ننشر كلمة قائد القوات البحرية بمناسبة الأحتفال بعيدها الـ 54
تحتفل القوات البحرية المصرية بعيدها 54 الموافق 21 أكتوبر من كل عام .
وبمناسبة تلك الذكري الخالدة ، وجه السيد قائد القوات البحرية الفريق أحمد خالد كلمة جاء نصها كالتالي :
فى مثل هذه الأيام من كل عام تهب رياح النصر محملة بذكريات الفخر والعزة والكرامة التى تعلو جبين قواتنا البحرية فمنذ 54 عام مضت شهدت المنطقة أروع نصر بحرى والذى غير مفاهيم إستخدام الصواريخ البحرية وجعل العالم ينظر الينا نظرة إحترام وتقدير.
يوم الحادى والعشرين من شهر أكتوبر عام 1967 كان أكبر برهان على قوة وعزيمة رجال قواتنا البحرية، يوم أن قامت لنشات الصواريخ بملحمة بحرية استطاعت فيها أن تلقن العدو درساً قاسياً و ان ترسم علامة فارقة وتحولا جوهريا فى الفكر الإستراتيجى البحرى بإغراق أكبر وحدة بحرية له ( المدمرة إيلات الإسرائيلية ) أمام سواحل المدينة الباسلة (بورسعيد) بإستخدام الصواريخ البحرية لأول مرة فى تاريخ البحريات العالمية وأعتبرت بشهادة الخبراء أحد أعظم الإنتصارات البحرية. تحتفل قواتنا البحرية اليوم بعيدها الرابع والخمسين يوم أحيت الأمل فى قلوب الشعب المصرى العظيم لكسر قيود الإحتلال وبدء تحرير الأرض ورد الإعتبار.
لقد إمتزجت فى ذلك اليوم إرادة أبطال القوات البحرية بصبر وعزيمة الشعب المصرى العظيم الذى رفض الهزيمة ليجعل من هذا اليوم يوم المجد والعزة والكرامة يوم الشرف والفخر و يوم رد الإعتبار إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من البذل والعطاء ولازلنا على هذا الدرب فى هذه المرحلة الدقيقة نعمل بكل جدية وعزم فى ظل قيادة سياسية لها رؤية مستقبلية أكدت مراراً أنه لن يتم أبداً فرض أمراً واقعاً ضد إرادة هذا الشعب العظيم .
وإنه لمن دواعى الشرف أن يتزامن هذا الإحتفال مع أعياد مصر والقوات المسلحة بنصر أكتوبر المجيد الذى أعاد لمصر مجدها ورفعتها وأرضها بتوفيق الله عز وجل و قوة وعزيمة الرجال.
اليوم نستحضر عظمة الماضى ونفخر بما يتحقق لنا فى الحاضر نشعر ونرى القفزة الهائلة التى تتحقق الآن لأمتنا وإعادة بناء دعائم وركائز الدولة المصرية وتقوية أركانها والتى إمتدت رياحها للقوات المسلحة ومنها لقواتنا البحرية لتشمل جميع المناحى من تطور فى التسليح والتدريب والعنصر البشرى المحترف القادر على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والبنية التحتية التى تتناسب مع مطالب الوقت الحالى وما تم توفيره من دعم كامل من القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة نحو إمتلاك قدرات قتالية حقيقية تؤهلنا للعمل فى المياه العميقة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة المصرية ومواجهة ما يفرضه الوضع الراهن فى المنطقة من تحديات كبيرة فى مجال الأمن البحرى بمناطق عمل قواتنا البحرية بالبحرين المتوسط والأحمر والتى يغلب عليها الآن صراع محتدم على مصادر الثروة و الطاقة والموارد الطبيعية وأن تكون القوات البحرية وبحق أحد أذرع الدولة القوية القادرة على الحفاظ على الأمن القومى المصرى وعلى ثروات الأجيال القادمة لسنوات وعقود طويلة .
