بلومبرج: الحرب فى غزة ذكرت القوى الاقتصادية العالمية بقدرات مصر بالشرق الأوسط
الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، سلطت الضوء على دور مصر كوسيط إقليمي قوي، ما قد يكسبها دعمًا غربيًا في الوقت الذي تحاول فيه الخروج من أزمة اقتصادية طاحنة.
بلومبرج: الحرب فى غزة ذكرت القوى الاقتصادية العالمية بقدرات مصر بالشرق الأوسط
ونظرًا لما لها من علاقات قديمة مع إسرائيل وحدود مع قطاع غزة، فإن موقف مصر يبدو حاسمًا بالنسبة إلى مصير اللاجئين والتدفق المستمر للمساعدات إلى سكان القطاع المحاصر، والذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، بعدما قطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية عن غزة ردًا على الهجوم الدامي الذي شنته "حماس" في السابع من أكتوبر.
بلومبرج: الحرب فى غزة ذكرت القوى الاقتصادية العالمية بقدرات مصر بالشرق الأوسط
يتيح هذا الأمر فرصًا أمام أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان في مواجهتها لأسوأ أوضاع اقتصادية منذ عقود، وفي وقت يستعد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي للانتخابات التي ستُجرى خلال أقل من شهرين. ومع ذلك، هناك مجموعة من الاعتبارات المحلية والإقليمية التي تستبعد أي صفقة بشأن اللاجئين.
تحدثت الحكومة الإسرائيلية مع العديد من الدول بشأن إيواء مصر -بشكل مؤقت- للفلسطينيين الفارين من العنف في غزة، وفق مسؤولين مطلعين على الأمر. وقال هؤلاء إن إسرائيل اقترحت نقلهم إلى مخيمات في شبه جزيرة سيناء –بتمويل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة– ومن ثم إعادتهم إلى القطاع فور انتهاء العمليات العسكرية. وليس واضحًا ما إذا كانت إسرائيل قد طرحت هذه الفكرة مباشرة على مصر أم لا.
قالت ميريت مبروك، مديرة برنامج مصر في "معهد الشرق الأوسط"، ومقره واشنطن: "من الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا تأملان في أن تقبل مصر بحوافز اقتصادية -في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة على الصعيد الاقتصادي- للسماح لسكان غزة بالدخول إلى مصر".
لكنها أضافت: "لا يوجد تأييد يُذكر للخروج عن سياسة عدم السماح بتهجير الفلسطينيين القائمة منذ عقود"، في حين أن الحوافز "قد ينتهي بها الأمر لأن تصبح عبئًا سياسيًا، خصوصًا في عام الانتخابات".
تخفيف شروط الدعم الاقتصادي
مع ذلك، يرى العديد من الاقتصاديين والمصرفيين والمستثمرين الذين تحدثت معهم بلومبرغ الشهر الجاري في المغرب خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن مصر يُرجح أن تحصل على بعض الدعم الاقتصادي، بغض النظر عن موقفها بشأن قضية اللاجئين. فقد ذكّرت هذه الأزمة القوى العالمية بمكانة الدولة الشمال أفريقية، والدور المحوري الإقليمي الذي تلعبه، وهو ما عزز بالتالي فكرة أنها "أكبر من أن تفشل".
مصر التي توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر، تجري حاليًا محادثات بشأن زيادة برنامج الإنقاذ هذا إلى أكثر من 5 مليارات دولار بدلًا من 3 مليارات دولار، حسبما صرح أشخاص مطلعون على المناقشات لبلومبرغ هذا الشهر.
من المحتمل أن يمارس المساهمون الرئيسيون في "صندوق النقد الدولي" في الولايات المتحدة وأوروبا، ضغوطًا على الصندوق، ومقره في واشنطن، لتخفيف متطلباته والمضي قدمًا في البرنامج رغم بطء وتيرة الإصلاحات في القاهرة، وفقًا لريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا لدى مجموعة الأزمات الدولية.
السبب في ذلك أيضًا، هو أن الصراع الحالي يسلط الضوء على حالة عدم الاستقرار المتزايدة في الوقت الراهن على كل الحدود المصرية، في ليبيا والسودان والآن في غزة. وقال فابياني إن هذا الوضع يضع أمام الولايات المتحدة وأوروبا ضرورة أن تضمن "بقاء القاهرة شريكًا مستقرًا وموثوقًا في المنطقة.. يستحق الدعم الخارجي".
الدليل على هذا التركيز الدولي برز بشكل جلي يوم أمس السبت، عندما استضاف السيسي ما وُصف بمؤتمر "قمة السلام" في القاهرة، بحضور زعماء من الشرق الأوسط وأوروبا.
فورة الدبلوماسية
كانت الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي قادت الكثير من المسؤولين إلى القاهرة، بمثابة عودة مصر إلى دورها التقليدي الذي برز في كل نقاش حول سياسات القوة في كل أنحاء المنطقة خلال النصف الأخير من القرن العشرين.
حشدت مصر قوات عربية وقادت هجومًا على إسرائيل عام 1973 عُرف في ما بعد بحرب أكتوبر، قبل أن توقع الدولتان معاهدة سلام وتقيما علاقات دبلوماسية كاملة عام 1980.
في الأيام التي تلت الهجوم على إسرائيل من قِبل "حماس"، التي تصنفها الولايات المتحدة وأوروبا جماعة إرهابية، تودد عدد من زعماء العالم إلى السيسي. حيث جدد الرئيس الأميركي جو بايدن في مكالمة هاتفية التأكيد على "الشراكة الاستراتيجية الدائمة" بين البلدين. وأشاد المستشار أولاف شولتس الذي زار القاهرة بوحدة الجهود الألمانية المصرية في العمل على منع "نشوب حريق هائل" في الشرق الأوسط، أو بعبارة أخرى لعدم اتساع رقعة الصراع بين إسرائيل وحماس. كذلك التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في بكين.
بلومبرج: الحرب فى غزة ذكرت القوى الاقتصادية العالمية بمكانة مصر بالشرق الأوسط
روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، يرى أن الحرب "تسلط الضوء على الدور المهم الذي لعبته مصر دائمًا في ما يتعلق بالأمن في غزة وما حولها".
لم يغب هذا الأمر عن الحكومات الأوروبية التي تنبهت إلى أهمية مصر كمُنتجٍ إقليمي للغاز بعد غزو روسيا لأوكرانيا العام الماضي. فقد زار مسؤولون أوروبيون مصر لتقييم إمكاناتها كمورّد للغاز –بمساعدة إسرائيل– لتعوضهم عن غياب بعض الإمدادات الروسية على الأقل.