رغم الحصار التكنولوجي.. نفاد هاتف «هواوي» الجديد Mate 60 Pro من الأسواق
خالفت شركة هواوي المألوف فى قطاع الأجهزة الإلكترونية بأسلوب طرح هاتفها الذكي الجديد (Mate 60 Pro)، وبدلًا من الترويج للهاتف في حفل تسويق مبهر، اكتفت بأن باشرت بيعه عبر الإنترنت دون ضجيج، حتى أنها لم تكشف عن كثير من خصائصه التقنية.
ومع ذلك نفد المعروض منه في غضون ساعات وابتهجت الصين فخرًا بالإنجاز الوطني.
رغم الحصار التكنولوجى.. نفاذ هاتف هواوى الجديد Mate 60 Pro من الأسواق
يسهل فهم دوافع طرح جهاز (Mate 60 Pro) بهذه الطريقة إن تعاملنا معه كرسالة وجهتها قوة دولية عظمى إلى أخرى أكثر من النظر إليه كمجرد هاتف. فقد استهدفت الولايات المتحدة شركة "هواوي تكنولوجيز" لسنوات في إطار مساعيها لعرقلة التقدم التقني الصيني. وكانت إدارة الرئيس دونالد ترمب أدرجت "هواوي" على قائمة سوداء تسمى قائمة الكيانات، فقلّص ذلك قدرة الشركة على الحصول على التقنية الأميركية، ودمّر عمليًا أعمالها في مجال الهواتف الذكية. ثمّ شدّدت كلّ من إدارتَي ترمب وبايدن ضغوطهما على قطاع التقنية الصيني، وكان آخر ذلك قيودًا على الصادرات أعلنتها وزارة التجارة الأميركية في أكتوبر 2022.
تزامن طرح (Mate 60 Pro) مع زيارة وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو إلى الصين، التي ألهمت إنتاج موجة ميمز تضمّنت صورًا لها ترفع إبهامها وكأنما تثني على الهاتف، مع عبارة "سفيرة علامة هواوي".
رأى الوطنيون الصينيون في الهاتف ضربة لرايموندو والولايات المتحدة برمتها، لأنه تضمّن وحدة معالجة مركزية مصمّمة ومصنّعة في الصين، تستخدم تقنية رقائق بقياس 7 نانومتر. (تتمايز الرقائق عبر صغر أبعادها التي تقاس بالنانومتر أو الألف مليون من المتر. وكلّما كان الترانسيتور أصغر، أمكن وضع كميات أكبر منه ضمن رقاقة واحدة، ما يزيد من قوتها. إن سبعة نانومتر أصغر قليلًا من ثلاثة أضعاف حجم شريط واحد من الحمض النووي البشري).
رغم أن رقاقة "كيرين" ليست متطورة بقدر رقاقات 3 نانومتر المستخدمة في تشغيل أجهزة "أيفون" الحديثة الأكثر تطورًا من إنتاج "أبل"، إلا أن القيود على الصادرات ترمي أساسًا لإبقاء الصين على بعد 8 إلى 10 سنوات عن الولايات المتحدة على الصعيد التقني، لكن الهاتف أظهر أن شركة صناعة الرقائق "سيميكوندكتر مانوفاكتشرينغ إنترناشيونال" (Semiconductor Manufacturing International) أو (SMIC) في شانغهاي وهي شريكة "هواوي"، ربما لا تبعد إلا أربع سنوات عن التقنية الأميركية. وقد رفضت (SMIC) التعليق في حين لم تستجب "هواوي" إلى طلبات التعليق.
سنوات من التصعيد
بعد سنوات من التصعيد، بلغ الصراع بين الولايات المتحدة والصين لحظة حاسمة. إذ يُتوقع أن تحدّد إدارة بايدن هذا الخريف الصيغة النهائية لقيود الصادرات وتوسّع قائمة التقنيات الأميركية التي تسعى لمنعها من الوقوع في أيدي زبائن صينيين.
كما فرضت بكين حديثًا قيودًا على استخدام "أيفون" في بعض الشركات والهيئات المدعومة من الدولة، في خطوة وصفها مجلس الأمن القومي الأميركي بـ"ردّ فعل عدائي وغير مناسب ضد الشركات الأميركية". ترسل الصين عبر استعراض قدرتها على صنع أشباه الموصلات محليًا رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن جهود واشنطن للحفاظ على تفوقها التقني تتداعى.
الصراع الحقيقي من حيث الهدف ليس على الأجهزة الذكية، بل على التطبيقات ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل الذكاء الصناعي والحوسبة الفائقة، بما فيها التقنيات ذات الأغراض العسكرية. وقالت ريفا غوجون من مجموعة "روديوم" (Rhodium) الاستشارية: "إذا كانت هذه الرقائق تصل إلى يد (هواوي) لتستخدمها في الهواتف الذكية، فإلى أين يمكن أن تصل أيضًا؟".
ما يزال الوضع معقدًا بالنسبة لكلّ من بكين وواشنطن. ففي الصين، يُنظر إلى العقوبات الأميركية على أنها تهديد مستمرّ. أمّا في الولايات فتزداد المخاوف من أن ترتد سياساتها عليها عكسيًا، فيما يتلكأ كثير من حلفاء أميركا الأساسيين بشأن الانضمام إلى مساعيها لعزل ثاني أكبر اقتصاد في العالم.