ويتضمن تطوير القوات البحرية فى مكونه العام تزويدها بعدد من الوحدات البحرية ذات الطبيعة والمهام القتالية الخاصة من مختلف الطرازات والحمولات كحاملات المروحيات طراز ميسترال و الفرقاطات طراز فريم و جوويند والفرقاطات الشبحية طراز ميكو 200 والغواصات طراز 209 ، إضافة إلى عدد من لنشات المرور القريب والبعيد واللنشات القتالية المدرعة للقوات الخاصة البحرية.
وفى ظل ثورة التطوير الشاملة الغير مسبوقة كان توجه قواتنا البحرية تنفيذا لرؤية القيادة السياسية هو ضمان عملية نقل تكنولوجيا التصنيع المحلى بأيدى و سواعد وعقول مصرية تمثلت فى مشروعات ضخمة لبناء الفرقاطات طراز (جوويند) والفرقاطة الشبحية طراز (ميكو 200) و لنشات المرور الساحلى و بناء الريبات القتالية المدرعة طراز (رافال 1200) كذا إكتساب الخبرات للكوادر الفنية فى مجال التصنيع للوحدات البحرية ذات التكنولوجيا الحديثة المتقدمة وطبقا لتخطيط دقيق يراعى عوامل الجودة مع التنفيذ فى زمن قياسى، يعتمد فى الأساس على ما تم تطويره من معدات للترسانات البحرية و برنامج كامل لتدريب الكوادر البشرية وتأهيلها من المهندسين والمهندسات والفنيين فى مختلف مناحى هذة الصناعة الإستراتيجية .
كما تم الإنتهاء من تشييد وتطوير عدد (5) قواعد بحرية حديثة بمسرحى عمليات البحرين المتوسط والأحمر وفق أحدث المتطلبات للقواعد البحرية المتطورة لتكون نقاط إرتكاز لوحدات قواتنا البحرية بكافة طرازاتها ومطالبها اللوجيستية للعمل على كافة الإتجاهات الإستراتيجية فى آن واحد وبقدرات قتالية عالية مما جعل القوات البحرية قادرة على تأمين مصالح الدولة المصرية و أمنها القومى وبشكل خاص فى المياه الإقتصادية العميقة بهدف المحافظة على الأمن و السلام و الإستقرار فى المنطقة. لم يقتصر التطوير على التسليح و البنية التحتية فقط بل إمتد ليشمل تطوير المكون البشرى والذى نحرص دوما على إنتقائه وتدريبه وصقل مهاراته من خلال رؤية شاملة تعتمد على التحول من أنشطة تدريبية نمطية إلى أنشطة تدريبية تحقق الأهداف العملياتية و الإستراتيجية للقوات البحرية وتواكب التطور التكنولوجى للوحدات البحرية المنضمة حديثاً للقوات البحرية بتحقيق مبدأ الواقعية فى التدريب بتنفيذ التدريب فى ظروف مماثلة لظروف العمليات الفعلية وبنفس مسارح العمليات المنتظرة.
أدى تنامى قدرات القوات البحرية إلى سعى العديد من بحريات الدول الشقيقة والصديقة التى تمتلك بحريات متقدمة إلى تنفيذ العديد من التدريبات المشتركة لما وصلت إليه البحرية المصرية من مستوى إحترافى عالى يجعلها فى مصاف أقوى البحريات فى العالم.
بمناسبة هذا اليوم العظيم أحب أن أرسل لكم رسالة طمأنينة فمازال جهد رجال القوات البحرية وعطائهم الدؤوب قادر بسواعد وعقول أبنائها الأبطال على تأمين مقدرات الدولة الإقتصادية بمسرحى عمليات البحرين المتوسط والأحمر من السلوم إلى رفح شرقا وحتى مضيق باب المندب جنوباً وكذا تأمين الموانىء والجزر المنعزلة والأهداف البحرية الحيوية والخطوط الملاحية التجارية وفرض قوانين الدولة في البحر وإحترام السيادة المصرية في المياه الإقليمية إلى جانب تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس فى الإتجاهين الشمالى والجنوبى ودعم إستقرار الأمن البحرى وحرية الملاحة البحرية.
