مأزق أوروبا.. أرباح أسعار الغاز المرتفعة تصب في خزائن موسكو مباشرة
يعتمد ملايين الأشخاص في أوروبا، على تشغيل التدفئة في منازلهم، ولا يفكرون من أين مصدر الطاقة الخاص بهم، ناهيك عن المكان الذي تذهب إليه الأموال التي تدفعها مقابل هذه الطاقة، أي أن هناك فرصة جيدة لتدفق الأموال إلى الدولة الروسية، والكثير منها في صندوق حرب الرئيس فلاديمير بوتين.
وهناك مخاوف حالية من أن الكرملين قد يوقف إمدادات الغاز الطبيعي عن الاتحاد الأوربي، ردا على دعمهم لأوكرانيا. فقد أرسلت أوروبا من بين حلفاء آخرين، أسلحة ومساعدات لأوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد الغزو الروسي.
روسيا عملت على بناء شبكة من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي في جميع أنحاء أوروبا منذ الستينيات، وحذرت واشنطن حلفائها الغربيين منذ ذلك الحين من أن المزيد من الغاز الروسي سيجعل الأوروبيين أكثر عرضة لنفوذ موسكو.
لقد مر أكثر من أسبوع، لكن حتى الآن، سمحت روسيا بتدفق الغاز، لكن ذلك يمثل مشكلة أخرى، حيث تجني روسيا مئات الملايين من الدولارات يوميًا من صادراتها من النفط والغاز، مما يقوض العقوبات المالية التي فرضتها القوى الغربية لخنق تمويل جهود بوتين الحربية.
ويتصارع الاتحاد الأوروبي- أكبر مستهلك للغاز بروسيا- الآن مع حقيقة أن إنفاقه على الطاقة ساعد في تمكين بوتين من شن حرب على حدوده.
حسب مركز الفكر الاقتصادي في بروكسل، فإنه ومع ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، ارتفعت قيمة صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى الاتحاد الأوروبي إلى حوالي 500 مليون يورو (545 مليون دولار) يوميًا. هذا ارتفاع من حوالي 200 مليون يورو (220 مليون دولار) في فبراير. قبل الغزو، كانت روسيا أيضًا تصدر نفطًا بقيمة مئات الملايين يوميًا إلى أوروبا.
على صعيد الدول، وبحساب الغاز وحده، تعتمد 27 دولة على روسيا في نحو 40٪ من احتياجاتها.
بدورها، تحتاج روسيا إلى أموال أوروبا، إذ بلغت عائدات روسيا من النفط والغاز في عام 2021، 9.1 تريليون روبل روسي، والتي تحولت في يناير من هذا العام إلى 119 مليار دولار، حسبما ذكرت رويترز. ويشكل ذلك 36٪ من ميزانية الدولة.
تبلغ احتياطيات موسكو الآن 630 مليار دولار، وهي بأعلى مستوياتها على الإطلاق، مما يجعل صندوق حربها ضخم. لكن قوتها المالية مقيدة بشدة بالعقوبات الغربية والتي يقدر محللون أنها جمدت حوالي نصف تلك الأصول.
هذه العقوبات تضر بالاقتصاد الروسي، لكنها لم تستهدف حتى الآن صادرات الوقود الأحفوري بشكل مباشر، لذلك تشعر الحكومات الغربية بالقلق من ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف المعيشة. في النهاية، يريدون الغاز الروسي، على الأقل، أن يستمر في التدفق.