الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

هل تصبح " كورونا" بداية لعالم جديد " 2 " ؟

الأربعاء 15/أبريل/2020 - 09:14 ص

تحدثنا سابقاً عن تحليل لازمة فيروس كورونا واداء دول العالم فى التعامل مع الفيروس  وكيف نحن فى طريقنا الى ولادة نظام عالمى جديد فى ضوء المعطيات الحالية والتى تبرز ان اضعف الدول اداءاً فى التعامل مع " كورونا " هم اقطاب النظام العالمي الحالي و علي رأسهم الولايات المتحدة و اوروبا الغربية .

واذا درسنا الأسباب سنجدها تكمن في ملامح و أسس النظام العالمي الحالي مما يعني ان  هذا النظام في طريقه للانهيار فاسباب فشل المعسكر الغربى تكمن فى النقاط التالية :  

1-   الصراع بين الاحزاب السياسية المختلفة و محاوله استغلال الازمة لتحقيق مكاسب إنتخابيه و عدم القدرة علي نبذ الخلافات و التوحد أمام المخاطر و أبرز الامثلة علي ذلك تصيد الاخطاء بين ترامب و ادارته من ناحية و اقطاب الحزب الديموقراطي ممثلا في محافظ  نيويورك و رئيسة مجلس النواب

2- ضغوط الشركات العملاقة  علي صناع القرار في كيفية مواجهه الازمة واضعين نصب أعينهم مصالحهم الاقتصادية دون النظر لصالح شعوبهم .

3- التخلف الواضح في البحث العلمي لقطاع الصحة  مقارنة بالتقدم لنظيره في المجال العسكري و التسليح كنتيجة طبيعية لضعف تمويله مقارنة بالاخير .

4- ضعف البنية الاساسية للقطاع الصحي رغم التقدم في المجالات الاخري و ذلك لاعطاء الاولوية في موازنات تلك الدول للإنفاق العسكري و غيره من القطاعات الاخري بخلاف القطاع الصحي

5- رغم ان العولمة الناتجة عن التطور المذهل في عالم تكنولوجيا الاتصالات و تحول العالم الي قريه واحدة  هي إحدي أهم ملامح النظام العالمي الحالي الا ان أقطاب هذا النظام لم يدركوا ان هذا يعني ان أي أحداث خطيرة  تحدث في أي بقعة من بقاع العالم لن يمكنهم ان يكونوا  بمنأي عنها فجاء تحركهم في مواجهة تلك الاحداث متاخراً.

6- الرغبة الملحة و التنافس للحصول علي أصوات الناخبين جعل صناع القرار يرضخون للاستجابة للحقوق الفردية حتي لو كان ذلك علي حساب المصلحة العامة.

7- الفشل الذريع و ضعف اداء التكتلات الاقتصادي  و الاحلاف العسكرية في مواجهة الازمة و عدم تقديم  العون و المساندة لاعضاء تلك التكتلات " الاتحاد الاوروبي - حلف الاطلنطي - منظمه التجاره العالميه مجموعه ال G 8 - و الG 20 و غيرهم " .

واذا نظرنا الى التجارب الناجحة فسنجد امامنا الصين كنموذج وجاءت اسباب نجاحها فى النقاط التالية:

1- نظام سياسي قائم علي ديكتاتورية الصفوة ( و ليس الفرد ) ممثلة في القيادة الجماعية للجنة العليا للحزب الواحد مما ادي الي سرعة اتخاذ القرارات و الوقوف صفا واحدا لمواجهه الازمة دون اي حسابات سياسية او تناحر انتخابي .

2- نظام اقتصادي جديد (راسمالية الدولة) قائم علي نسب ملكية للدولة غير مسيطرة تمنح للقطاع الخاص حرية الادارة و الفكر و المكاسب المادية دون جشع بما ادى لسرعة اتخاذ قرارات مصيرية سريعة في مواجهة الازمة تحقق التوازن بين المصلحة العامة للشعب و الدولة من جهة و المصلحة الاقتصاديه لتلك الكيانات و الشركات.

3- عدم الانسياق للسباق المتسارع نحو تطوير الابحاث العسكرية وزيادة الانفاق العسكرى و التركيز علي التقدم العلمي في مجالي تكنولوجيا الاتصالات و الطب مما كان له ابلغ الاثر في السيطره سريعا علي ازمه فيروس الكورونا.

4 – رؤية مستقبلية ثاقبة في أن التطور الطبيعي لتقدم تكنولوجيا الاتصالات يكمن في الاحتفاظ بأكبر كم ممكن من البيانات حتي ان العصر القادم هو عصر ما يسمي (big data) وستكون اكثر دول تقدما وسيطرة من تملك ذلك ، و يتضح هذا جليا في الصين و التى تمتلك عدد كبير من الكاميرات (اكثر من ٢٥٠ مليون) فى انحاءها ووفرت هذه الكاميرات قواعد بيانات مهولة سهلت فى سرعة احتواء الانتشار السريع للفيروس و السيطره عليه.

5- عدم الانخراط في تكتلات سياسية كانت او اقتصادية اعطي لها مساحة من حرية الحركة و اتخاذ القرارات دون اي التزام لاي جهة علي حساب مصالحها .

ونستخلص  مما سبق اننا علي اعتاب ارهاصات لخلق نظام عالمي جديد مختلف في معالمه عن النظام القديم وبالضرورة قد يختلف اقطابه الافيمن ينجح في سرعة استشراف تلك المعالم و قدرته علي استيعاب تلك المعالم الجديدة و تطوير انظمته بما يسمح له بالتكيف مع تلك المعالم التي يمكن تلخيصها فيما يلي :

1- انظمة سياسية جديدة تعتمد علي ديكتاتورية الصفوة تقف في منتصف المسافة بين دكتاتورية الحاكم الفرد و ديموقراطية جموع الشعب و تعتمد في كفاءتها علي تنوع خبرات افرادها .

2- انظمة اقتصادية تحقق التوازن بين فكر القطاع الخاص و كفاءه ادارته و استراتيجية الدولة و الصالح العام للشعب

3- رفع  ميزانية البحث العلمي والصحة  فى مقابل التسليح و التركيز علي المجالات الطبية لان الاوبئة و الكوارث الطبيعية هي العدو الحقيقي للبشرية .

4- التركيز علي الاستثمار و التطوير في مجال البنية المعلوماتية و القدرة علي تخزين اكبر كم من (big data ) و القدرة علي استدعائها بكفاءة و سرعة عند اللزوم.

5- كبح جماح الحريات و النزعات الفردية بعض الشئ و القدرة علي تحقيق التوازن بينها و بين المصلحه العامة دون أن تطغي أحدها علي الاخري.

6- البعد عن انشاء التكتلات الاقليمية و التحالفات العسكرية و الاقتصادية و تحول العالم الي كتلة واحدة يساعد بعضهم  البعض بناء علي مصالح مشتركة دون التقيد  بتحالفات او تكتلات دائمة و استاتيكية "  وشاهدنا ذلك  في ازمه الكورونا الصين تساعد ايطاليا اكثرمن الاتحاد الاوروبي "

و ختاما لما سبق من المتوقع ان يكون عالم ما بعد الكورونا مختلفا عما قبله و ان تميل الكفه لدول مثل الصين و الهند و اليابان و كوريا الجنوبية لتكون الاقطاب الرئيسيه لقيادة العالم الجديد .