الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 02:57 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
عقارات

كيف تؤثر مدد السداد الطويلة على أسعار الوحدات وإعادة البيع؟

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 02:10 م
سوق العقارات المصري
سوق العقارات المصري

يشهد سوق العقارات المصري ظاهرة "مدد السداد الطويلة"، حيث يتنافس المطورون على جذب العملاء عبر تقديم خطط سداد طويلة تصل إلى 12 عامًا وأكثر، بمقدمات تبدأ أحيانًا من 0%.

أكد المطورون أن هذه التسهيلات ليست مجانية. فالوحدة التي تُباع على 10 سنوات يكون سعرها أعلى بكثير من سعرها "الكاش" أو على 3 سنوات. وهذا الفارق ليس مجرد فائدة بنكية، بل هو "تكلفة تمويل" يتحملها المطور نتيجة تآكل قيمة الأقساط مع التضخم وانخفاض قيمة الجنيه، بالإضافة إلى تكلفة مواد البناء التي ارتفعت بنسب كبيرة. 

أكد طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن المطورين مضطرون لتقديم تسهيلات سداد طويلة لمواجهة ضعف القدرة الشرائية للعملاء. واقترح أن تقوم الدولة بمنح الأراضي للمطورين بتسهيلات أيضًا، حتى يتمكنوا بدورهم من مد فترات السداد للعميل النهائي.

وقال رجل الأعمال نجيب ساويرس أن 70% من قيمة الوحدة فوائد تمويلية، فضلاً عن تمديد الأقساط، في حين لا تتجاوز القيمة الفعلية للوحدة 30% فقط من السعر الإجمالي وهو يمثل عبئاً مالياً ضخماً على العميل لا يعكس القيمة الحقيقية للوحدة.

وأوضح المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، أن العميل أصبح يفضل المشروع الذي يقدم أفضل تسهيلات في السداد حتى لو كان موقعه أقل تميزًا. وأشار إلى أن خطط السداد المرنة أصبحت العامل الحاسم في قرار الشراء.

وقال عبدالله سلام، الرئيس التنفيذي لشركة “مدينة مصر”، إن الشركة تواصل اتباع استراتيجية متوازنة تهدف إلى تحفيز الطلب مع الحفاظ على القيمة المستدامة، من خلال تقديم منتجات متنوعة بأسعار تنافسية وخطط سداد مرنة، مع التركيز على المشروعات التي تحقق معدلات تنفيذ مرتفعة لتعزيز ثقة العملاء.

وأوضح أحمد العتال، رئيس مجلس إدارة شركة “العتال هولدينغ”، أن الشركة تعتمد استراتيجية مرنة في المبيعات، من خلال توجيه منتجاتها للفئات الأكثر نشاطًا في الشراء، وتسريع أعمال البناء لتوفير وحدات شبه جاهزة، بالإضافة إلى تقديم جولات تعريفية داخل المشروعات لتعزيز ثقة العملاء.

قال عبدالرحمن أبوزيد، مدير أول المبيعات بشركة “تسكن” التابعة لشركة “ناوي”، إن مبيعات وحدات الريسيل في المشروعات الجديدة انخفضت بأكثر من 70% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة اعتماد بعض الشركات الكبرى لفترات سداد طويلة تصل إلى 12 عامًا أو أكثر.

وأضاف أن بعض المشروعات شهدت هذا العام تعديلًا في الأسعار مع استقرار سعر الصرف، بعد تقلبات حادة في 2023 و2024، التي دفعت الأسعار للارتفاع بسبب تذبذب العملة. وأوضح أن العديد من العملاء اشتروا وحدات ريسيل بأسعار مرتفعة خلال تلك الفترة، ما يقلل اليوم من جاذبية إعادة بيعها، خاصة مع اشتراط الدفع نقدًا.

ونجحت هذه الاستراتيجية في الحفاظ على حركة المبيعات في ظل ضعف القدرة الشرائية، لكنها أدت إلى نتيجتين رئيسيتين:

1.  تضخيم الأسعار الاسمية حيث أصبحت الأسعار المعلنة للعقارات تتضمن تكلفة التمويل لسنوات طويلة، مما يعطي انطباعًا بأن الأسعار ارتفعت بشكل حاد، بينما جزء كبير من هذه الزيادة هو في الواقع تكلفة التقسيط.

2.  القضاء على سوق إعادة البيع (الريسيل) حيث أصبح من الصعب على المستثمر الصغير بيع وحدته بربح، لأن المشتري الجديد يفضل الشراء مباشرة من المطور بنفس التسهيلات وبدون الحاجة لدفع مبلغ "كاش" كبير.

وتؤكد شركات الاستشارات العقارية مثل JLL وKnight Frank أن مرونة خطط السداد أصبحت الأداة الأهم للمطورين للحفاظ على استمرارية المبيعات. لكنها تحذر من أن هذا النموذج يضع ضغطًا على التدفقات النقدية للشركات، ويجعل السعر الحقيقي للعقار غير واضح للمشتري الذي يركز فقط على قيمة القسط الشهري.