خزائن الأرض

استوقفتني الآية الكريمة التى قال الله تعالى فى سورة يوسف

"قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"

كثيرًا لسببين: أولهما أننا نجد أن سيدنا يوسف عندما تقدم لطلب الولاية قدَّم تبريره بكونه حفيظًا على كونه عليمًا، أما السبب الآخر فهو علمي بمبدأ أن طالب الولاية لا يُولَّى، فكيف استقام ذلك مع تلك الآية الكريمة بطلب سيدنا يوسف الولاية لنفسه صراحة؟

ولكني بحثت مدققًا لأجد أن تفسير الآية الكريمة يوضِّح أنه إذا طرأت ظروف لا تحتمل التجربة وظهر من يجد في نفسه القدرة على القيادة في غير وجود أهل الخبرة للولاية فقد وجب عليه التقدم للولاية، وهي شجاعة لأنه طلب الولاية لنفسه في ظروف قاسية، وشجاعة لأنه لم يهتم بما سيقوله الآخرون عنه في طلبه ذلك لنفسه.

وما أقرب اليوم من البارحة، فقد شهدت مصر في يناير 2011 إلى 2013 حالة من التخبط وعدم الاستقرار، وأرى أن ذلك كان السبب الرئيسي ليتقدم إلى الصف الأول من رأى في نفسه القدرة، وأيده العموم على إدارة أمور البلاد والعباد.

وبعد مرور سبع سنوات من التغيير الذي كان ضروريًّا للحفاظ على البلاد، أرى أن يتقدم الرئيس بكشف حساب لما تم إنجازه خلال الفترة من 2013 وحتى تاريخه.

لا بد أن يذكر الرئيس للشعب ما تم تحقيقه بالأرقام والتواريخ في عدة ملفات مصيرية قائمة. مثال ذلك ملف التسليح وإعادة الجيش المصري إلى قائمة أقوى 10 جيوش في العالم، وكذلك ملف جائحة كورونا وما تم تنفيذه من خطط الإجراءات الوقائية والميدانية وما تم ضخه ماليًّا لتغطية هذا الملف.

الملف الاقتصادي، وهو الأخطر بوجه عام، ممثلًا في شبكة الطرق الجديدة التي هي بمثابة محور التنمية الحقيقي لسنوات عديدة قادمة.

ملف التعليم وما تم تنفيذه من تطورات ملموسة لاقت استحسان الكثيرين، غير أنه ما زال هناك الكثير من التحديات القائمة في هذا الملف.

ملف القضاء على فيروس سي، وكذلك الإنجازات غير المسبوقة في ملف الإسكان الاجتماعي التي تمت الإشادة بها من كثير من الجهات الأجنبية قبل المصرية.

ولا بد أيضًا من ذكر أن هناك ملفات لم يكن الإنجاز فيها على المستوى المتوقع، وما زالت التحديات فيها قائمة ولم تُحسم بعد، مع وجوب عرض خطط الإصلاح المقترحة لهذه الملفات.

ولذلك ما زلت أرى أنه في هذه الظروف الصعبة والتحديات القائمة ما زال من الضروري أن يلتف الشعب المصري خلف قيادته حتى لو كان هناك بعض الملفات التي لا تلقى استحسانًا منا، حتى يتسنى لنا العبور بسلام من الأزمات المتلاحقة وما يتبعها من تحديات متزايدة.

وفي النهاية ليس المقصود التشبيه بنبي الله يوسف عليه السلام، فالأنبياء في منزلة فوق منزلة البشر، ولكن المقصود هنا هو الاقتداء بما فعله الأنبياء، وهو حق مشروع لنا.

لم يذكر التاريخ المعترضين على قرارات نبي الله يوسف لإدارة موارد الدولة في أثناء الأزمة، ولكنه سجل عبور مصر تلك الأزمة كما حدث في كل الأزمات التي مرت بمصر عبر العصور.

وأخيرًا فإن دعم القيادة السياسية والالتفاف حولها وترك المجال لها لاتخاذ القرارات الصائبة واجب وطني على كل مواطن مصري شريف حتى نتمكن من التغلب على كل التحديات الراهنة.

عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري

نائب رئيس غرفة التطوير العقارى