22 عملة بالأسواق الناشئة تراجعت هذا العام بسبب ارتفاعات الدولار الأميركي
شهدت عملات الأسوق الناشئة والتي بلغ عددها 22 عملة تراجعا خلال العام الجاري مع توالي الارتفاعات بقيمة الدولار الأمريكي.
تراجعت عملة تايوان إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من ثماني سنوات هذا الأسبوع، وهوت الروبية الهندية إلى مستوى قياسي، واقترب الرينغيت الماليزي من أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1998.
جميع عملات الدول النامية الرئيسية الـ23 التي تتعقب "بلومبرغ" أداءها انخفضت مقابل الدولار هذا العام، باستثناء عملة واحدة.
سر ارتفاع الدولار
تبلورت العوامل المحفزة للدولار في "المكانة الاستثنائية" التي تتمتع بها الولايات المتحدة.
ففي حين أن معظم الاقتصاد العالمي يشهد نموًا معتدلًا فقط، فإن البيانات الأميركية من التوظيف إلى مبيعات التجزئة إلى التضخم تجاوزت في كثير من الأحيان توقعات المحللين.
دفع ذلك المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما ساعد على تعزيز مكاسب الدولار.
ارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري، الذي يتتبع العملة الأميركية مقابل 12 عملة رئيسية، بأكثر من 4% هذا العام.
لماذا تراجعت عملات الأسواق الناشئة؟
كان الدولار القوي واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، هما المحركان الرئيسيان.
يبلغ الحد الأعلى لمؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي حاليًا 5.5%، وهذا يعني أن المستثمرين قادرون على الحصول على عوائد جذابة نتيجة الاحتفاظ بالدولار، من دون الاضطرار إلى تحمل مخاطر سعر الصرف المتمثلة في إرسال الأموال إلى الأسواق الناشئة.
وفي حين أن عددًا من الدول النامية يقدم عائدات أعلى مقارنة بالولايات المتحدة، إلا أن هذه الميزة تتقلص في كثير من الحالات. في بداية العام الماضي، كان سعر الفائدة في البرازيل 13.75%، وفي تشيلي 11.25%، وفي المجر 13%. منذ ذلك الحين، خفضت البنوك المركزية في الاقتصادات الثلاثة مجتمعة أسعار الفائدة الرئيسية بأكثر من 12 نقطة مئوية.
ما سبب حساسية العملات الآسيوية بشكل خاص؟
عانت العملات الآسيوية من أكبر الانخفاضات هذا العام، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن أسعار الفائدة في البنوك المركزية بالمنطقة أقل من معظم الأسواق الناشئة الأخرى.
على سبيل المثال، يقل المؤشر القياسي في ماليزيا بمقدار 2.5 نقطة مئوية عن مؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو عجز قياسي للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.
كما أن معدلات الفائدة في كلٍ من تايلندا وكوريا الجنوبية وتايوان والصين أقل من نظيراتها في الولايات المتحدة.
بينما باشر صناع السياسات في الولايات المتحدة رفع تكاليف الاقتراض على مدى العامين الماضيين، كان البنك المركزي في الصين يخفف سياسته لدعم الاقتصاد المتعثر.
أدى ذلك إلى تعرض اليوان لضغوط مستمرة، وتسرب ذلك إلى العملات الآسيوية الأخرى أيضًا، خاصة عملتي كوريا الجنوبية وتايوان اللتين تتمتعان بروابط اقتصادية وثيقة مع الصين.
إجراءات البنوك المركزية الآسيوية لدعم عملاتها
التوقعات المتزايدة بأن أسعار الفائدة الأميركية ستبقى مرتفعة جعلت البنوك المركزية الآسيوية تحجم عن خفض أسعار الفائدة لديها بسبب المخاوف بشأن الضعف المحتمل للعملة.
كذلك لجأ صناع السياسات في جميع أنحاء المنطقة إلى عدد من الأدوات لتعزيز عملاتهم.
فقد استخدمت الصين سعر الصرف اليومي لدعم اليوان، في حين سعت البنوك المملوكة للدولة إلى تعزيز العملة عن طريق بيع الدولار.
لجأ بنك إندونيسيا إلى استخدام احتياطياته من النقد الأجنبي لشراء الروبية، في حين شجع البنك المركزي الماليزي الشركات المرتبطة بالدولة على إعادة استثمار الدخل من الاستثمار الأجنبي محليًا وتحويله إلى الرينغيت.
لكن البنوك المركزية تعرف أنها تسلك مسارًا دقيقًا. فإذا استنفدت الاحتياطيات الأجنبية بسرعة كبيرة جدًا، فإن هذا قد يؤدي إلى مخاوف بشأن استقرارها المالي على المدى الطويل.
حتى بنك اليابان، الذي يمتلك الكثير من القوة للدفاع عن الين، لم يتدخل بشكل مباشر في السوق إلا ثلاث مرات في عام 2022 لدعم عملته.