مقومات نجاح المشروعات العقارية
لا شك أن التطور الذي تشهده السوق العقارية والمسارعة نحو الوجود بكثافة للعديد من المطورين العقاريين -سواء أصحاب الخبرة منهم أو دون خبرة- والتوسعات الجارية في مساحات العمران بالمدن الجديدة في شتى أنحاء مصر وفتح الباب من جانب الدولة وإعطاء المزيد من الحرية للمستثمرين -سواء بالشراكة أو بالاستثمار الكامل في مشروعات بمساحات كبيرة- هي فكر رائد يتماشى مع الرغبة في إحداث التغيير وتحقيق أهداف التنمية العمرانية المخططة لرؤية «مصر 2030» الخاصة بزيادة مساحة العمران من7% إلى 12%، ولكن لكي يتحقق الهدف بإنجاز تلك المشروعات وجذب قطاع كبير من العملاء المرتقبين إليها يجب أن يصاحب ذلك تقارب من المطورين العقاريين مع فكر الدولة من حيث الجانب التخطيطي لتلك المشروعات فنيًّا، وتعقبه بالتبعية استراتيجيات إدارية وتسويقية وبيعية وغيرها من عناصر صناعة التطوير العقاري بدءًا من تخطيط المشروع وحتى تسليم الوحدات في شكلها النهائي في زمن التطوير المتفق عليه.
وقد جاءت توجيهات القيادة السياسية بإلزام الشركات العقارية بإنجاز 30% من حجم أي مشروع أو على أقل تقدير إيداع ما يعادل الـ30% من تكلفة المشروع المخططة في حساب مخصص لذلك قبل البدء في تسويقه أو الإعلان عن فتح باب البيع به بهدف حماية حقوق المشترين في هذه المشروعات، وتقوم الحكومة حاليًّا بدراسة القرارات والاشتراطات التي تحقق هذا الهدف الذي لا يختلف أحد على الإطلاق على أهميته في تنظيم السوق العقارية في الوقت الحالي، ويتم تطبيق ذلك في عدد من الأسواق المحيطة في دبي والسعودية.
ومن خلال خبرة عملية كمطور عقاري على مدار 40 عامًا في تطوير أكثر من 100 مشروع عقاري داخل مصر وخارجها فإن تطبيق هذه القرارات بالسوق في مصر يجب أن يراعي المشروعات الجاري تنفيذها حاليًّا بالنظام المعمول به في السابق، ويجب أن يتم تطبيق أي قرارات أو اشتراطات جديدة في هذا الخصوص على مراحل ومن خلال برنامج زمني يسمح للشركات بتوفيق أوضاعها دون التأثير على الشركات المتوسطة والصغيرة، ويسمح لها أيضًا بالاستمرار في السوق بما لا يؤدي إلى وقف نشاطها والخروج من السوق وتعطل العمل في هذه المشروعات وعدم استكمالها وخسران عدد كبير من العاملين والعمال في هذه المشروعات والشركات لوظائفهم، بالإضافة إلى النتائج السلبية على المتعاملين والمشترين من هذه الشركات.
ومن جانب آخر أؤكد وأنصح بأهمية الإنجاز المرحلي للمشروعات من خلال تقسيم المشروع إلى مراحل والعمل على الانتهاء منه وتسليمه وتشغيله على مراحل، حيث يسمح ذلك للعميل بالسكن والاستفادة بالوحدة في المراحل التي انتهت بالتوازي مع العمل في مراحل أخرى بالمشروع، وقد كانت لي تجربة سابقة ونجحت في تحقيق ذلك في السابق، سواء في مساحات صغيرة في حدود 25 فدانًا كما في «مينا 1» و»مينا 2»، وكذلك في مساحات كبيرة 250 فدانًا في «مينا جاردن سيتي» في 6 أكتوبر، وكان لذلك أثر كبير في نجاح المشروع من حيث تسليم الوحدة للعميل وقيام الشركة بمساعدته على استخدامها والإقامة فيها قبل موعد التسليم المحدد بالتعاقد من خلال تنفيذ مرافق مؤقتة تحقق ذلك، وساعد ذلك بشكل كبير على زيادة سعر البيع، وكذلك سرعة البيع للوحدات بالمراحل التالية بالمشروع وتحقيق الأهداف المالية المخططة.
وتنفيذ المشروعات وتسليمها للعميل على مراحل ينعكس بدوره على نجاح المشروع، ويلفت انتباه العملاء إلى المشروع مع تزايد وتيرة الإنجاز وتسليم الوحدات للعملاء المشترين، وهذا ما يستدعيني لأن أعول على أهمية التخطيط المرحلي وفوائده لإنجاز المشروع وتسويقه وبيعه وتسليمه على مراحل بحيث يتم إنجاز كل مرحلة بمنتج عقاري صالح للسكن، ويؤدي ذلك إلى زيادة حركة البيع والتسويق وإحداث طفرة في التدفقات النقدية التي تؤثر بالإيجاب على المراحل المتتابعة للمشروع، كما يعد ذلك بمثابة ضامن رئيسي لمصداقية المطور في السوق العقارية ككل وتعبيرًا عن التزامه بالتسليم في الوقت المحدد وبالمواصفات المطلوبة.
بالإضافة إلى أن تطوير المشروع على مراحل يعطي فرصة للمطور العقاري لتطوير شكل المنتج العقاري ومستويات التشطيب ومواكبة أحدث التقنيات في المراحل اللاحقة بما يتماشى مع الدراسات التسويقية وبما يتماشى مع الطلب الفعلي وحاجة السوق، علاوة على تعظيم ربحية المشروع جراء تزايد قيمته بعد شغل المراحل السابقة وتجنب مخاطر الخسارة في المراحل الجديدة.
ويؤكد ذلك أن العديد من الشركات بالسوق حاليًّا التي حققت نجاحات وزادت من حصتها في السوق وتعاظمت استثماراتها انتهجت تطوير مشروعاتها على مراحل متلاحقة الإنجاز والتسويق وتسليم الوحدات في موعدها للمراحل التي تم إنجازها.