رغم الحرب وخفض الإنتاج.. النفط يخالف التوقعات وينخفض لأدنى مستوى في 3 أشهر
تحول الارتفاع الكبير الذي كان متوقعًا في أسعار النفط إلى خيبة أمل، حيث أوشك خام "برنت" على الأسابيع الماضية على تحقيق توقعات القطاع بارتفاع سعره إلى 100 دولار للبرميل، بينما استنزف الطلب القياسي على الوقود وتمديد خفض السعودية للإنتاج مخزون النفط العالمي، وفاقم اندلاع النزاع المسلح في الشرق الأوسط خطر ارتفاع السعر.
لكن السعر المرجعي انخفض الأربعاء الماضي إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر عند أقل من 80 دولارًا للبرميل وعززت المخاوف المحيطة بالإمدادات، الشكوك بشأن تدهور أرباح مصافي التكرير في الصين وأوروبا، وضعف السوق الفعلية لتداول الشحنات، وتوقعات اقتصادية ضبابية للولايات المتحدة.
قال نوربرت رويكر، المحلل بشركة "جوليوس باير آند كو" (Julius Baer & Co. Ltd): "يبدو أن السوق تحوّل تركيزها من الأوضاع الجيوسياسية المدفوعة بالخوف، إلى المعطيات الأساسية المعتمدة على الحقائق الثابتة. وفرة الإمدادات، وزيادة الإنتاج تدريجيًا، وتراجع الطلب، كلها عوامل تسببت في خلق خلفية ناعمة أساسية".
ربما يُطمئن ذلك أكبر الدول المستهلكة، مثل الولايات المتحدة، إذ أن اقتراب سعر البنزين من دولار للتر (4 دولارات للغالون) يضغط على الأُسر، ويهدد بأن يصبح عبئًا سياسيًا على الرئيس جو بايدن. كما قد يتيح فترة راحة للبنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي يسعى إلى إنهاء فترة التشديد النقدي الطويلة.
يعد الوضع الحالي معاكسًا لما كان عليه في أواخر سبتمبر، عندما ارتفع سعر برنت متجاوزًا 97 دولارًا للبرميل، وتوقعت منظمة "أوبك" انخفاضًا غير مسبوق في مخزون النفط، وسط الطلب القياسي على الوقود، وخفض السعودية الطوعي للإنتاج.
بدا أن ارتفاع سعر النفط أثبت في نهاية المطاف صحة توقعات القطاع في مطلع العام، والتي تكهنت بتجاوز 100 دولار للبرميل. كما عزز الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر من فرص ارتفاع الأسعار؛ إذ أثار مخاوف من دخول إيران في صراع إقليمي ومن تعرض الشحنات القادمة من الخليج العربي للخطر.
إلا أن عدم تضرر تدفقات النفط القادمة من المنطقة، حوّل الانتباه إلى المخاطر الكامنة في أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم، أي تراجع نشاط التكرير في الصين، واستمرار أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة.
تراجع سعر النفط يمثل تحديًا للسعودية التي تقود تحالفًا بين منظمة "أوبك" وأكبر منتجي النفط الآخرين، مثل روسيا. وخفضت المملكة إنتاجها إلى أدنى مستوى في سنوات، في محاولة لدعم السوق، لكنها شهدت أكبر انكماش في اقتصادها خلال 3 سنوات في الربع الثالث، نتج بدرجة ما عن تضحيتها بحجم الإنتاج.
التزام روسيا
ربما يتراجع التزام روسيا، التي تعتبر حليفًا للسعودية في سوق النفط خلال الفترة الحالية. فرغم تعهد موسكو في الأسبوع الماضي بمواصلة خفض الإمدادات، إلا أن بيانات تتبع ناقلات النفط تظهر ارتفاع الصادرات الروسية إلى أعلى مستوياتها في 4 أشهر بما يقارب 3.48 ملايين برميل يوميًا، حيث يعوّل الرئيس فلاديمير بوتين على إيرادات النفط لتمويل حربه على أوكرانيا، كما يُتوقع أيضًا زيادة إمدادات النفط من الولايات المتحدة والبرازيل وغويانا في العام المقبل.
قال تور سفيلاند، مؤسس صندوق تحوط "سفيلاند كابيتال" (Svelland Capital Ltd.)، إن "السحب من المخزون أقل من المتوقع، والشحنات الروسية تجاوزت التوقعات، وعلاوة مخاطر الحرب ارتفعت أكثر مما يجب في المدى الطويل. تراجع الطلب أيضًا نتيجة أسعار الفائدة والأسعار المرتفعة بشكل عام".
يتوقع مراقبو "أوبك" في "أوراسيا غروب" (Eurasia Group) و"يو بي إس" أنه في ظل استمرار الضغط على طلب النفط، ستفضل السعودية تمديد خفض إنتاجها الإضافي بمقدار مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل. ومن المقرر أن يجتمع تحالف "أوبك+" بكامل هيئته في 26 نوفمبر الجاري لتقييم سياسته.