وظهر الدور الفعال لرجال القوات البحرية فى القضاء على الهجرة غير الشرعية والتى حظيت بإشادات دولية من الأمم المتحدة وكذا مكافحة أعمال التهريب بكافة أشكالها. كما تقوم القوات البحرية بدور لا يقل أهمية عن معاركها السابقة فى قتالها الشرس ضد قوى الإرهاب والظلام فى العملية الشاملة على أرض سيناء الحبيبة بالتعاون مع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة والجيوش الميدانية . الحمد لله وبفضله نمتلك اليوم قوة بحرية متطورة تمكنا من ردع كل من تسول له نفسه تهديد مصالحنا القومية و تعطى لأمتنا المصرية صوتاً مسموعاً وعلماً خفاقاً يجوب العالم يحمل للجميع رسالة هذه الأرض الطيبة رسالة سلام و إستقرار وبناء وأمن تحميها قوة بحرية لا تتهاون فى حق مصر وهى قادرة ومستعدة دائماً لتنفيذ كافة المهام التى توكل إليها من القيادة العامة للقوات المسلحة بكل كفاءة وحرفية وإقتدار في ظل التهديدات والتحديات الغير مسبوقة المحيطة بالدولة المصرية شعارها النصر بشرف أو الإستشهاد ببطولة.
اليوم و نحـن نحتفل بعـيد قواتِنا البحريةِ أود أن أهنئ أبنائى رجال القوات البحرية من قادةً وضباط وطلبة الكلية البحرية وضباط صف وجنود والعاملين المدنيين بعيدهم متمنياً لهم التوفيق والسداد لرفعة قواتِنا البحريةِ المجيدة كما أوصيهم بالحفاظ على الإستعداد القتالى ومواصلة العمل الجاد الطموح بلا كلل و المثابرة على تنفيذ كافة المهام لتحقيق أفضل النتائج مع الجاهزية والإستعداد الدائم لمجابهة كافة التهديدات والتحديات لوطننا المفدى مصر كما أود أن أرســل تحية فخر وإعـــزاز وعرفان بالجميل لرواد القوات البحرية الأوائل وقادتها المخلصين لما بذلوه من جهد وعمل مخلص و دؤوب طوال رحلـــة عطائهم بالقوات البحرية .
كما أحـــيّى أرواح شهدائنا الأبرار الذين ضـحــوا بأرواحِـــهِم الطاهرة وكذا مصابى العمليات الذين جادوا بأنفسهم فى سبيل إعلاء كلمة الحق ورفعة هذا الوطن المفدى .
كما أتوجه بالشكر العميق للقيادة السياسية الحكيمة التى أولت إهتماماً كبيراً خاصاً لبناء قوة بحرية قادرة رادعة فى قلب منطقة تنوء بعواصف إقتلعت شعوباً من جذورها فى ظل ظروف إقتصادية دقيقة وبرنامج إصلاح إقتصادى حازم .
كما أتقدم بالشكر والتقدير للقيادة العامة للقوات المسلحة على الدعم المتواصل واللا محدود والمتابعة لكافة أنشطة القوات البحرية وعلى إجراءاتها فى إنجاح جميع خطط القوات البحرية تسليحاً وتدريباً وتنظيماً .
نعاهد الله والوطن على أن نبذل كل جهد ممكن وأن نكون دائماً مستعدين لتنفيذ كافة المهام التى تسند إلينا من القيادة العامة للقوات المسلحة مدعومين بثقتنا بالله تعالى وفى أنفسنا وفى رجالنا وعزيمتهم وإصرارهم وصدقهم .
حفظ الله مصر وحفظ الله جيشها الأبى وشعبها العظيم على كلمة الحق وقلب رجل واحد وعاشت مصر قوية أبية مصانة .