القطاع الخاص.. نقطة انطلاق التنمية العمرانية
تشهد مصر حاليًّا -ومنذ سنوات- طفرة عمرانية وتنموية غير مسبوقة، في «مدن الجيل الرابع».
وبالنظر إلى هذه المدن سنجد أن كل مدينة منها تحتاج إلى تكاليف مهولة نظير شبكة المرافق، وبالفعل استطاعت الدولة إنجاز هذه الملفات في هذه المدن، وذلك بشهادة مطوِّري القطاع الخاص الذين أشاروا إلى أن مايتم تنفيذه لم يكن موجودًا في المدن الأولى.
وكان التحدي الأكبر هو عدم تمكن المطوِّر من زيادة معدلات التنفيذ وضغط البرامج الزمنية، وذلك لعدم وجود مرافق أولية، فكان لزامًا على المطوِّر التغلب على تحديات مثل عدم وجود طرق ممهدة لحدود مشروعه أو مصدر للمياه للاعتماد عليه في التنفيذ.
فبعد الإعجاز الذي حققته الدولة في ملف تمهيد البنية التحتية والمرافق، لابد من تقديم تسهيلات ومحفزات للقطاع الخاص لزيادة وجوده واستكمال مسيرة التنمية، وعلى رأس هذه المحفزات وضع سعر للأرض غير مبالغ فيه، فهى وعاء للتنمية وليست سلعة.
وضرورة وضع برامج سداد أكثر مرونة مع متطلبات المطوِّر العقاري، مع منح مزايا لأوائل المطوِّرين بتوجههم صوب المدينة الجديدة، ويتم ربط هذه الأنظمة بمدد التنفيذ، فكلما قل عدد سنوات التنفيذ تزيد مدة السداد، بل إنه يمكن في بعض الحالات منح فترة سماح تتراوح بين سنة و3 سنوات -كما كان يحدث في الماضي- وهو ما يمكِّن المطوِّر أو المستثمر من توجيه كامل السيولة المالية لديه لتسريع عجلة التنمية بمشروعه.
ويظهر لنا ذلك عندما ننظر إلى مدينة مثل القاهرة الجديدة التي كانت تعاني في غياهب النسيان طوال 10 سنوات كاملة منذ إنشائها، بل كان الشغل الشاغل لكل مطوِّر عقاري حصل على أرض هناك هو كيفية التخلص من هذه الأرض أو إعادتها إلى الجهاز بأقل خسائر، إلى أن تحول الوضع برمته إلى النقيض بسبب دخول مطوِّر بحجم «طلعت مصطفى» بمشروعه «الرحاب»، وكذلك مشروع «القطامية هايتس»، فبدأ المطوِّرون في التهافت مجددًا على أراضي القاهرة الجديدة.
والسيناريو نفسه تكرر في مدينة الشيخ زايد، حيث بدأت معدلات التنمية بطيئة للغاية رغم كل جهود الدولة في هذا الصدد، ولكن بمجرد دخول مشروعات مثل «زايد 2000» و»الكرمة» و»سوديك ويست» ، بدأت الأوضاع تتبدل وأصبحت هذه المشروعات بؤرة حقيقية لمزيد من التنمية.
وكذلك الحال في «أكتوبر» التي بدأت التنمية فيها منذ عام 1978، وظلت حتى عام 1990 صحراء، ولكن تبدلت الأمور بمجرد دخول مشروع «دريم لاند».
ويأتي دور المشروعات الترفيهية في رفع قيمة الأراضي وزيادة الإقبال عليها، فهناك مشروعات كانت نقطة تحول في نطاقها، مثل مشروعات «مول العرب» و»مول مصر» بأكتوبر، و»كايرو فيستيفال سيتي» بالقاهرة الجديدة، و»أركان» و»زايد بزنس بارك» بالشيخ زايد، وانتهاءً بمشروع «حديقة زايد المركزية» الذي يطوِّره «ساويرس»، ويجب على الدولة الاستفادة من هذه النماذج والبدء من حيث انتهت التجارب السابقة.
وسنجد أن ثمة علاقة طردية بين سعر الأراضي بالمدن الجديدة وبين مدى وجود مستثمري القطاع الخاص بها، فتتصدر القاهرة الجديدة خريطة الأسعار، ويقابلها أعلى نسبة وجود للقطاع الخاص، تليها «الشيخ زايد» و»أكتوبر» و»أسيوط الجديدة» (التي شهدت وجودًا نسبيًّا للمستثمرين فكانت الأعلى سعرًا من باقي مدن الصعيد).
ومن هذه التجارب السابقة نستخلص أن العاصمة الإدارية الجديدة تفتقد الكثير بغياب كبار المستثمرين واقتصار وجودهم على نطاق ضيق للغاية، وبمجرد وجود الأسماء الرنانة التي اكتسبت ثقة المجتمع في مشروعاتها السابقة سنجد طلبًا متزايدًا وغير طبيعي على الأراضي هناك من جانب متوسطي المطوِّرين وصغارهم، بل وسيكون عونًا لهم في سرعة البيع لمنتجهم العقاري وفي التجويد.