ليست مزحة.. طالبان تستغيث من جماعة إرهابية خطيرة
لطالما نظر العالم إلى حركة طالبان بأنها أكبر وأخطر الجماعات الإرهابية في الجانب الآسيوي، بل في العالم أجمع.. ولطالما سعت الجماعة المسلحة التي كانت تدير تنظيم القاعدة في وقت ما، إلى حكم أفغانستان.. لكنه وبمجرد أن تحقق حلمها، وانسحبت القوات الأمريكية والبريطانية، وتربعت طالبان على عرش الحكم.. فوجئ العالم بالجماعة المليونية المسلحة تستغيث.. من تنظيم إرهابي يهدد قادتها واستقرارها.
هذه ليست مزحة، بل حقيقة كشف عنها قائد سلاح الجو البريطاني، الجنرال مايك وينغستون، اليوم الثلاثاء، عندما أوضح أن لندن مستعدة لشن هجمات ضد ما يسمى بتنظيم "داعش خراسان" في أفغانستان، الذي يهدد تنظيم طالبان ومطار كابول ويتوعد الجميع إذا لم يسيطر هو على حكم البلاد.
وجاء الإعلان البريطاني بعدإعلان أمريكي عن وجود نحو 2000 مقاتل من عناصر هذا التنظيم الإرهابي في أفغانستان، وذلك عقب ساعات من إنهاء الولايات المتحدة، الليلة الماضية، وجودا عسكريا امتد لنحو 20 عاما في أفغانستان، لتنتهي بذلك فصول أطول حرب في تاريخ الولايات، كما أنهت بريطانيا وجودها العسكري في أفغانستان، الاثنين، لكن التطورات على الأرض لا تشي بأن الصلة بين الغرب وأفغانستان ستنتهي، خاصة مع شن تنظيم "داعش خراسان" هجمات دامية في مطار كابل، الأسبوع الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 170 شخصا، بينهم 13 جنديا أمريكيا.
عودة داعش
داعش عاد ليطل بوجهه القبيح مرة أخرى من خلال أفغانستان، التي باتت أرضا خصبة ومرتعا لإيواء عناصره وتدريبها على سفك الدماء بمختلف الأشكال، وكانت البداية مع تحذيرات من شنه هجمات إرهابية في العاصمة كابل، وسرعان ما وقعت تلك الهجمات مخلفة حصيلة ثقيلة، حيث تبنى التنظيم الإرهابي التفجيرين الداميين اللذين وقعا خارج مطار كابل، مما أسفر عن مقتل 72 شخصا.
علاقته بطالبان
يعرف تنظيم "ولاية خراسان" بأنه العدو اللدود لحركة طالبان، وقد خاض الطرفان معارك عنيفة في الماضي، حيث اعتبر "داعش خراسان"، حركة طالبان، غير متمسكة بـ"تعاليم الإسلام"، وتناقلت وسائل إعلام محلية، الخميس، بيانا لم يتسن التأكد منه يتهم فيه "داعش خراسان" حركة طالبان بأنها "شريكة الجيش الأمريكي" وتساعده على "إجلاء جواسيسه" من أفغانستان.
وفي الماضي القريب، تبادلت طالبان و"داعش خراسان" شن الهجمات المميتة ضد بعضهما البعض.
بداية التنظيم
تأسس هذا التنظيم في أفغانستان عام 2015، ويحمل اسما قديما لآسيا الوسطى التي تضم أفغانستان، وفق صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، وارتكب فظائع يندى لها الجبين في أفغانستان، مثل ذبح 16 شخصا بينهم رضيعان حديثا الولادة في مستشفى تديره جمعية أطباء بلا حدود في كابل عام 2020، إضافة إلى هجوم مسلح على جامعة كابل في العام نفسه مما أدى إلى مقتل 22 طالبا.
وكذلك استهدف مدرسة للبنات في العاصمة الأفغانية بعدة سيارات مفخخة ما أسفر عن سقوط أكثر من 40 قتيلا.
قادة التنظيم
وجاء انطلاق الفرع الجديد من داعش، بعدما اختار زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الباكستاني حافظ سعيد خان، المقاتل السابق في حركة طالبان باكستان "أميرا" لـ"داعش خراسان".
وكان خان قد بايع البغدادي زعيما في عام 2014، جالبا معه عددا من قادة طالبان باكستان.
وتولى القيادي السابق في حركة طالبان الأفغانية، عبد الرؤوف كاظم، منصب نائب خان.
ويضم تنظيم "ولاية خراسان" خليطا من المسلحين المتنمين في السابق إلى فصائل مسلحة مثل طالبان باكستان و"جماعات عسكر الإسلام" الإرهابية، و"شبكة حقاني" في أفغانستان، و"جماعة الدعوة"، والحركة المتشددة في أوزباكستان.
ووصل عدد مسلحي التنظيم الإرهابي إلى نحو 3- 4 آلاف في عام 2016، إبان توسع التنظيم الأم "داعش" في سوريا والعراق.
لكن التنظيم مني بنكسات عسكرية متتالية في ولاية غوزغان، شمالي أفغانستان، عام 2018 بحسب تقرير للأمم المتحدة.
ويقول مركز الدراسات الاستراتيجية إن قدرة داعش في أفغانستان تراجعت كثيرا، إلى حد أن عدد مسلحيه أصبحوا ما بين 1500 و 2000 فقط في 2018.
وعلى الرغم من تعرض "داعش خراسان" لضربات قوية وخسارة الكثير من مصادر التمويل في 2020، إلا أنه لا يزال يحتفظ بقوة عسكرية في مناطق صغيرة، بولايتي كونار وننغرهار شرقي كابل.
ويعمل التنظيم حاليا على طريقة اللامركزية والخلايا الصغيرة، مثل تلك التي نفذت الهجوم في مطار كابل، وتشكل طريقة التنظيم الحالية خطرا على أفغانستان والمنطقة ككل، وفق تقرير مركز الدراسات الأمريكي.
وقتل زعيم "ولاية خراسان" الأول حافظ خان ومعه 30 مسلحا من التنظيم في غارة أميركية بطائرة دون طيار عام 2015.
وحلّ مكانه شخص يدعى "عبد الحسيب"، قتل هو الآخر في هجوم للقوات الخاصة الأفغانية في عام 2017 بولاية ننغهار شرقي أفغانستان.
ويعتقد أنه العقل المدبر للهجوم الذي استهدف المستشفى العسكري في العاصمة كابل في العام نفسه، مما أسفر حينها عن مقتل نحو 50 شخصا.
ولم يبق خليفته، المدعو "أبو سيد" سوى شهرين في موقعه قبل أن يقتل مع مسلحين آخرين في التنظيم، جراء غارة أمريكية في ولاية كونار.
ويعتقد أن زعيم "داعش خراسان" منذ يونيو 2020 شخص يطلق على نفسه "الشاب المهاجر"، كما يحمل اسما آخر هو "سناء الله".
وتولى هذا الشخص القيادة، بعد اعتقاله الزعيم السابق "أسلم فاروقي" على أيدي القوات الخاصة الأفغانية.
ويعتقد أن "الشاب المهاجر" كان قياديا متوسطا في "شبكة حقاني"، وربما لا يزال على تواصل مع هذه الحركة الإرهابية.