ثلث مصانع الصلب في الصين قد تتعرض للإفلاس بسبب أزمة العقارات
تدخل صناعة الصلب في الصين حقبة جديدة محفوفة بالمخاطر في الوقت الذي تهدد فيه أزمة العقارات المتفاقمة الطلب، ويتداعى بشكل متزايد نموذج النمو المدفوع بقطاع الإنشاءات في بكين.
حذّر لي غانبو، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة "خبي جينغيي ستيل غروب" (Hebei Jingye Steel Group)، في اجتماع عقدته الشركة في يونيو، من أن ما يقرب من ثلث مصانع الصلب في الصين قد تتعرض للإفلاس نتيجة أزمة من المحتمل أن تستمر لخمس سنوات، وقال، بحسب نص الاجتماع الذي اطلعت عليه "بلومبرغ نيوز": "القطاع بأكمله يخسر المال ولا أرى نقطة تحول في الوقت الحالي".
تفاقم أزمة العقارات
تفاقمت أزمة العقارات العام الجاري، وحاصرت المطورين والبنوك، وأجبرت بكين على تخفيف طموحات النمو، وتتعرض مصانع الصلب التي أنتجت أكثر من مليار طن العام الماضي، أي نحو نصف الإنتاج العالمي، للركود بشدة الذي ضرب أيضاً أسعار خام الحديد وشركات التعدين من أستراليا إلى البرازيل.
بعد أكثر من عام من آلام القطاع العقاري، تزداد الآفاق سوءاً إذ ترفض الحكومة تقديم حزم إنقاذ كبيرة وتُبقي على القواعد الصارمة للديون. انخفض مؤشر مديري مشتريات الصلب لشهر يوليو إلى أدنى قراءة له منذ عام 2008. ويتوقع "غولدمانساكس" هبوط الطلب بنسبة 5% العام الجاري، ويمثّل قطاع العقارات ما لا يقل عن ثلث الطلب الصيني على الصلب.
علامات إجهاد
بخلاف الأزمة الحالية، تواجه صناعة الصلب تحديات بالغة في ظل علامات الإجهاد التي تبدو على نموذج النمو الذي دفع الاقتصاد الصيني لعقود من الزمن. ويبدو الرئيس شي جين بينغ متردداً في استخدام مستويات الإنفاق على البنية التحتية والتحفيز المالي التي أعادت الانتعاش إلى القطاع بعد الأزمة المالية العالمية وتراجع سوق العقارات في 2015-2016.
قال ليلاند ميلر، الرئيس التنفيذي لـ"تشاينا بيج بوك انترناشونال" (China Beige Book International)، المتخصصة في متابعة صناعة الصلب: "هذه المرة الأمور مختلفة حقاً. ففي ظل فقدان القطاع العقاري دوره كمحرك بارز للنمو، فإن سلعاً رئيسيةً مثل الصلب لم تعد تتمتع بمزايا الاستفادة غير المحدودة من الائتمان".
على المدى القصير، فإن العقبة الرئيسية أمام الصلب هي المخزون الكبير من العقارات غير المكتملة، والتي برزت نتيجة أحدث موجة من مقاطعة الرهن العقاري. كما تراجعت أسعار الصلب المخصص لأغراض الإنشاءات، بجانب هبوط حديد التسليح الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى لها في عامين، وهذا رغم انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته وفقاً لبيانات "مايستيل" (Mysteel) التي تعود إلى عام 2015.
أوقات صعبة
"الطلب يتراجع سريعاً" على حدّ قول شياو زونهو، رئيس مجلس إدارة شركة "خونان فالين ستيل كو" (Hunan Valin Steel Co) الحكومية، في اجتماع للصناعة في بكين الأسبوع الماضي حيث حذّر متحدث تلو الآخر من قدوم أوقات صعبة.
وفي نفس الاجتماع قال تشين شاوهوي، نائب رئيس "جاينغسو شاغانغ غروب" (Jiangsu Shagang Group)، إن الأسواق "ستظل معقّدة وصعبة" في نصف العام الحالي، وإن التدابير التحفيزية بحاجة إلى الوقت للتطبيق.
ضعف الطلب طال مكوناً رئيسياً في صناعة الصلب، وهو خام الحديد، حيث تراجعت عقوده الآجلة اليوم الثلاثاء في سنغافورة، وذلك لليوم الثالث، وانخفضت بنحو 36% من ذروة وصلت إليها في أوائل مارس. قالت شركة "ليبروم كابيتال" (Liberum Capital) في تقرير، اليوم الثلاثاء، إن صناعة الصلب في الصين "في انكماش حاد من جميع النواحي"، وأبقت على توصية بيع شركات التعدين "بيإتش بي غروب" (.BHP Group Ltd) و"ريو تينتو" (Rio Tinto Plc) و"أنتوفاغاستا" (Antofagasta Plc).
مجال محدود للمناورة
قد يكون لدى صانعي الصلب مجال محدود للمناورة فيما يتعلق بخفض الإنتاج، إذ تمارس الحكومات المحلية ضغوطاً على المصانع للحفاظ على النشاط للحيلولة دون ضعف البيانات الاقتصادية، وفق مسؤولين تنفيذيين من أربعة منتجين، والذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لحساسية الأمر.
كان يُنظر إلى مصانع الصلب في وقت من الأوقات على أنها قوى مؤثرة للتوسع الاقتصادي بالصين، مع نمو بعضها من ورش صبٍّ ريفية إلى تكتلات بمليارات الدولارات، ورغم أن النشاط العقاري يجب أن يتوقف عن الانكماش في مرحلة ما، فإن فرصه في تحقيق هذا النوع من الازدهار الذي دعم أكبر اقتصاد في آسيا على مدى العقود القليلة الماضية تبدو ضئيلة.
قال تشو غوسين، نائب مدير معهد أبحاث التكنولوجيا التابع لمجموعة "شوغانغ غروب" (Shougang)، خلال الاجتماع في بكين: "سيكون الربع الثالث هو أصعب وقت على الصناعة. يجب أن نتخلى عن أي أوهام بشأن السوق ونركّز على ما يمكننا فعله بأنفسنا".