الخميس، 21 نوفمبر 2024 05:12 م
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
مقالات

إعادة تدوير التعليم

الأحد، 06 نوفمبر 2022 10:50 ص

اتخذت منظومة التعليم في مصر خطوات جادة نحو الاصلاح ومواكبة تغيرات العصر بدءاً من استخدام التابلت والذى واجه انتقادات كثيرة ولكنه كان اللبنة الاولي نحو التأكيد على ضرورة مواكبة التكنولوجيا وتغير متطلبات التعليم والحياة العملية بصورة عامة .

فلسنوات طويلة عانينا من عدم تطور منظومة التعليم واقتصارها على الصورة التقليدية كذلك اقتصر طموح الأهالي والطلاب على الالتحاق بكليات القمة وهم الذين اطلقوا عليها لقب "القمة" مثل الطب والهندسة وكان الطموح والمسميات الغير واقعية سبب فى دمار التعليم وزيادة معدلات البطالة واختفاء عدد من المهن والحرف التى نحتاج اليها بشدة ، فعانى التعليم الفنى لسنوات وسنوات من الاهمال والانهيار وهو ما أثر سلبيا على العديد من الصناعات ومعدلات تنفيذ المشروعات وكذلك تصدير العمالة الماهرة للخارج .

فالآن، وقد آن الاوان للاهتمام بالتعليم الفنى وتبنى مشروع قومي للاهتمام به سواء التقنى والذى أصبح ضمن متطلبات العصر الحالي وهناك العديد من الكليات التى تعتمد على التقنيات والتكنولوجيا او التعليم الحرفى والفنى والذى يبدأ من مراحل تعليمية مبكرة مثل الاعدادية والثانوية .

وهناك جهود ملموسة بالفعل لرفع كفاءة التعليم الفنى بمصر ولكنها تتطلب نشر التوعية للأهالي بأهمية تلك المنظومة ومستقبلها الباهر من الناحية المعيشية وافادة المجتمع والغاء النظرة الغير صحيحة لتلك الحرف فالعامل الماهر فى مجال "اللحام" على سبيل المثال تزيد يوميته عن 1000 جنيه كما ان هناك طلب متزايد على العمالة الماهرة فى مصر وبدول الخليج العربي وافريقيا .

فمع حركة التنمية والتطوير التى تشهدها مصر الآن والمشروعات الكبري التى تم تنفيذها منها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمدن الجديدة والبنية الاساسية القوية ، فكل تلك المشروعات تطلب تنفيذها عمالة ماهرة ومازال يحتاج الاستثمار بها الى عمالة ايضاً وبالتالى امامنا سنوات وسنوات من التنمية تحتاج الى المزيد من الايادي العاملة لتحقيقها وهناك خطة لتطوير الصناعة المصرية وتقليل الاعتماد على الاستيراد ومازالت خطط التنمية والتطوير تسير بمصر بصورة سريعة .

وليكن لدينا عبرة بأزمة الجائحة التى مر بها العالم خلال السنوات الثلاثة الماضية فكانت اغلب الصناعات مرتكزة بالصين وفور حدوث الجائحة ونقص الانتاج ظهرت مشكلات اقتصادية عديدة نعانى من اثارها الان ومازالت مصر تتبنى اجراءات اصلاحية واقتصادية لتقليل الاثار السلبية لتلك النتائج وتحسين مستوى جودة وحياة المواطنين .

فنحن نحتاج الان الى ثورة حقيقية فى نوعية فرص العمل المطلوبة وتوعية الاجيال الجديدة بها فنحتاج بجانب المهندس والطبيب الى فنى وتقني ومصنعين ذات خبرات ومهارات تعليمية تواكب التكنولوجيا المتطورة ومتطلبات العصر ، وعلى الجميع ادراك ان التعليم التقليدي لم يعد الان مناسب لمتطلبات العصر وهناك مهن قد تختفى فى الاجل القريب منها الحسابات مع دخول التكنولوجيا المتطورة .

ويجب فى المراحل العمرية المبكرة زراعة تلك الافكار بالاعتماد على التكنولوجيا فى التعليم وايضا توفير ورش صغيرة لتعليم الحرف واتاحة فرص اكتشاف مواهب الطلاب فى ذلك المجال واهتمامتهم حال رغبتهم استكمال الدراسة المهنية كما لابد من تطوير المدارس الصناعية والمهنية وهى بالفعل تشهد تطوراً ملحوظاً وتعاون بين وزارة التعليم وعدد من رجال الاعمال وشركات القطاع الخاص والذين اكدوا على الاحتياج الفعلى الى تطوير تلك المنظومة وتوفير العمالة الماهرة .

كما يجب اعادة تدوير التعليم فهناك الالاف من الشباب الحاصلين على شهادات جامعية بتخصصات تواجه زيادة فى عدد الخريجين وعدم الاحتياج الى موظفين جدد وفى المقابل هناك مهن تعانى من نقص حقيقي فى عدد العمالة ، فعلى سبيل المثال تشهد مصر اهتماماً بالمجال الفندقى والسياحي ونعانى من نقص فى عدد العاملين الماهرين فى ذلك المجال فلماذا لايتم تدريب شباب من كليات اخري على مهارات تلك المهن .

واقترح فى ذلك الصدد استقدام الخريجين الراغبين فى الحصول على فرص عمل لأخذ دورات تدريبية مكثفة لمدة 6 اشهر فى مهارات وتقنيات عدد من المهن التى تحتاج الى عمالة حقيقية وبمجرد انتهاء تلك الدورات يتم توظيفهم ونكون حققنا المعادلة الصعبة بتقليل البطالة وسد احتياجات سوق العمل وهو حل يؤتى بثمار جيدة على الاجل القصير بجانب المقترحات التى تحدثنا عنها لتغير الفكر والتوعية باهمية التعليم الفنى والتقنى والتى قد تحتاج الى وقت اطول لتحقيق التطبيق الناجح .

فالمجتمع المصري يحتاج كل المهن والحرف ، والاتقان فى العمل والحرص والقلق على نجاح العمل هو ما يحقق النجاح للفرد والمجتمع ككل ، واذا تحول العمل الى روتين فذلك طريق عدم النجاح ويجب ان ننمي ثقافة عدم قبول اى منتج او مردود اقل اتقاناً وجودة لتحفيز الجميع على الاتقان والعمل الناجح .

رئيس وزراء مصر الأسبق