الخميس، 21 نوفمبر 2024 10:00 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مصر

بالفيديو.. شيخ الأزهر: «فرق تسد»‏ نقطة ‏الضعف التي نفذ منها المستعمرون ‏لبلاد ‏المسلمين.. ويُعاد توظيفها اليوم تحت لافتات «صراع الحضارات» و«الفوضى الخلاقة»

السبت، 13 يوليو 2024 05:22 م

قال الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر – خلال كلمته في جامعة «شريف هداية الله» الإسلامية بجاكرتا حول «وحدة الأمة في مواجهة التحديات»: «إن هذه الأمة التي أنارت العالم كله بعد أن أطبقت عليه الظلمات من كل جانب، وصححت بقرآنها الكريم ورسولها العظيم مسار البشرية، ووضعت الإنسانية كلها من جديد على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؛ هذه الأمة تعاني اليوم من أعراض تُشبِه أعراض الأمراض المتوطنة، لا تكاد تُعالِج منها عرَضًا حتى تعيا بعلاج مائة عرض وعرض».


وأضاف: «والمتأمل في عظمة الحضارة الإسلامية وقوتها التي تأسست على العدل والإنصاف يعجب كثيرًا وهو ينظر إلى ما آلت إليه اليوم، وهي وإن لم تكن قد آلت إلى زوال أو إلى فناء، فإنها باليقين قد آلت إلى شيء من الضعف والانزواء لا تكاد تخطئه عيون أبنائها قبل عيون الآخرين».


وأوضح: «ومن مدهشات هذه الحضارة أنها حتى وهي تعاني من الهزال تبعث الأمل الذي لا حدود له في إعادة التعافي والإحياء والتجديد؛ إنها تشبه الجمرة المتقدة التي لا تنطفئ رغم ما يتراكم عليها من طبقات الرماد الكثيف بين الحين والحين في تاريخها المشرق الطويل».

لا نعلم حضارة بقيت على ‏وجه الزمان 14 قرنًا رغم ‏‏الضربات القاتلة غير الحضارة الإسلامية


وأكد: «والناس لا يعلمون حتى هذه اللحظة حضارة بقيت وثبتت على وجه الزمان ما يقرب من خمسة عشر قرنًا رغم الضربات القاتلة التي وُجِّهت وتُوَجَّه إليها غير حضارة الإسلام والمسلمين».


وبيَّن: «هذه الحضارة ذات التاريخ المجيد تبدلت بها أقدارها أخيرًا فصارت تتسول من الغرب فلسفتها وثقافتها ومناهجها في التربية والتعليم والاجتماع والاقتصاد، وكأن أهلها أمة همجية قادمة من مقابر التاريخ، ولم يكن لهم من قبلُ عهد بعلم ولا أدب ولا فلسفة ولا تشريع ولا تاريخ ولا فنون، وكأنهم لم يُعلِّموا الإنسانية كلها، ولم يظللوها بحضارة راقية في الشرق والغرب قرونًا طويلة!».

الفرقة والتنازع الداخلي‏ نقطة ‏الضعف التي نفذ منها المستعمرون ‏لبلاد ‏المسلمين


وأكمل: «تعلمون حضراتكم مثلما أعلم أن داء هذه الأمة هو الفرقة والاختلاف والتنازع الداخلي، وهو داء خبيث طالما شكَّل نقطة الضعف التي نفذ منها المستعمرون لبلاد المسلمين في القرنين الماضيين، وهو هو الداء الخبيث الذي يتسلل منه الاستعمار الغربي من جديد في القرن الحادي والعشرين، ولا تزال مقولة «فرِّق تَسُد» التي حفظناها صغارًا يُعاد توظيفها اليوم تحت لافتات صراع الحضارات والفوضى الخلاقة والعولمة ونهاية التاريخ وغيرها من اللافتات التي تُرفَع هنا وهناك في بلاد المسلمين ليُقتَلوا تحتها أو ليقاتل بعضهم بعضًا نيابة عن المستعمر الجديد، يحدث هذا والقرآن الكريم يحذر المسلمين ويقرع سمعهم ليل نهار بقوله تعالى: «وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين»».


ونبَّه شيخ الأزهر: «والسؤال الذي نطرحه اليوم ويفرض نفسه على كل باحث مهموم بهذا الأمر هو كيف يتسالم المسلمون فيما بينهم، وهذا السؤال المؤلم تطرحه الساحة الآن بصوره قاتمة، بل شديدة القتامة، ويكفي أن أشير فقط إلى أن خطاب الدعوة والدعاة الذي يناط به جمع الشمل أصبح في أحيان كثيرة هو المسؤول الأول عن فرقة المسلمين وتمزقهم، بحيث أصبح بأس شباب المسلمين بينهم شديدًا».


وأشار إلى أنه: «كم من مذهب في ساحة الدعوة الآن يقف من وراء تباغض شباب المسلمين وتنابذهم وتدابرهم، وأين ذهبت قضايا الأمة المصيرية من اهتمامات هؤلاء الدعاة الشباب وهؤلاء الداعيات الشابات؟ ألَا تستحق هذه القضايا الكبرى حلقة واحدة من حلقاتهم التي تكاد تُحرِّم الحلال وتُحلِّل الحرام؟ هل يعلم شبابنا عن القدس وعن المسجد الأقصى وما يعانيه مثلما يعلم من خلافات الأشاعرة والسلفية والصوفية؟»


وأضاف: «على الشباب المسلم أن يشغل ذهنه البحث في واقع أمته مثلما يشغله البحث في قضايا خلافية تافهة ولَّى زمانها، وعليه أن يقبل على مقرراته العلمية الجامعية بمثل ما يقبل به على كتب أو كتيبات لهذا الداعية أو ذاك، بل كيف أعرض شبابنا عن فرض محتم لازم هو وحدة المسلمين وتفرغ لفقه يختلط فيه المندوب بالواجب والمكروه بالحرام؟».