة النفط وحلول المعالجة والتوزيع والتسويق في "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy).