خمس قضايا اقتصادية تتصدر مشهد السباق الانتخابي الأمريكي
سيكون للانتخابات الأمريكية المقررة يوم الثلاثاء تأثير كبير على الاقتصاد، وسط اشتعال المنافسة بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، واللذان يقدمان رؤى سياسية مختلفة تماماً.
هذه الرؤوى ستتحكم أيضاً بتدفق المهاجرين إلى سوق العمل، وتنوع مصادر الطاقة التي تغذي الصناعات. اختلافاتهما ستؤثر أيضاً على الأسعار التي يدفعها المستهلكون للسلع اليومية وتكاليف الاقتراض التي تواجهها الأسر والشركات عند تسديد الديون.
النتائج الاقتصادية للانتخابات ستتأثر بشكل كبير ليس فقط بالفائز في البيت الأبيض، بل أيضاً بالحزب الذي سيسيطر على الكونجرس. وهذا الأمر يُعتبر ذا أهمية خاصة بالنسبة للمقترحات الضريبية، التي تستلزم موافقة المشرعين عليها. إلا أن الرئيس يملك سلطة مستقلة لاتخاذ إجراءات شاملة، خاصة في ما يتعلق بالتجارة والهجرة، وفق بلومبرج.
فيما يلي نظرة على 5 من أبرز التأثيرات الاقتصادية التي قد تنجم عن نتيجة الانتخابات.
الضرائب
وضع ترمب خفض ضرائب الدخل على رأس حملته الانتخابية. وعد الرئيس السابق بتمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها في ولايته الأولى، والتي من المقرر أن تنتهي في نهاية العام المقبل، كما يخطط أيضاً لتقليل ضرائب الدخل على الشركات.
في حملته، تبنى ترمب أفكاراً إضافية لخفض الضرائب، بما في ذلك إنهاء ضريبة الإكراميات، والعمل الإضافي، ومعاشات الضمان الاجتماعي. وزعم بالمقابل أن الخسارة في الإيرادات ستُعوض جزئياً من خلال فرض تعريفات جديدة على السلع المستوردة.
التجارة
من المتوقع أن يكون أكبر تأثير محتمل على الأعمال التجارية ناتجاً عن خطة ترمب لزيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير، وذلك في محاولة لإجبار الشركات المصنعة على نقل إنتاجها إلى الولايات المتحدة. واقترح ترمب أن تكون هناك رسوم جمركية دنيا تتراوح بين 10% إلى 20% على جميع السلع المستوردة، والتي قد ترتفع إلى 60% أو أعلى على الواردات من الصين.
"بلومبرج إيكونوميكس" تتوقع أن تطبيق النسخة الأكثر تشدداً من هذه الخطة، والتي تنص على فرض رسوم بنسبة 20% على الجميع، يمكن أن تؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 0.8% وزيادة التضخم 4.3% بحلول عام 2028 إذا اقتصر الرد على الصين وحدها. أما إذا قام باقي العالم بالرد، فسيكون التأثير على النمو أكبر، ما يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3%، لكنه سيضيف فقط 0.5% إلى التضخم بسبب ضعف الاقتصاد الأميركي.
أشارت هاريس إلى رغبتها في الاستمرار بشكل عام مع سياسات التجارة التي تبنتها إدارة جو بايدن، وحذرت من أن مقترحات ترمب قد تؤدي إلى ما يشبه "ضريبة مبيعات وطنية" تؤثر على المستهلكين.
وأعرب كلا المرشحين عن رغبتهما في منع استحواذ ياباني مقترح على شركة "يونايتد ستيل" الأمريكية، مما يعكس توافقاً على تبني موقف صارم تجاه الاستثمار الأجنبي في القطاعات الحساسة. يتمتع الرئيس بسلطة كبيرة للتصرف بشكل أحادي في سياسة التجارة.
الهجرة
ترمب وعد بعملية هي الأكبر في التاريخ لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهي خطوة ستؤثر فوراً على قطاعات مثل البناء، والضيافة، والتجزئة، التي تعتمد كثيراً على المهاجرين سواء كانوا بصفة قانونية أو غير قانونية في البلاد. ويرى الاقتصاديون أن مثل هذه الخطوة ستزعزع سوق العمل، وتؤدي إلى اضطراب في الأعمال التجارية، وستكلف مليارات الدولارات لتنفيذها.
هاريس، من جانبها، تخطط لاتخاذ خطوات أكثر تواضعاً. فهي وعدت بإعادة تقديم تشريع للحد من عمليات العبور غير القانونية للحدود، وهي سياسة ستتطلب دعماً من كلا الحزبين في حالة وجود كونغرس منقسم بعد الانتخابات. للرئيس صلاحيات واسعة في ما يتعلق بالهجرة.
الطاقة
ترمب يتبنى شعار "احفر بجد"، إذ يعد بتقليل اللوائح التنظيمية المتعلقة بإنتاج النفط والغاز الطبيعي والفحم، وبإتاحة المزيد من الأراضي الفيدرالية لإنتاج الوقود الأحفوري، مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلى تخفيض التكاليف. كما يقول الرئيس السابق إنه سيعمل على "إنهاء"سياسات إدارة بايدن التي تقدم دعماً لتعزيز توليد الطاقة الخضراء".
أما هاريس، فهي تميل إلى التحول نحو الطاقة النظيفة. وتعهدت نائبة الرئيس بخفض تكاليف الطاقة المنزلية، لكن برنامجها يركز على مواجهة أزمة المناخ من خلال الطاقة النظيفة وحماية الأراضي العامة.
العجز
يقول المحللون إنه إذا وُفّق أي من المرشحين في تحقيق خططه، فإن عجز الموازنة سيزداد، لكن هذه الزيادة ستتضاعف تقريباً حال فوز ترمب. عادة ما تنعكس مستويات العجز الأكبر عبر ارتفاع معدلات الفائدة وتكاليف الاقتراض، سواء للأسر أو للأعمال التجارية.
وفقاً لتقديرات "لجنة المسؤولية المالية الفيدرالية"، وهي مجموعة مراقبة مالية غير حزبية، فإن خطة هاريس ستزيد العجز بقدر يصل إلى 3.95 تريليون دولار على مدى عقد من الزمان، بينما سترفع خطة ترمب العجز بقدر يصل إلى 7.75 تريليون دولار.
حتى الآن، يبدو أن المستثمرين غير قلقين بشأن سياسة المالية الأمريكية بغض النظر عن الفائز. يستمر الإقبال على شراء سندات الخزانة رغم أن العجز السنوي للولايات المتحدة للسنة المالية المنتهية في 30 سبتمبر ارتفع إلى 1.83 تريليون دولار مقارنةً بـ1.7 تريليون دولار في العام السابق.
ومع ذلك، يحذر البعض من أن مسار السياسة المالية غير المستدام يمكن أن يسبب تقلبات في الأسواق. من المتوقع أن يصل الدين الأميركي بالفعل إلى 99% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وتقدّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تخفيضات الضرائب التي يعتزمها ترمب، قد ترفع هذا الرقم إلى 116% في عام 2028، وحتى في ظل مقترحات هاريس الأكثر تحفظاً سيرتفع إلى 109%.
وجود حكومة منقسمة، حيث تسيطر المعارضة على مجلس واحد على الأقل، قد يساعد في تقليل العجز نظراً لأن الكونجرس يجب أن يوافق على كل من الإنفاق والضرائب.